«بروباغندا» أوغلو… سليمان شاه

فاديا مطر

بعد أن جلب ما يسمى «الربيع العربي» كل أشكال التطرف والعنف والانتهاك السافر لسيادة الدول التي مر على ترابها، وكرس تعاظم أنشطة الجماعات المتطرفة التي يحركها المجتمع الدولي عبر حكومات إقليمية تحت قيادة دولية واضحة تتوافق في دعمها آراء الإرهاب المتطرف لإحداث تغيير في أنظمة المنطقة التي تقف في وجه سياسة الهيمنة العدوانية، فهذا ما ردّ عليه نائب وزير الخارجية والمغتربين السوري الدكتور فيصل المقداد تجاه تسلل رئيس الحكومة التركية أحمد داوود أوغلو أول من أمس الأحد إلى داخل الأراضي السورية بزعم زيارة الموقع الجديد لضريح جدّ العثمانية «سليمان شاه» قُرب الحدود السورية ـ التركية، منوهاً إلى أن الحكومة التركية متورطة بشكل كامل في دعم الإرهاب من خلال العلاقات التي تربط بينها وبين التنظيمات الإرهابية وفي مقدمها «داعش الإرهابي»، وهو ما يُعتبر انتهاكاً للقانون الدولي وسيادة الدول ذات السيادة، فجدّ العثمانيين الذي تم نقله عندما تسللت القوات التركية بالتنسيق مع إرهابيي «داعش» في شباط الماضي في عدوان سافر ومُخالفة واضحة للاتفاق الموقع عام 1921 بين تركيا وسلطة الاحتلال الفرنسي آنذاك، لنقل الضريح من جوار قلعة جعبر في محافظة الرقة ووضعه في قرية «آشمة» في محافظة حلب على بعد 200م من الحدود المشتركة للدولتين، وهو الضريح الذي كان يقع في منطقة يسيطر عليها تنظيم «داعش» الإرهابي، إلا أن التنظيم الإرهابي لم يتعرض له، على رغم أنه دمر جميع المساجد والكنائس والأضرحة في المناطق التي اجتاحها، وهذا ما يؤكد عمق الترابط بين الدولة العثمانية وتنظيم «داعش» الإرهابي، فهذا انتهاك لسيادة وحرمة أراضي دولة عضو في الأمم المتحدة لا تتعدى غرائزه جمع الحظوظ البالية للانتخابات البرلمانية التركية في 7 حزيران المقبل لينعكس في ظل تطورات تتجه في مجملها إلى إحراج الحزب الحاكم التركي وقياداته في مشهد مماثل لأحداث العنف التي شهدها ميدان «تقسيم» عام 2013 من تظاهرات التضامن مع أحداث بلدة عين العرب السورية، وهو استحقاق يسعى أوغلو إلى إعطائه زخماً خاصاً في ضوء تصاعد حدةّ التجاذبات الحزبية لا سيما مع أحزاب المعارضة، بعد صدور نتائج استطلاع للرأي أجرته شركة «البحوث الاجتماعية والسياسية/سونار» على موقع صحيفة «سوز جو» الإلكترونية خلال الأسبوع الماضي، والذي أشار إلى انخفاض نسبة تقدم حزب «العدالة والتنمية» شعبياً حيال قدرته على تمرير مشروع قانون تغيير النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي، عبر القدرة على تشكيل حكومة بحزب منفرد في وجه صعود أحزاب معارضة مثل حزب الشعب الجمهوري والحركة القومية، وهذا ما يعكس سلطوية الفكر العثماني وعدم قدرته على ترتيب أوراقه الداخلية والخارجية التي تُبقيه بعيداً من قدرة التأثير في توجهات الناخبين، الذين يدركون كما العالم أن هذا السيناريو الضئيل لن يغير شيئاً في المتغيرات الميدانية ذات المغزى التي يتلقاها العثماني في إدلب والقلمون وغيرهما من الخسائر في صفوف إرهابييها الذين باتت أوضاعهم غير ما هو مأمول منها إقليمياً ودولياً في إحداث «ثقب أسود» على الأرض السورية، يخرج منه ضوء أبيض تُسلطه تركيا على موقعها الجيوسياسي في المنطقة كلاعب له حيز مهم في الملف السوري الذي ساهمت في تسعيره مع الحلف الصهيوـ عربي الساعي لإبراز الدور الأميركي في ميادين المنطقة الإقليمية والدولية والتي بدأت مساحاتها تضيق به ذرعاً، مع اقتراب نهاية حزيران المقبل الذي سيكشف مشاريع التفتيت والتقسيم الصهيو ـ أميركية في الإقليم العربي، والهادفة إلى إخراج معادلة الصراع «العربي ـ الصهيوني» إلى حيز الفراغ المحتكر للبشر والحجر، فيما يشير خبراء إلى أن الأوان قد فات قبل أن يستفيد أوغلو من أي حشد انتخابي للاستحقاق الذي بات على الأبواب. وعليه، فإن لزيارة أوغلو الاستعراضية دلائل كثيرة ليس أولها تأكيد الدور التركي في دعم الجماعات الإرهابية، ولا آخرها المساعي التركية لحجز مقعد خاص لتركيا مع اقتراب مؤتمر جنيف تؤكد فيه حصتها في تسوية مقبلة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى