معركة القلمون… لماذا كلّ هذا الضجيج؟
هشام الهبيشان
اليوم يراقب العالم ككل مسار معركة القلمون التي تعتبر في توقيتها ونتائجها المستقبلية عنواناً لمرحلة جديدة من عمر الحرب المفروضة على الدولة السورية، فاليوم بات من الواضح أنه لا خيار أمام الدولة السورية وقوى المقاومة اللبنانية إلا الاستمرار بالحسم العسكري لتطهير أرض سورية ولبنان من بعض الميليشيات والمجاميع المسلحة الرديكالية التي تنتشر على جانبي حدود البلدين، فاليوم على السوريين أن يحسموا معركتهم هكذا يجمع معظم القادة العسكريين السوريين وجميع قادة المقاومة بلبنان، وجزء من هذا الحسم هو حسم معركة القلمون التي بدأت رياح حسمها تهب سريعاً من سلسلة الجرود الشرقية من جرود عسال الورد مروراً وانتقالاً إلى مختلف مناطق الجرود القلمونية السورية القريبة من الحدود اللبنانية التي تقابلها جرود بريتال، مروراً بمناطق واسعة ستشهد معارك واسعة ومعقدة في مقبل من الأيام، وهي مناطق الجبة وجرود عرسال وفليطا وجرود رأس بعلبك، والتي تحتل أهمية استراتيجية باعتبارها مفتاحاً لسلسلة جبال القلمون التي تمتد على طول جانبي الحدود السورية ـ اللبنانية.
اليوم بدأت تأثيرات هذه المعركة تظهر على أرض الواقع خارج حدود سورية ولبنان، وفي تصريحات وتحليلات واهتمامات الأطراف الدولية المنخرطة بالحرب على سورية، وبدا ذلك واضحاً في تصريحات وتحليلات «الإسرائيليين» خصوصاً باهتمام ملحوظ منهم بمجريات معركة القلمون، وقد يتساءل البعض وما علاقة «إسرائيل» بمجريات معركة القلمون؟ ولماذا القلمون وما مصلحتها بالتدخل فيها؟ وما هي مكاسب الدولة السورية منها؟ وما علاقة الأطراف المنخرطة بالأزمة السورية بمجريات ونتائج هذه المعركة؟ وهل فعلاً ستتحدد بعد حسم هذه المعركة بداية النهاية لأزمة دامية طالت في سورية أم ستكون نهاية البداية الأكثر عنفاً وإرهاباً ودموية ليتوسع الصراع بعدها ويتخطى حدود سورية ويشمل «إسرائيل» وحزب الله وليتسع أكثر وأكثر في المنطقة ونعود بعدها لنسمع عن احتمالات اشتعال المنطقة بحرب كبرى من جديد، وللإجابة عن كل ذلك سنقرأه قراءة متأنية.
في سورية اليوم يساوي تحرير القلمون للدولة السورية مكسباً كبيراً وورقة رابحة جديدة في مفاوضاتها مع كبار اللاعبين الدوليين المنخرطين بالحرب على سورية، ومن خلال ورقة القلمون ستفرض الدولة السورية شروطها على الجميع، وعندها لا يمكن أن تحصل أي تسوية إلا بموافقة النظام، ووفق ما يراه من مصلحة لسورية الشعب والدولة، بعد كل ما لحق بهذا الشعب من أذى، والسؤال هنا هل ستعطي هذه الدول الراعية لهذه المجاميع المسلحة على ارض سورية ورقة القلمون للدولة السورية وحزب الله هكذا من دون أي حراك؟
لا أظن ذلك ولنبدأ بـ «إسرائيل» وعلاقتها بمجريات معركة القلمون ولماذا اليوم نرى ونسمع استعدادات بالخفاء والعلن للتدخل بأي وقت بمجريات المعركة؟ وعلى الأغلب سيكون التدخل خارج الحدود السورية وأقصد هنا ضربة استباقية لحزب الله داخل قواعده في لبنان، ولا أستبعد هنا أن تتدخل «إسرائيل» بشكل مباشر بمعركة «القلمون» وبغطاء أميركي ومن بعض قوى الإقليم المنغمسة بالأزمة السورية والتي لا تريد أن تتلقى هزيمة جديدة، وقد تكررت هزائمها في الآونة الأخيرة بسورية، فسقوط القلمون يعني لبعض القوى الإقليمية المنخرطة بالحرب على سورية سقوط كل ما يليها كأحجار الدومينو، وبالتالي خسارة جديدة وكبيرة لهذه القوى وهذا ما لا تريده هذه القوى اليوم ولذلك اليوم نرى هناك حالة هلع وهستيريا في صفوف هذه القوى .
اما بالنسبة إلى واشنطن وباريس ولندن فهي الآن كما يتحدث الكثير من التقارير والتحليلات تقرأ بعناية تفاصيل معركة القلمون التي تأخذ المساحة الكبرى من المناقشات والتحليلات لنتائجها على الصعيدين السياسي والعسكري لجميع الأطراف، فتحرير القلمون على أيدي الجيش العربي السوري ومقاتلي حزب الله من شأنه إحداث تغيير جذري في الخريطة العسكرية لأطراف الصراع، هكذا تقول التقارير والتحليلات الواردة من هذه العواصم، وهذا ما لا تريده هذه العواصم على أقل تقدير في الوقت الراهن.
اختتاماً، على الجميع أن يدرك أن معركة القلمون بشكل خاص ستكون لها الكلمة الفصل وفق نتائجها المنتظرة بأي حديث مقبل يتحدث عن تسويات بالأزمة السورية وتغيير كامل ومطلق بشروط التفاوض المقبلة بين جميع الأطراف.