تقرير
كتب أمير أورن في صحيفة «هاآرتس» العبرية:
إذا خرقت إيران صيغة الاتفاق المتبلور مع القوى العظمى وأصرت على الوصول إلى سلاح نووي، ينبغي للردّ «الإسرائيلي» أن يكون معاكساً للخطّ التقليدي: ألّا تواصل التهديد بهجوم قصير المنفعة على المنظومة النووية الإيرانية، بل أن تحذّر من أن «إسرائيل» ستعرقل احتفاظ إيران بالاحتكار النووي في الخليج الفارسي وستساعد السعودية في أن تصل هي أيضاً إلى النووي.
تتعارض الفكرة مع النهج الذي يخيف «إسرائيل» من ردّ فعل متسلسل لنووي مصري، تركي وسعودي في أعقاب الإيراني، ككابوس للمخططين الاستراتيجيين في القدس وفي «تل أبيب» وكذا في واشنطن . نقطة المنطلق المختلفة للبحث تفتش عن مبرر يقنع الإيرانيين أنه من المجدي لهم أن يمتنعوا عن الوصول إلى سلاح نووي. فالمحفّز، أو سلّة المحفزات، التي في مركزها حتى الان العقوبات الاقتصادية ورفعها . صحيح أن التهديد «الإسرائيلي» ـ الأميركي بالعمل العسكري لا يزال على حاله، ولكن مصداقيته التنفيذية والسياسية إشكالية.
لقد نبعت الرغبة الإيرانية في السلاح النووي، والتي ولدت لدى الشاه، لجملة من الدوافع: فكرة القوة العظمى الاقليمية العتيقة والفخورة، رمز المكانة، والتخوف من التخلف في السباق. لا حيال «إسرائيل»، بل ضد العراق، العدو الملاصق المتحوّل نووياً هو الاخر. الهجوم الاول على منشأة نووية الهجوم الذي فشل كان طلعة لطائرات «فانتوم» الإيرانية ضد المفاعل في ضواحي بغداد في تشرين الأوّل 1980.
لقد ولد السلاح النووي في ثنائيات متكاثرة. إذا كان الأميركيون والسوفيات ملزمون بأن يحصلوا عليه، عندئذ، يعتبر حيوياً للصينيين أيضاً، الذين يخافون من السوفيات، والنووي الصيني يستوجب من الهند أن تتزود بمنظومة متوازية، ما يستدعي النووي الباكستاني أيضاً. وإذا كان الأميركيون يتعاونون مع البريطانيين، فينبغي على الفرنسيين أيضاً ألّا يتنازلوا عن النووي المستقل.
السؤال الأساس هو: متى أغلق النادي. كل مرشح جديد يطرق أبوابه يريد أن يكون الاخير وكفى. وما إن يصبح في الداخل، حتى يكون مريحاً له أن يتبنى معارضة الاعضاء القدامى مزيداً من الاعضاء. لا تزال هذه هي الحجة الاساس لنظام الميثاق ضد الانتشار النووي، منذ كان أحد الجهود الاساس لإدارتَي جون كنيدي وليندون جونسون في 54 سنة منذ تأسيسه: إغلاق النادي والرقابة على من اختاروا ان يكونوا معفيين من حقوقه وواجباته معاً ـ الهند، الباكستان، «إسرائيل» ـ وكذا الاشراف على من في داخله، ولكنه يحاول الضغط على الإدارة ـ إيران، العراق، كوريا الشمالية وفي فترات سابقة كوريا الجنوبية، تايوان وجنوب أفريقيا.
وقد تحقق إحباط السباقات الاقليمية للتسلح النووي حتى الآن بوسيلتين: الاتفاق بين متنافسين متساويَي القوة البرازيل والارجنتين ، أو ضمانة أميركية للدفاع عن الحليف اليابان، كوريا الجنوبية، تايوان في وجه عدوان نوويّ من جانب كوريا الشمالية أو الصين ، إضافة إلى التزام عام تجاه أعضاء الناتو ممّن حبّذوا التعفف عن النووي، وعلى رأسهم ألمانيا.
من دون مظلة أميركية مصداقة، تتضمن الدفاع عن المملكة في مواجهة الخصم الاقليمي الكبير إيران، فإن السعودية كفيلة ـ وكان لذلك مؤشرات في السنوات السابقة ـ بالسعي إلى إحداث قفزة في المجال المركب للحصول على سلاح نووي وشرائه كمنتج ناجز، لا سيما من باكستان. في نظر «إسرائيل» يعدّ هذا تطوّراً سلبياً، إنما يجب قلب العدسة لنرى الايجابي الكامن في ذلك.
«إسرائيل»، كمراقبة في لجنة المتابعة للميثاق ضد الانتشار النووي، والتي تنعقد في نيويورك في مداولاتها الدورية، يمكنها أن تعلن انها لن تسمح لإيران بأن تحتفظ باحتكار نووي او احتكار مشارك معها، على حد رواية وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ، بل ستعمل على توسيعه وستساعد السعودية في الوصول إلى وضع متساو، سواء بالكفّ عن الفعل، أي من دون العمل ضدها، أو بالفعل. وهكذا ستكون طهران مطالبة بأن تعيد النظر في جدوى جهودها. وستقف أمام خيار جديد: فالاستثمار الهائل سينعدم، لأنها لن تكون وحدها في الفرع الاقليمي للنادي ـ إن لم يكن تجريد من السلاح ـ فتجرّد منه.