حزب الله يباغت تركيا في القلمون
حسين حمّود
أظهرت الوقائع الميدانية لمعركة القلمون أنّ «جبهة النصرة» وحلفاءها ليسوا سوى فصيل تركي – خليجي لا قدرة له على المواجهات المفتوحة من دون دعم الثنائي المذكور، ولا حتى في مستطاعه إنشاء جيش للدفاع فكيف بـ«جيش للفتح».
فبالمقارنة مع ما جرى في إدلب وجسر الشغور، يتبيّن انّ المعركة هناك كانت مع تركيا بالدرجة الأولى ومع الرعاة الخليجيين ثانياً، للمسلحين، عسكرياً واستخبارياً ولوجستياً، الأمر الذي افتقده الإرهابيون في القلمون التي تشهد انتصارات متواصلة للمقاومة والجيش السوري يوماً بعد يوم بالرغم من المدة القصيرة للمعركة والتي لم تتجاوز الأربعة أيام.
وتعزو مصادر عسكرية مطلعة هذه الإنجازات إلى جملة أسباب تتعلق بالتوقيت وجغرافيا المنطقة فضلاً عن طريقة القتال التي خاضها حزب الله ونوعية الأسلحة التي استخدمها فيه. وضمن هذا السياق برز عنصر المفاجأة غير المعلن وتجسد في بدء المعركة سريعاً وتلقائياً علما أنه سبقتها بعض الاشتباكات المتقطعة بين حزب الله والمسلحين، ما يجعل عنصر المفاجأة موجهاً إلى الأتراك وليس إلى المسلحين. فحزب الله لم يفسح الوقت لتركيا من أجل تجميع مسلحي النصرة والألوية الإرهابية المتحالفة معها، ضمن ما يُسمى «جيش الفتح» الذي أنشأته في إدلب واستغرق بضعة أشهر، مستفيداً من طبيعة الأرض في القلمون البعيدة عن الحدود التركية، ما يجعل التواصل مع المسلحين مفقوداً وبالتالي انعدام طرق الإمداد بالأسلحة والمؤن إضافة إلى افتقاد المعركة للعنصر الإستخباري لدى المسلحين الذين لم تتوافر لهم اية معلومات عن حركة حزب الله فتاهوا في الجرود كما حصل للقوات «الإسرائيلية» عندما توغلت في جزء من الأراضي اللبنانية في حرب 2006.
وأشارت المصادر إلى أنّ حزب الله استخدم في المعركة سلاح المدفعية ولم يكتف بالمواجهات المباشرة بالأسلحة التقليدية وهذا ما سرّع في تحرير الحزب أكثر من ربع المنطقة التي يحتلها الإرهابيون في وقت عسكري قياسي، لن يتمكن هؤلاء من إعادة احتلالها مجدداً.
أما ارتدادات المعركة على الداخل اللبناني فقد تراوحت بين التخوّف من أعمال أمنية وتفجيرات للجماعات الإرهابية في بعض المناطق، وبين استبعاد حدوث ذلك. فالمطمئنون إلى عدم حصول تفجيرات، يستندون في ذلك إلى الإجراءات الأمنية التي يتخذها الجيش والحرب الاستباقية التي يخوضها ضدّ الإرهابيين والتي تكشف يومياً عن اعتقال شبكات في مختلف المناطق.
وفي المقابل لا تستبعد مصادر أخرى قيام الإرهابيين بعمليات انتقامية لخسارتهم معركة القلمون مشيرة في هذا المجال إلى العثور في المناطق المحررة، على سيارات مفخخة كانت معدّة للتفجير. كذلك لفتت المصادر إلى انتشار الشبكات الإرهابية في مختلف المناطق اللبنانية والتي تعتقل القوى الأمنية بعضها يومياً. ما يعني برأي المصادر، وجود خلايا نائمة تتحضّر لتنفيذ عمليات عندما تتوافر لها ظروف ملائمة. وأوضحت المصادر انّ الخلايا النائمة التابعة لتنظيم إرهابي ما، عندما يتعرّض هذا التنظيم لضربات موجعة ويتمّ إيقاف شبكات تنتمي إلى التنظيم نفسه، تطول فترة نومها، إلا انها تبقى على استعداد للقيام بالعمليات الإرهابية، لذا لا بدّ من الحذر وتشديد الإجراءات الأمنية لتحاشي المفاجآت.
وأشارت المصادر في هذا السياق إلى تغلغل عناصر إرهابية من جنسيات غير لبنانية وسورية، في المجتمع اللبناني تقاتل في سورية ولا نعرف عنها سوى بعد الإتيان بجثثها إلى لبنان لدفنها، وسط إطلاق نار كثيف، الأمر الذي يؤكد أنّ المخاطر من عمليات إرهابية لخلايا نائمة لا يزال ماثلاًًً، ما يقتضي تكثيف التحرك لتوقيف هؤلاء استناداً إلى ما تكشفه التحقيقات القضائية مع من سبق اعتقالهم من الإرهابيين.