بين برّي والراعي هل ينتهي الشغور في 26 أيار؟
روزانا رمّال
تنعقد اليوم جلسة انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية بعد شغور قارب السنة، ومعروف أنّ هذه الجلسة لن تؤدي إلى أي نتيجة، مثلها مثل سابقاتها من الجلسات التي لم تتمكن من حشد النواب لإتمام النصاب المطلوب دستورياً وتأدية هذا الواجب.
سيحدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم موعد الجلسة المقبلة، وفي هذا الإطار، تتداول أوساط تعمل على خط العلاقة بين بكركي وعين التينة فكرة الدعوة في السادس والعشرين من أيار إلى جلسة، نظراً إلى أنّ الخامس والعشرين منه سيكون يوم عطلة لمناسبة عيد المقاومة والتحرير، أملاً بأن يشكل هذا فأل خير، ذلك لأنه سبق وانتخب اللبنانيون يوم 25 أيار قبل 7 سنوات رئيساً للجمهورية.
يرفض المتابعون لأجواء التواصل بين بري والراعي والمقرّبين من بري، حيث تلوح في الأفق أجواء من الاتفاق على بعض المرشحين المطروحين سابقاً، هذا الكلام جملة و تفصيلاً ويعتبرون أنّ الأجواء الإقليمية والدولية التي تعتبر العامل الأساس في حسم اسم رئيس الجمهورية اللبنانية ليست جاهزة للحسم اليوم لعدة أسباب:
أولاً: العين السياسية والاستراتيجية في المنطقة وسط الأحداث المتسارعة والدقيقة لا تتجه نحو لبنان، كما أنّ الأفرقاء السياسيين في لبنان يدركون تماماً أنّ السعودية التي هي اللاعب الأبرز في هذا الملف، منشغلة بحربها ضدّ اليمن ويعرفون أيضاً أنّ تركيز إيران، الداعمة لطرف معروف، منصبّ في هذه المرحلة على إنجاح الاتفاق النووي مع الغرب وتلقف تداعياته.
ثانياً: أنّ الأميركيين منشغلون تماماً عن الساحة اللبنانية حتى أنّ سفيرهم في لبنان دايفيد هل خفف حضوره إلى حدّ تلاشي تصريحاته تدريجياً في هذا الإطار، بغضّ النظر عن المدة المتبقية له في لبنان، والتي تعتبر تفصيلاً عند الأميركي، في حال كان لبنان ساحة أساسية في المنطقة بالنسبة إلى مصالحه.
ثالثاً: لا يبدو أنّ الأجواء التي مهّدت لانتخاب ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، هي نفسها الأجواء السائدة اليوم، فلبنان هادئ نوعاً ما ويعتبر الأكثر استقراراً في المنطقة نظراً إلى الاضطرابات الموجودة حوله، فالظرف مختلف جداً عن الاشتباكات الداخلية التي جرت في 7 أيار 2008، والتي استدعت مناشدة دولية أو إقليمية من أجل حلّ سريع يجمع اللبنانيين ويؤسس لفترة مستقرة في البلاد، كما حصل في اتفاق الدوحة الشهير.
رابعاً: إنّ الدول التي كانت فاعلة في الملف اللبناني، والرئاسي تحديداً، ليست قادرة اليوم على البتّ في هذا الملف، وخصوصاً بعد المرحلة المتقدمة التي وصلت إليها المباحثات بين إيران والغرب حول البرنامج النووي، والتي تنتظر موعد التوقيع فقط، ومن المتوقع أن يعيد هذا التوقيع التاريخي ترتيب العلاقات في المنطقة وتوزيع النفوذ فيها.
خامساً: لا تزال العُقد نفسها تواجه إتمام الاستحقاق، فحزب الله ما زال متمسكاً بخياره الأول وهو رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون الذي لا يزال متمسكاً بحقه في الترشح من جهة، ومن جهة ثانية، لا يزال فريق الرابع عشر من آذار متمسكاً برئيس القوات اللبنانية سمير جعجع كخيار، وبالتالي لا نصاب ولا جلسات ولا رئيس.
وفي المحصّلة، إنّ هذا الكلام كله غير منطقي ولا يفيد، فلبنان ليس في حاجة إلى إشارت حظ أو تعويذة تفاؤل لأنّ الأمر أكبر وأبعد بكثير.
في هذا السياق، يقول مصدر مطلع في 8 آذار إنه لا داعي للاستعجال في الحسم، لافتاً إلى أنّ الموعد المطروح أي 26 أيار مستحيل لأنه ومن باب الحيطة يجب الانتباه إلى فرضية من الفرضيات الكبرى التي ستنعكس على الملف الرئاسي في شكل مباشر، وهي معركة القلمون، ولو حسمت هذه المعركة فإنّ أموراً كثيرة قد تتغيّر في المنطقة، وبسرعة أكبر من المتوقع، فهذا الملف المتشعّب سيلقي بظلاله على مصير الأزمة السورية وعلى مؤتمر جنيف وعلى الأزمة اليمنية، باعتبار أنه سيمثل نصراً لحلف على آخر، وبالتالي إذا كانت المهلة المطروحة من اليوم حتى 26 أيار كفيلة بحسم الوجهة في القلمون، فإنّ منسوب الأمل سيرتفع تلقائياً ويُنتخب الرئيس أخيراً.
وبالتالي، إذا لم تواكب الأحداث والتطورات عناصر تجعل ذلك ممكناً، فعلى الأقلّ يكون المتفائلون بذكرى الانتخاب في 25 أيار قد نالوا شرف المحاولة.