لقاء حول «دور الصناعة اللبنانية واهميتها في الاقتصاد الوطني»: لإنشاء هيئة طوارئ تعدّ برنامج عمل متكامل وتشكيل لوبي صناعي ضاغط

وسط المشاكل والتحديات التي يواجهها القطاع الصناعي وخصوصاً مشكلة تصدير المنتجات بعد إقفال معابر التصدير، في ظلّ غياب سياسة حكومية لدعمه، نظمت جمعية الصناعيين اللبنانيين لقاء حوارياً مع وزيرالصناعة الدكتور حسين الحاج حسن ونواب يمثلون كلّ الكتل النيابية، جرى خلاله عرض لواقع القطاع الصناعي والتحديات التي يواجهها والخطوات المطلوبة لدعمه.

وشارك في اللقاء الذي حمل عنوان «دور الصناعة اللبنانية واهميتها في الاقتصاد الوطني»، رئيس لجنة الاقتصاد والصناعة النائب جان أوغاسبيان، والنواب: اسطفان الدويهي، ياسين جابر، ميشال موسى، هاغوب بقرادونيان، هنري حلو، آلان عون، فادي الهبر، جوزف المعلوف، كاظم الخير، وعلي فياض، المدير العام لوزارة الصناعة داني جدعون، رئيس جمعية الصناعيين الدكتور فادي الجميل وعدد من أعضاء مجلس إدارة الجمعية، إلى جانب حشد من الصناعيين والإعلاميين، في فندق «هيلتون متروبوليتان بالاس» – سن الفيل.

الدكاش

بداية، ألقى رئيس لجنة الضغط عضو مجلس الإدارة في جمعية الصناعيين شوقي الدكاش كلمة أشار فيها إلى أنّ «أمن اللبنانيين الاقتصادي في خطر والمنظومة الاقتصادية اللبنانية مهدّدة في الصميم». وقال: «إذا كان اللبنانيون منقسمين بحدّة في شأن الصراع السياسي في المنطقة العربية، فهذا يجب ألا يعمي البصيرة عن أنّ مصادر سداد العجز في الميزان التجاري باتت في خطر. وهذا يحتم عليهم مسؤولية الجلوس معاً حول طاولة حوار اقتصادية تحفظ الاقتصاد الوطني، وتحميه من تردّدات الأزمة الإقليمية والانقسام السياسي على المستوى الداخلي. إنّ هذا الواقع يدفعنا إلى إعلان حال طوارئ اقتصادية، والإعداد لخطة استثنائية تتشارك فيها كلّ مكونات لبنان، وتمنع سقوط الهيكل على رؤوس الجميع».

الجميل

ثم كانت كلمة للجميل أكد فيها أنّ «الصناعة اللبنانية مشروع وطني واعد، وهي قادرة على توفير فرص العمل المطلوبة للنهوض بالاقتصاد»، لافتاً إلى «أنّ الصناعي اللبناني أظهر مرونة فائقة سمحت له بالتأقلم مع التغييرات وقدرة على النهوض إثر كلّ دمار وقصف تعرض له لبنان، وتمكن بتفانيه والتزامه المواعيد والارتباطات من كسب ثقة العالم بجدارة، والولوج إلى البلدان الأكثر تطلباً مثل الولايات المتحدة الأميركية وكندا وفرنسا وبلجيكا. ونتيجة لكلّ هذه القدرات، نمت الصادرات الصناعية وتضاعفت من 1.667 مليار دولار في العام 2005 إلى 3.15 مليار دولار عام 2014».

ولفت إلى أنّ الصناعيين يواجهون «منافسة جديدة تتمثل بإلاغراق والمنافسة إلى جانب انتقال بعض المصانع السورية إلى لبنان وهي تعمل اليوم من دون ترخيص وتنافس اليد العاملة والمصانع اللبنانية. ناهيك بالأزمات المتواصلة وكان آخرها أزمة المرفأ مع توقف العمل بالخط الأخضر، إلى إغلاق المعابر البرّية أمام أسواقنا التقليدية».

وطالب الجميل «بإقرار منظومة اجتماعية شاملة تتركز على النقاط الست الآتية:

– حزمة تحفيزات جديدة للاقتصاد تشمل كل القطاعات من دون استثناء لتوفير النمو والمحافظة على فرص عمل اللبنانيين وتوفير فرص جديدة.

– إقرار خطة إصلاح الإدارة وتفعيلها على مراحل وضمن فترة زمنية محدّدة عبر برامج إعادة تموضع الموظفين وتحويل الفائض على الإدارات المحلية.

– تحصين الوضع الاجتماعي في القطاعين العام والخاص عبر: إقرار سلسلة رتب ورواتب مدروسة ومقسطة، تصحيح الأجور للحدّ الأدنى من القطاع الخاص حسب مؤشر الغلاء الرسمي، معالجة ضمان الشيخوخة، توفير الطبابة بعد عمر 64، اعتماد «لبننة العمالة اللبنانية» ضمن برنامج زمني محدّد.

– تحصين الاستقرار الداخلي الأمني والاجتماعي بالتعاون مع المجتمع الدولي والمطالبة ببرنامج مساعدات دولي، أسوة بالمساعدات التي يتلقاها لتعزيز الوضع الأمني، بغية تخفيف أعباء النازحين السوريين.

– اتخاذ التدابير اللازمة لإطلاق الشراكة بين القطاعين العام والخاصPPP.

– إطلاق رؤية واضحة لاستثمار النفط والغاز ووضع رزنامة للإفادة من القدرات».

ودعا إلى «إنشاء هيئة طوارئ اقتصادية تتوافق على برنامج عمل متكامل من شأنه تفعيل الاقتصاد، لا سيما في هذه الظروف التي نمرّ بها».

الحاج حسن

وانطلق الوزير الحاج حسن في مقاربته للموضوع الاقتصادي بعرض بعض المؤشرات، مثل عجر الميزان التجاري والدين العام وارتفاع نسبة البطالة.

وفي هذا الإطار، تساءل الحاج حسن «عن مدى قدرة الصناعة على التكيف والتطور، في ظلّ عدم توفير البيئة المناسبة لها للتقدم». وقال: «يقال أنّ دول العالم تعمل وفق مبادئ الاقتصاد الحر، وهذا الأمر ليس صحيحاً، قد تكون الدول الكبرى تعمل بحسب قواعد الاقتصاد الحر في داخل منظوماتها، لكنها تخالف هذه القواعد في علاقاتها الخارجية. أعطي دلائل كثيرة على ذلك: عندما تطالب الولايات المتحدة اليابان بتخفض ساعات العمل لديها هادفة إلى رفع كلفة الإنتاج في اليابان، هل يعدّ ذلك اقتصاداً حراً؟ ألا يعدّ ذلك تدخلاً في سياسات الدول؟ وعندما تفرض دول عربية رسوماً جمركية تصل إلى حدود 30 في المئة مخالفة بذلك اتفاق التيسير العربي هل يعد ذلك اقتصاداً حراً»؟

وأكد أنه «لا يوجد دولة في العالم لا تدعم قطاعاتها الإنتاجية، لذلك لجأنا إلى تدابير حمائية وتدعيمية لحماية قطاعاتنا المهدّدة بالإغراق». وأضاف: «الدول الكبرى معروفة بأنها دول صناعية، وما دام لدينا عجز في الميزان التجاري وارتفاع في نسبة البطالة وعجز في النمو، فإنّ القطاع الصناعي هو القادر على تصحيح بعض الخلل القائم. نحن لا نريد حرباً تجارية مع أحد. ولا ندعي بأننا قادرون على تغيير العجز في الميزان التجاري وجعله فائضاً، وإنما نسعى إلى خفض الاستيراد بنحو مليارين إلى ثلاثة مليارات دولار في مقابل رفع صادراتنا بالنسبة ذاتها. علينا العمل على تكبير حجم اقتصادنا، وهذا يتم عبر تكبير حجم قطاعنا الصناعي. هناك دول نستورد منها 3 مليارات دولار ولا نقدر أن نصدر إليها سوى 20 إلى 30 مليون دولار. هذا الأمر لا يجوز أن يستمر على هذه الحال. علينا العمل على زيادة حجم صادراتنا الصناعية وعلى شركائنا التجاريين أن يتفهموا واقعنا الصعب ويساعدونا بفتح أسواقهم عبر إزالة المعوقات التي تعترض انسياب السلع اللبنانية التي تتمتع بمواصفات وجودة عالية. هناك اتفاقات تجارية عدة بين لبنان وسائر البلدان. المطلوب إجراء مراجعة لهذه الاتفاقات وإذا اقتضى الأمر، فلنقم بإجراء تعديلات عليها بما يتناسب مع تحقيق التكافؤ والعدالة».

وأشار إلى أنّ وزارة الصناعة تقوم «بإجراءات تحفيزية مع كلّ من وزارتي المال والاقتصاد والتجارة ستظهر نتائجها قريباً»، لافتاً إلى أنّنا وصلنا «إلى هذا الوضع الاقتصادي المزري بسبب غياب السياسات الاقتصادية الموجة طوال السنوات الماضية. إذ إنّ كلّ فريق في لبنان لديه سياسة اقتصادية، وليس منطقياً أن نقول أنّ الدول لا تضع سياسات اقتصادية. فبرامج المرشحين على الانتخابات في كلّ دول العالم تتضمن برامج اقتصادية تتناول الحلول لمشاكل النمو والبطالة وتوفير فرص العمل وتعزيز الصادرات».

وختم: «علينا في لبنان إذا كنا مختلفين في السياسة ألا نختلف حول الرؤى الاقتصادية التي تؤدي إلى إصلاحات جذرية وتنهض القطاعات الإنتاجية … فإننا نحتاج فعلاً إلى لوبي ضاغط لمصلحة الصناعة».

ضاهر

ثم كانت كلمة لعضو مجلس الإدارة ميشال ضاهر تحدث فيها عن تحديات المستثمرين اللبنانيين في دول الاغتراب، وقال: «إنّ لبنان اليوم يستورد بما قيمته 21 مليار دولار ويصدر بـ 3 مليارات دولار، ونحن نسعى اليوم إلى خفض الاستيراد 500 مليون دولار وزيادة الصادرات بالنسبة نفسها أي 500 مليون دولار، على أنّ هذه الخطوة كفيلة بتوفير 20 ألف فرصة عمل سنوياً».

النواب المشاركون

ثم كانت كلمات للنواب المشاركين ركزت على «ضرورة دعم هذا القطاع».

واعتبر النائب جوزيف المعلوف أنّ «المشكلة الحقيقية في لبنان تكمن في غياب التخطيط». ودعا الوزراء إلى «إيجاد آلية طوارئ لمساندة الصناعيين.

أما النائب اسطفان الدويهي، فاعتبر «أنّ الدولة لم تدعم يوماً القطاع الصناعي، كيف ذلك ولا سياسة اقتصادية للدولة ولا موازنة منذ العام 2005»؟

ودعا النائب علي فياض، بدوره، إلى «تحييد السياسة عن الاقتصاد».

ودعا النائب فادي الهبر إلى «إجراء حوار اقتصادي هادئ يهدف إلى تفعيل الصناعة».

أما النائب آلان عون، فرحب «بمبادرة جمع القطاع الصناعي مع القطاع العام»، ودعا إلى «وضع آلية للتنسيق». وأمل أن «تكون اللقاءات محصورة بمطالب معينة لمعالجتها بمسؤولية».

واعتبر النائب جان أوغاسبيان أنّ «هناك مسؤولية على مجلس النواب عند إقرار المشاريع التي تختصّ بالقطاع الصناعي»، مبدياً «استعداده لفتح أبواب لجنة الاقتصاد والصناعة النيابية لمناقشة كلّ ما يخدم الصناعة الوطنية والاقتصاد الوطني».

وتحدث النائب ياسين جابر عن «قانون الدمج الصناعي التي تدرسه اللجان الفرعية راهناً». فيما اعتبر النائب هنري حلو أنّ «إقرار الموازنة هو خطوة أساسية اليوم من أجل بناء سياسة داعمة لكلّ القطاعات».

أما النائب ميشال موسى، فتحدث عن «القوانين قيد المناقشة اليوم في مجلس النواب والمختصة بالقطاع الصناعي». وأكد النائب كاظم الخير «جهوز تيار المستقبل للتعاون في التشريع بما يخدم القطاع الخاص عموماً والصناعي خصوصاً».

وفي ختام اللقاء، أعلن وزير الصناعة عن «إعداد ورقة عمل خلال 15 يوماً ترسل بعدها إلى النواب المشاركين في اللقاء ممثلي كلّ الكتل النيابية، على أن يصار بعدها إلى تحديد موعد لاجتماع ثان يتم خلاله النقاش في ورقة العمل والتي ستتضمن مطالب القطاع وسبل دعمه».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى