الفَوات في خطاب «القوات»
ربيع الدبس
لا، لن يكون هذا النص قاسياً، لأنّ الذي استمع إلى برنامج «حديث 2015» على قناة الميادين ليلة أمس الأربعاء وبالتحديد إلى مغالطات الإعلاميّ «القواتيّ» طوني أبي نجم، الذي يعمل في إحدى الزميلات اليومية، لم يكن ليتوقع هذا الكمّ الدفين من الحقد الأعمى، الذي لم يعتبر حاملوه من مآسي الحرب الأهلية الطويلة وثقافتها الهزيلة ومآسيها المتناسلة حتى اليوم. ولم يستوعب الضيف إشارات المذيعة اللماحة التي أدارت اللقاء، لعدم إقحام ما هو خارج موضوع الحلقة وسياقها السياسي والتحليلي والمعلوماتي، إذْ كيف لمن عبّأه تنظيمه بالمفاهيم المعادية لكل ما هو سوريّ وفلسطينيّ وعربيّ، وجرّعه الكأس «الإسرائيلية» الملغومة بالفتنة والطائفية والثقافة التقسيمية، أن يعي خطورة الهاوية التي ينحدر إليها لبنان والإقليم المستهدَف كله؟ كيف له أن يدرك فلسفة المواطَنة الجامعة، والسلم الأهلي، ومفهوم الممانعة، ودورة الحياة الوطنية المتكاملة، ومصلحة تمتين النسيج الاجتماعي الواحد؟
هل يُعقَل أن يتحدث إعلامي رصين عن «دواعش» الرئيس حافظ الأسد؟ أو أن يدافع، ولو بخجل المنافقين، عن التنظيمات الإرهابية فيحاول تسويغ ممارساتها الوحشية والتخفيف من خطر المؤامرة التي ينفذ الظلاميون فصولها التدميرية الدامية بغريزة الذئاب ومكر الثعالب؟ هل يمكن عاقلاً أن يَتّهم جيش ميسلون البطل بالاحتلال عندما يطهّر بلدة أو مدينة أو جبلاً من رجس المجرمين المستقدَمين من عشرات البلدان لتدمير سورية وإفقار شعبها وإضعاف دورها ومكانتها ونفوذها؟ هل يصدّق الغوغائيون أو حتى السُذّج من أتباعهم أنّ المقاتلين اللبنانيين الذين صانوا، بدمائهم، لبنان من المؤامرة الجهنمية والسيارات المفخخة والفتنة المذهبية والتسلل التفجيري الجاهلي، قد دخلوا إلى منطقة القلمون بهدف إعادة آلاف المسلحين إلى عرسال؟
هذه، فقط، بعض الإبتكارات المستحدَثة من عبقرية أعداء سورية – الدولة التي يسمّونها نظاماً. هذه فقط عيّنة من طروحات «وجوههم» الإعلامية، السوداء عندما تنتصر المقاومة… والبيضاء عندما يتوهّم النصرَ أعداؤها. ولكنْ لا يصحّ إلا الصحيح. أما الذين فاتَهُمْ قطارُ الدولة، وأبحروا، بمساعدة الحلفاء الأتباع، نحو مَحَار الخليج الراكد، فسيستيقظون قريباً على الفَوات السياسي الوطني – الأخلاقي الذي لا ينفع معه ندمٌ ولا نادمون.