توافقات سوتشي وخطة واشنطن على مائدة «كامب ديفيد» والغائبون إلى التقاعد

سعد الله الخليل

قبل ساعات من انطلاق القمة الأميركية الخليجية، التي تنعقد تحت يافطة بحث آلية وسبل رفع مستوى التعاون الأمني والعسكري في الخليج وحلّ الصراعات المتعدّدة التي سبّبت الكثير من الاضطرابات في الشرق الأوسط، وبحث الاتفاق النووي مع إيران، ثمة تساؤلات حول الأسباب الحقيقية لغياب الملكين السعودي سلمان بن عبد العزيز والبحريني حمد بن عيسى آل خليفة، خاصة أنّ الأسباب المعلنة للقمة الأولى من نوعها لا تحمل أيّ جديد ولا تستحق عقدها من الأساس، فالتمثيل العسكري والتعاون الأمني قائم منذ عقود وقوامه صفقات أسلحة أميركية بتمويل خليجي وإدارة من القواعد الأميركية تُبرمَج وفق الروزنامة الأميركية بما تقتضيه سياسات البنتاغون ومصانع الأسلحة الأميركية، أما الحديث عن استشارة خليجية تطلبها واشنطن لحلّ الصراعات في المنطقة فهو من باب التندّر تماماً كتفسير غياب الملوك بأنه توبيخ ورفض للمفاوضات التي يجريها أوباما، والقوى الكبرى مع إيران بشأن برنامجها النووي، توبيخ ربما يدفع أوباما لإعادة حساباته النووية، لكن الثابت أنه سيقضي عدة ليال من دون نوم كتبعات للتوبيخ السعودي البحريني.

يصعب لعاقل أن يقتنع بأنّ العاهل السعودي يفوّت فرصة سانحة للحجّ إلى واشنطن ونيل بركة الديار الأميركية، لذلك أتى الإخراج السعودي لمسرحية إغاثة اليمنيين رديء الصورة، هزلي الحبكة، عبر افتتاح مركز الملك سلمان للإغاثة، لتوفير الاحتياجات الإنسانية للشعب اليمني، بعد أن قتلتهم طائراتهم بما يعيد للذاكرة مهمة مركز الملك عبدالله لحوار الأديان للتقريب بين الشعوب والمذاهب، بعد أن كفّرتهم الفتاوى الوهابية واستباحت التنظيمات الإرهابية المدعومة من آل سعود أعراضهم وممتلكاتهم.

لطالما اعتبر منتجع «كامب ديفيد» الذي سُمّي بهذا الاسم تيمّناً بحفيد الرئيس دوايت أيزنهاور مطبخ الصفقات الأميركية المشبوهة، ولعلّ اسم رواية «الأفق المفقود» التي اتخذ منها الرئيس فرانكلين روزفلت اسم المنتجع السابق «شانغريلا» أصدق تمثيل عما شهده المنتجع الرئاسي عبر تاريخه من مفاوضات وصفقات بما يتعلق بقضايا العرب، ففي المنتجع ذو الطبيعة الخلابة لم يبق المفاوضون العرب لقضيتهم الأم فلسطين أيّ أفق منذ سبعينيات القرن الماضي، بمعاهدات سلام مفقود تارة واستسلام علني تارة أخرى.

يبدو أنه حان دور من بارك وسهّل وروّج في السرّ والعلن لاتفاقيات القرن الماضي أن يقدّم التنازلات في القرن الحالي، ولعلّ الغائبين عن القمة الحالية أول الضحايا على مذبح «كامب ديفيد»، فالفشل السعودي في اليمن والتفاهم النووي مع إيران يتطلبان ترتيب البيت الخليجي وإحالة الملوك إلى التقاعد والاعتماد على أجيال شابة غير مصابة بالزهايمر.

قمة كامب ديفيد تشابه في ظروفها أول قمة شهدها المنتجع عام 1973 وجمعت الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون، والأمين العام للحزب الشيوعي السوفياتي ليونيد بريجنيف، والتي نظمت العلاقات بين واشنطن وموسكو بعد تغيير ميزان القوى في العالم بانتهاء الحرب العالمية الثانية والتوازن الاستراتيجي التقليدي وغير التقليدي بين البلدين، مع فارق أساسي بأنّ ثنائية القطب الحالية أدخلت أطرافاً جديدة إلى حلف موسكو لا يقلّ في القدرات والإمكانيات ما يفرض على واشنطن إعادة تدوير أوراقها الخليجية كي لا تبدو خرقاً مهترءة في العهد الجديد، القائم على تسوية الملفات الخلافية من البوابة الديبلوماسية من اليمن إلى سورية والتوحد بمواجهة التنظيمات الإرهابية، وهذا ما أكدته محادثات وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف في سوتشي وأول الخطى تعهّد خليجي بوقف دعمها وتمويلها وهو ما ستفرضه واشنطن في كامب ديفيد.

توافقات سوتشي والخطة الأميركية الجديدة في المنطقة ستُبلّغ في كامب ديفيد والغائبين إلى التقاعد بانتظار اتصال نهاية الخدمة.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى