الغرب يغار من تقارب روسيا والشرق
تناولت صحيفة «كمسمولسكايا برافدا» العلاقات الروسية مع الصين والهند وموقف البلدان الغربية من التقارب بين هذه الدول. وجاء في المقال:
إن استغراب أوروبا والولايات المتحدة الأميركية توجه روسيا نحو الهند والصين، لا يمكنه أن يثمر سوى الدهشة. تحاول بروكسل وواشنطن عرض القضية كما لو أن الاتفاقيات الموقّعة خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً تلك التي وقّعت خلال الزيارة الأخيرة للرئيس الصيني شي جين بينغ إلى موسكو، ليست سوى عملية ارتجالية لزعيمَي روسيا والصين، لأن السؤال هنا هل ستنفذ أم لا. ولكن في الواقع لا جديد في العلاقات الروسية الصينية.
يذكر انه في نهاية عهد الرئيس بوريس يلتسين برزت فكرة تشكيل محور جديد موسكو ـ دلهي ـ بكين، ليكون أساساً لمعارضة الولايات المتحدة التي تنوي بناء عالم أحادي القطب. ولكن هذه الفكرة لم تنفّذ على اعتبار أن الوقت غير ملائم. يبدو أن الوقت حالياً أصبح ملائماً لانبعاث هذه الفكرة وتحقيقها، من دون تصريحات قوية وبيانات صاخبة.
تحقيق هذه الفكرة سيكون ردّاً على جميع «الثورات الملونة» ذات الجذور الأميركية. ومن المضحك الاعتقاد أن المحللين والمراقبين الغربيين وقادة الأجهزة الأمنية، لم يلاحظوا هذا التقارب. أم أنهم لم يلاحظوا كيف تمّت تسوية مشكلة الحدود بين روسيا والصين، ثم عام 2001 أسستا منظمة شنغهاي للتعاون؟ أم انهم لم يلاحظوا مدّ شبكة أنابيب النفط داخل الأراضي الصينية سيبيريا الشرقية المحيط الهادئ ؟ أولم ينتبهوا إلى أن الزيارة الأولى للزعيم الصيني شي جين بينغ كانت إلى موسكو فور انتخابه رئيساً للبلاد، لا إلى واشنطن أو بروكسل؟ فإذا لم يلاحظوا كل هذا، هذا يعني أنهم مصابون بالعمى.
إن فكرة المحور المذكور أطلقها رئيس الحكومة الروسية آنذاك يفغيني بريماكوف عام 1998، بهدف منع تكرار سيناريو يوغسلافيا، الذي حاولت الولايات المتحدة والناتو تطبيقه في روسيا أيضاً، وكذلك في الصين. ولكن إعادة بناء هذا المحور بدأ بها الرئيس بوتين، وهو يسير بهذا الاتجاه بخطى واثقة وبإصرار، خصوصاً أن الصين بدأت تخطو في هذا الاتجاه أيضاً. وعلى رغم أنّ اقتصاد الصين حالياً يحتل المرتبة الأولى في العالم، وهي أكبر مقرض للولايات المتحدة، إلا انه ليس بمقدورها مواجهة واشنطن وحدها. ولكن بكين، مع موسكو ودلهي، تشكل قوة لن يجازف أحد في العالم بتهديدها. طبعاً لكل من الدول الثلاث مصلحة في هذا الاتحاد، اقتصادية وعسكرية وغير ذلك.
إن الغرب فعلاً مستغرب وقلق وبدأ يغار من هذا التقارب، لأنه خلال 25 سنة كان يعرض نفسه كنموذج وحيد يجب أن تقتدي به روسيا، وفعلاً نجح بعض الشيء في هذا المجال لغاية بداية القرن الحالي، لأن السلطات الروسية حينها كانت تنفذ سيناريو كتبه الغرب. أما الآن لا يدرك المسؤولون في بروكسل وواشنطن لماذا لم ينجحوا في روسيا، في تكرار ما نفّذوه في أوكرانيا.