قضية سماحة… اتّهام سياسي جديد
حسن الخنسا
حكمت المحكمة العسكرية أول من أمس على الوزير السابق ميشال سماحة بالسجن 4 سنوات ونصف وتجريده من حقوقه المدنية، لمحاولته القيام بأعمال إرهابية والانتماء إلى عصابات مسلحة، وقررت مصادرة الأسلحة والمتفجرات والأموال المضبوطة. وكان سماحة قد أوقف في 9 آب 2012، بحيث لم يتبقّ سوى 7 أشهر لموعد خروجه، علماً أن السنة السجنية في لبنان هي 9 أشهر.
دافع سماحة عن نفسه معتبراً ما حصل معه استهدافاً سياسياً بقرارٍ أميركي من الرئيس الأسبق جورج بوش، وكانت الإدارة الأميركية قد أعلنت في تموز 2007 قرار منعه وشخصيات أخرى من دخول أراضيها بحجّة «التورّط أو إمكانية التورّط في زعزعة الحكومة اللبنانية»، و«رعاية الإرهاب أو العمل على إعادة ترسيخ السيطرة السورية على لبنان»، وأنه بذلك «يلحق الضرر بمصالح الولايات المتحدة». في 17 كانون الأول 2012 أدرجت الولايات المتحدة ميشال سماحة على لائحة الإرهاب بموجب القرار 13224 الذي يمنع المواطنين الأميركيين أفراداً ومؤسسات من عقد صفقات معه، كما يجمّد أية أصول له.
وما أن صدر حكم المحكمة العسكرية على الوزير سماحة حتى انهالت التعليقات والتصريحات الشاجبة من قبل سياسيّي الرابع عشر من آذار، معلنين امتعاضهم من الحكم الذي اعتبروه مخفّفاً، ومن أبرزهم وزير العدل أشرف ريفي الذي اعتبر أنّ هذا اليوم هو «يوم أسود إضافي في تاريخ المحكمة العسكرية»، معلناً أن فريقه سيعمل لتمييز هذا الحكم، لكنْ يا معالي «الأمير» هل قرأت القانون جيداً قبل أن تطربنا بتصريحاتك؟! يا معالي وزير العدل والعدالة، إنّ المادة 59 من قانون المحكمة العسكرية تسمح لمفوض الحكومة لديها أن يستأنف القرارات الصادرة عنها والمتعلقة بإخلاء السبيل أمام محكمة التمييز العسكرية، ما يعني أنك لن تستطيع أن تستأنف قرار المحكمة لأنّ القانون الذي يجب عليك أن تحترمه يمنعك من ذلك، نعم يمنعك من تحويل القضية إلى اتهام سياسي تستفيد منه مع حلفائك المتربّصين دوماً لضرب سورية ومحور المقاومة. فبالأمس كانت قضية الضباط الأربعة الذين أوقفوا لسنوات على ذمّة التحقيق من دون وجه حق، واليوم قضية سماحة، وربما غداً تحاولون إصدار مذكرات توقيف بحق سياسيّي 8 آذار.
«حكم المحكمة العسكرية في قضية سماحة يُقوّض ثقة اللبناني بدولته وفي وجود عدالة على أرضه، فهل هذا هو المطلوب؟ الوقت حان للتخلُص من المحاكم الاستثنائية وفي طليعتها العسكرية والعودة إلى المحاكم المدنية»، هذا ما قاله رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع تأييداً لـ«أمير العدل» أشرف ريفي، محاولاً إسقاط نزاهة المحكمة ومتطاولاً على قضاتها، ربما لأنه كان يتمنى أن تحاكمه المحكمة العسكرية بحكم مخفّف بدلاً من المجلس العدلي الذي أودعه السجن لسنوات عدّة بعد إدانته بقضايا جرمية أفظع بكثير مما اقترفه سماحة.
بدوره قال النائب وليد جنبلاط إنّ حكم المحكمة العسكرية في قضية سماحة «يشرّع الاغتيال والتفجير». لكن يا «بيك»، هل يناسبك «تشريع» الأبواب على محاكمة المسؤولين عن المجازر الطائفية المشينة والمآسي الإنسانية الفظيعة التي شهِدَتْها الحرب الأهلية في لبنان؟
أما الأمانة العامة لقوى 14 آذار فاعتبرت أنّ المحكمة العسكرية بعد الحكم الصادر بحقّ سماحة باتت «تحت سيطرة جهات سياسية قادرة على إصدار أحكام تناسبها» . لكن قوى الرابع عشر من آذار أسقطت من قاموسها احترام المؤسسات القضائية، فإذا كان الحكم يناسبها تلتزم الصمت، أما إذا كانت تريد انتصاراً سياسياً فتحاضر بالقانون وترمي التهم وتسقط معايير احترام الدولة. ويذكر المواطنون أنه عندما أصدرت القاضية الوزيرة أليس شبطيني قراراً بتخلية سبيل أربعة متهمين بالتعامل مع العدو «الإسرائيلي» لم يتحرك «أمير العدل» آنذاك للقول إنّ المحكمة العسكرية يجب أن تسقط، وإنه يجب إيجاد بديل لها وإنّ وزارة العدل غير معنية بقرارات تلك المحكمة!!!