وزارة الثقافة السوريّة تُكرِّم «عناقيد الفجر»

رانيا مشوّح

برعاية وزير الثقافة السورية عصام خليل، أقامت الوزارة ـ مديرية ثقافة الطفل، ولمناسبة عيد الشهداء، فعالية «عناقيد الفجر» في المركز الثقافي العربي في منطقة العدوي وسط العاصمة دمشق، إذ كرّمت عدداً من أبناء الشهداء وبناتهم، الفائزين في مسابقات أدبية وفنية لعام 2015.

وفي حديث لـ«البناء»، أوضحت ملك ياسين، مديرة ثقافة الطفل في الوزارة، الهدف من تنظيم الفعالية قائلةً: «هذه الفعالية عبارة عن تكريم لشهدائنا الأبرار. وللسنة الثانية على التوالي وبرغبة من معالي الوزير عصام خليل، أجرِيَت مسابقات فنية وأدبية لأبناء الشهداء. وقد كرّمنا في بداية هذه السنة عدداً من أبناء الشهداء، أما اليوم، ولمناسبة عيد الشهداء، سنكرّم أبناء الشهداء في عدد من المجالات الفنية والأدبية خط عربي، قصة، مقال، رسم، تصوير ضوئي، شعر… إلخ ».

وأضافت: «أتوجه بالشكر لمدارس أبناء وبنات الشهداء على تعاونها معنا ضمن برنامج وطنيّ متكامل يتم على مدار السنة بالتنسيق بيننا وبينها، وستُعرض مسرحيات تفاعلية، وستُنظّم معارض رسم، ومسرح عرائس. كل هذا نتاج الورشات الفنية التي كانت تقام لتدريب أبناء الشهداء وتنمية مهاراتهم».

كما تحدثت ياسين عن الأساس الذي استندت إليه هذه المسابقات، ودور وزارة الثقافة ومديرية ثقافة الطفل فيها قائلة: «اعتمدنا بدايةً على الخروج من إطار وزارة الثقافة، فأنشأنا عدداً من الفرق في محافظة دمشق وثماني محافظات أخرى في البلاد، للبدء بالقيام بورشات عمل قائمة على الدعم المعنوي والنفسي وتنمية مهارات الطفل وإعادة دمج أبناء الشهداء في المجتمع. وكل ثلاثة أشهر كنا نُجري تقييماً لمستوى أداء الأطفال واليافعين، حتى يشاهدوا نتائج عملهم وتدريباتهم ما يمنحهم ثقة أكبر بما يقدّمونه».

وأضافت: «لم تقتصر المشاركة على أبناء الشهداء وبناتهم داخل مدارسهم فقط، بل حاولنا جلب أبناء الشهداء غير المنتسبين إلى المدارس من خلال إرسال فرق ميدانية ووسائل الإعلام والمديريات الثقافية والمراكز الثقافية في المحافظات».

وعن آلية التدريب والتحكيم حدّثنا الأستاذ محمود سالم، رئيس «نادي أصدقاء الكاميرا»، وعضو لجنة التحكيم الفنية في فعالية «عناقيد الفجر» قائلاً: «دُرّب الأطفال ضمن ورش عمل على مدار ثلاثة أشهر، وخصّصنا عدة أيام في الأسبوع ضمن حصص النشاط، فتواجدنا معهم في جميع المجالات، واختير عدد من الأطفال للمشاركة في هذه الفعالية. حتى أن الجوائز التي حصل عليها الأطفال هي نتاج عملهم ضمن الورش الفنية، وقامت وزارة الثقافة بجلب متخصّصين في المجالات الفنية والأدبية لتمييز المبدعين من هؤلاء الأطفال».

وأضاف: «عملنا مستمر على مدار السنة، لا فقط ضمن هذه الورشات. بحيث يتم التواصل مع الأطفال الموهوبين للمشاركة في مسابقات ومعارض على مستوى العالم العربي، وعلى المستوى العالمي. وفي السنة الماضية، نال عدد من الأطفال جوائز على مستوى المسابقات العربية والعالمية، وحالياً نعمل على برنامج الدعم النفسي للأطفال المهجّرين والأطفال الوافدين، كي يتمكنوا من الإقبال على الحياة وعلى الوطن بطريقة ونظرة مختلفتين».

أما عن الطرق التي اتُّبعت مع الأطفال لتمرينهم على النشاطات، أوضح فادي عطية أستاذ الموسيقى في «معهد صلحي الوادي» وفي المعهد العالي للموسيقى قائلاً: «العمل مع أبناء الشهداء من أولويات عملي. فأيّ عمل مع الأطفال هو عمل مع المستقبل، خصوصاً ممن يحيون حالة خاصة مثل أبناء الشهداء. وهي مسؤولية كبيرة لأنني أعتقد أن ما سنتركه لهم ليس جيداً، وهذا كله سيقع على عاتقهم هم. فمن واجبنا إعطاؤهم أفضل ما لدينا كي يتمكنوا من التقدم نحو حياة أفضل لهم ولمن سيأتي بعدهم».

وأضاف: «عملت معهم على مدار أيام قليلة، وتمكّنت من إظهار مكنوناتهم الفنية وإرشادهم إلى الطرق الأمثل للتعبير عمّا في دواخلهم من مواهب مخفيّة. كما اعتمدت طريقة دمجهم مع طلاب من معهد صلحي الوادي ليتمكنوا من الاستفادة منهم، ولكسر العوائق التي يعانون منها». وفي الإطار نفسه، حدّثتنا سماح قتال، مشرفة المسرح التفاعلي ضمن الورش التدريبية للدعم النفسي لليافعين قائلةً: «بدأنا منذ شباط الماضي العمل على تدريب الأطفال على المسرح التفاعلي، الذي يمنح أيّ شريحة عمرية القدرة على التعبير والتعارف وكسر الحواجز، ويمكّنهم من الانطلاق في الحياة والتعبير عن كل ما يشعرون به. ومن خلال اعتمادنا الدعم النفسي، كان لا بدّ أولاً من اتّباع الحلول المناسبة وأولها القدرة على التعبير عن مشاكلهم. وأهمية ذلك لأبناء الشهداء وللأطفال عموماً أن المشاركة في مثل هذه النشاطات، تمكّنهم من التفوّق في تحصيلهم العلمي، وتغيير سلوكياتهم. ولمسنا ذلك من خلال المتابعة مع إدارة المدرسة والأهالي».

يشار إلى أنّ الأطفال قدّموا خلال الفعالية، عروضاً مسرحية متنوّعة، تحدث بعضها عن معاني الشهادة، إضافة إلى عرض مسرح عرائس «كركوز وعيواظ»، ومسرح تفاعليّ بعنوان الجراثيم والفيتامينات.

وكان من أبرز ما قُدّم خلال الحفل، فقرة قدّمتها بنات الشهداء تضمّنت قراءة رسائل إلى الأب الغائب، حمّلنها مشاعرهن وحزنهن لفقدان الأب الشهيد، واشتياقهن إليه، وأملهن في عودة سورية كما كانت.

وأبدع الأطفال كذلك في تقديم مجموعة من الأغاني الوطنية مثل «خبطة قدمكم على الأرض هدّارة» و«تعلا وتتعمر يا دار» بإشراف فادي عطية.

للطفولة حق، ولأبناء أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر حقوق أسمى. فعناقيد فجر اليوم سيحملون رسالات تضحيات آبائهم في سبيل الوطن كي يكونوا للغد براعمه المشرقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى