ليس ناصرياً من يرتمي في أحضان الرجعيين!
صابرين دياب
مؤسف ان نسمع بـ «ناصريين» ينسجمون مع اعداء مشروع الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ويتماهون مع أعداء فكره العروبي الإنساني والتقدمي! معيب تقاطعهم مع أكثر رجعيات التاريخ والإنسانية نذالة وخسّة المتمثلّة بآل سعود وآل ثاني في دول الملح – محميات واشنطن وتل ابيب – وبعض مطاياهم في لبنان، وأتساءل: ألا يستحون بهذا التقاطع الذي من شأنه إسقاط «الناصرية» عنهم حتماً!! هل تخامر أي قومي أصيل ذي موقف عروبي متجذّر نأمة شك مهما تفهت بزيف ادعاء هؤلاء الانتماء للناصرية!؟ عن أي «ناصرية» يتحدثون ويدعّونها!؟
تؤلمني ناصريتنا في مرحلتنا القاسية التي تعصف بأمة العرب المنكوبة بمستعمر فاشي يمتطي زمرة حكام رجعيين تابعين وعلى الخيانة والتآمر معتادين… وفي حضرة الألم يطل علينا زعيمنا الخالد رغم غيابه المادي بقامته الباسقة ومحيّاه الجميل والشعر الفضيّ على فوديه وبالذكاء وبالإباء وبالتحدّي في عينيه يمسح عنا عار المدّعين… وفي فيهِ ألفُ سؤال وسؤال عن الإرث الوطنيّ والقوميّ والثوريّ والإنسانيّ الذي تركه لنا، وما جرى وما صار له وللشعب العظيم الذي علّمه أن يرفع الرأس. رأس كل مواطن عربي من المحيط إلى الخليج، وللوطن الحبيب الذي استشهد دفاعاً عن حلم وحدته وسلامة أراضيه يسألنا بغضب قوميّ مشرّع: كيف طردنا الاستعمار فخرج ذليلاً من الباب يجرّ ذيله وعاد من الشباك إلى مدننا وموانئنا في السعوديّة وقطر والبحرين والأردن وليبيا يقيم فيها القواعد العسكريّة ويتحكّم بمصائر الأمة!؟ كيف طردنا المغتصب الانكليزيّ والفرنسيّ من الوطن الغالي ورحّبنا بالخدين الأميركيّ!؟ هل نسي بعض مدّعي الناصرية مؤامرات ترومان وأيزنهاور وجونسون على أمّتنا وعلى وطننا!؟ وكيف صار الرئيس الأميركي عزيز الملوك والأمراء ومعظم الرؤساء العرب التابعين!؟ كيف صار الوليَّ والواليَ والمقرِّرَ والمسيِّرَ والمدبِّرَ والمسيطِرَ والمستثمِرَ الواحد الأحد الذي كلمته لا تصير كلمتين في القصور العربيّة!؟ كيف صاروا أقيالاً وأقناناً للأنكل سام نيكسون وفورد وبوش الأب والأبن! وتمَّ النُّقُل بالزعرور كما يقول المثل الفلسطيني بالأنكل أوباما، كافور أميركا الذي خصوه قبل أن يرئّسوه عذراً على التعبير .
حارب الأميركيون مصر الثورة بالطائرة وبالدبابة وبالصاروخ وبالغواصة وبرغيف الخبز وما حنت الرأس ولا تراجعت عن مبادئها ولا عن مسيرتها وكان البيت الأبيض والبنتاغون وقصر الاليزيه ومكتب مستر ايدين يرغون ويزبدون ويغضبون ويحقدون ويعضّون راحاتهم وشفاههم السفلى حينما يسمعون اسم مصر واسم جمال عبد الناصر! كما يفعلون الآن حين يذكر اسم بشار الأسد وسماحة سيد المقاومة حسن نصر الله!
ماذا جرى لعروبتنا!!؟ كانت القاهرة أم الدنيا. أم الثورات العالميّة وأم حركات التحرر الوطني. العاصمة التي تشعّ حريّةً ونوراً وكفاحاً ونضالاً وثقافةً. مركز الدول الأفريقيّة ومركز دول عدم الانحياز. رؤساء العالم وقادته يحجّون إليها، جواهر لال نهرو، تشو أن لاي، تيتو، سوكارنو، سيكوتوري، تشي جيفاران أحمد بن بلة، وياسر عرفات. همّشها سدنة كامب ديفيد، ودول البترودولار! فكيف تتقاطعون معهم ايها المدّعون!؟
كيف صارت الهند صديقة وحليفة لـ «إسرائيل»!؟ ولماذا ارتبطت الصين بعلاقات تجاريّة وعسكريّة وسياسيّة مع
«تل أبيب»؟ كيف تحوّلت أثيوبيا واريتريا وغانا وغينيا وساحل العاج وجميع دول القارة السمراء إلى ملاعب للسياسة «الإسرائيليّة» واستخباراتها!؟ كيف قزّم هؤلاء الأقزام دور مصر ودور القاهرة وكيف صارت أنقرة و«تل أبيب» القوتين المركزيتين في منطقتنا!!؟ ألا تخجلون ايها المدّعون!!؟؟
تأمرك قادة العرب بعد رحيل ابي خالد وتحوّلوا من الزنا السريّ مع «إسرائيل» إلى الزنا العلنيّ معها، فكيف تحترم واشنطن زعماء تَمَوْمَسوا وفتحوا عواصمهم وصحافتهم وفضائيّاتهم وفنادقهم ومتاجرهم لجنرالات واشنطن و«تل ابيب» زنا مجاني يا بلاش!!
باعوا عطر البرتقال اليافوي وأشجار الزيتون والمسجد الأقصى في عام 1924 ثم في كامب ديفيد وقبضوا الثمن زجاجات كوكا كولا وكلاماً فارغاً لا يسمن ولا يغني عن جوع… رهنوا الحرمين للبيت الأبيض، ليحمي مؤخّراتهم المترهّلة على الكراسي المسوّسة. حوّلوا النفط والغاز من نعمة إلى نقمة واشتروا بثمنه سياطاً، لجلد أبناء وبنات الأمة في اليمن وسورية وقبلهما فلسطين.
كان الزعيم أيها المدّعون يلج البيوت عليهم في الرياض والرباط وعمّان وأنقرة ولندن وباريس وبرلين وواشنطن، وتغري الحاجب والوليد والعامل بشتمهم وصفعهم على مؤخّراتهم!!. ما أخذ بالقوّة لا يسترد إلا بالقوّة- هكذا علّمنا – وليس بالزحف على الركبتين في الرياض والدوحة ولدى أسيادهم في واشنطن وتل أبيب! ومن يزحف على ركبتيه يدعُ العدوَّ إلى امتطائه! اليس كذلك ايها المدّعون!!؟
منذ أكثر من أربعين سنة خلت، حملت الرجعية العربية الى جانب السادات الصريع ثم مبارك المخلوع ممحاةً وعملوا جاهدين ليل نهار ليمحوا اسم جمال عبدالناصر وفكره وذكره وتراثه، في هبة النيل. واجتهدوا واجتهد أتباعهم وموالوهم ألا يذكروا اسمه بخير!! لكن هيهات منا الذلة! سيظل حضور الزعيم أخّاذاً متجذّراً في كل مدينة وفي كل قرية عربية وفي كل بيت وفي كل حيّ. الشوارع تحمل اسمه، يرفع الأذان من مآذن مساجد تحمل اسمه، على جدران صالونات المنازل صوره.
في هافانا نصب تذكاري للزعيم الخالد، محفورة عليه برقيّة تاريخيّة: «إلى القائد جمال عبد الناصر، إنّ صمودكم في بور سعيد علّمنا الصمود والكفاح في كوبا. التوقيع: فيديل كاسترو وتشي غيفارا». اذهبوا الى هافانا ايها المدعّون لعلكم تخجلون!! وتساءلوا كيفما تساءل كل ناصري أصيل: لماذا لم يتعلّم من الزعيم هؤلاء المنهزمون
الرجعيون الذين اعتقدوا أنّ تسعاً وتسعين في المئة من أوراق اللعب في يد أميركا!؟
وفي حضرة الألم نذكّر، نحن أحفاد وأهل الزعيم في الناصرة ويافا وأم الفحم والجليل. نحن في القدس وغزّة ورفح ونابلس وجنين والخليل… نحن في مخيّمات بلاطة والوحدات واليرموك والشاطئ وجباليا وعسكر والدهيشة والجلزون، نجدد العهد ولن ننساه وننساق خلف الاتباع الخائنين. سنظل نردد أقواله ونذكر أفعاله ونرفع صوره وصوته في التظاهرات والمواجهات الى جانب صورة زعيم المرحلة الرئيس بشار الأسد. ارفع رأسك يا أخي! إرادة الشعب من إرادة الله! لن نخنع ولن نركع ولن نكون تابعين، سنظل احراراً كراماً ندافع عن أرضنا وتاريخنا وتراثنا ولغتنا وبقائنا.
نحن الفلسطينيين ابناءُ مشروع ناصر. شابات وشبان القدس ويافا والجليل. شبان ميدان التحرير، وميادين سورية الأسد المقاومة الصامدة في وجه العدوان الصهيو رجعي عليها وعلى ثوابتها. نعدك يا أبا خالد بأننا سنغسل الشوارع والحواري بماء النيل وبماء الأردن والفرات وبماء بردى والحاصباني وبماء الثورة، بماء القوميّة العربيّة الصافية المنزّهة من غاز وكاز ونفط الخائنين.
خالد فكرك وخالد تراثك وخالد دربك وخالد وطنك وخالد شعبك يا أبانا يا أبا العرب يا أبا خالد… وليخسأ المدّعون!