آل سعود والعروبة المزيّفة
احمد علي العبدالله
منذ معاهدة كوينسي عام 1945 بين الرئيس الأميركي آنذاك والملك السعودي المنتصر على بقية قبائل شبه الجزيرة العربية بدعم غربي وأميركي بخاصة، بدأت العلاقة بين الطرفين تتوطد أكثر، اذ نصت الاتفاقية على أن يحمي الأميركي سلطة الملك من أي خطر داخلي أو خارجي في مقابل استمرار تدفق النفط المكتشف حديثاً، حيث لم تكن لأميركا مستعمرة في الوطن العربي ولم تكن لها علاقات مع أي دولة أو حزب أو جماعة حينها الا مع الملك عبدالعزيز آل سعود، كون الأخير تعهد بمساعدة البريطاني والأميركي بإقامة «وطن قومي لليهود» في فلسطين العربية في مقابل أن تجعل هاتان الدولتان ابن سعود ملك ملوك العرب.
وعليه يجب ألاّ يستغرب أحد من سلوك آل مملكة الرمال سواء ما فعلوه تجاه سورية أو ما اقترفوه الآن في حربهم على الشعب اليمني الشقيق أو على أي بلد عربي آخر.
لعل آل سعود قد اثبتوا منطق علم النفس الذي يقول اذا ما فشل المرء في الحصول على شيء يريده، لا بد أن يقوم بمحاولة تعويض، قد تكون بدائية «غرائزية» وبالتالي تكون نتائجها مدمرة له أو مؤذية كأقل تقدير، تماماً كما يفعل الآن آل سعود ومحركهم الأصيل في اليمن، فبعد أن فشل الأميركي ووكلاؤه في المنطقة وفي مقدمهم آل سعود في حربهم على سورية الموقع والموقف والتاريخ والدور كمحاولة أخيرة في العمليات القيصيرية التي قاموا بها لتوليد «الشرق الأوسط الجديد» بعد سلسلة محاولات عقيمة سابقة منذ بدء اجتياح العراق التي قادها الأميركي وموّلتها أغلب أنظمة الخليج وبخاصة بني سعود، يعيد اليوم آل سلول إحياء نزعتهم العدائية ويجددونها بإعلان الحرب تحت عنوان «عاصفة الحزم» على المواطن اليمني ودولته وجيشه وبنيته ولقمة خبزه، وذلك لأسباب واهية مزيفة بات يدركها كل من لديه ادنى وعي سياسي، تماماً كما هي اسباب اجتياح بغداد.
ففي سورية حارب آل سعود العروبة بالعروبة المزيفة تحت ذريعة «نصرة» الشعب السوري ومساعدته على «نيل حريته»، كما يفعلون بكل بدائية إزاء اليمن، حيث السعودية تدمّر وتقتل وتخرب من أجل ادّعاء مزيف، وهو «استعادة الشرعية» في الوقت الذي تعلن حربها عبر ذراعهم الارهابي الذي صنعوه وكبروه وموّلوه على الشرعية الحقيقة في سورية، وفي كلّ من البلدين العروبيين تجاوز آل سعود كلّ «أخلاقيات» الحرب واعرافها.
ولطالما تدخلت السعودية في اليمن، وكل مرة كانت تفوز بالهزيمة فقط، لكن هذه المرة يحاول حكامها إضفاء طابع الشمولية على «عاصفة الحزم» على الأشقاء في اليمن، حيث اشترت مشاركة السودان والمغرب ومصر وغيرهما.
هذه العروبة المزيفة التي انتهجها آل سعود ضد الشعب اليمني والسوري، كانوا قد حاولوا سابقاً استثمارها في نهاية الحرب البديلة بين طهران وبغداد في اواخر ثمانينات القرن الماضي، تلك الحرب التي أشعل فتيلها استخباراتهم والأميركي ايضاً، بذريعة ان طهران الثائرة ستصدر ثورتها للعراق ومن ثم تقيم نظاماً ذا صبغة طائفية فيه، حيث اشار وزير الخارجية السعودي في الاجتماع الوزاري الطارئ في تونس في 23/8/1987 الى امكانية تفعيل وتطبيق اتفاقية الدفاع العربي المشترك الموقعة في بداية خمسينات القرن المنصرم، وهي محاولة «حق أريد بها الباطل» ذلك اذا لم تحترم طهران قرار مجلس الأمن الرقم 598 الصادر في 20/7/1987 الذي ينص على وقف اطلاق النار، حيث اراد السعودي ان يضفي طابع الشمولية على الحرب التي أشار الى امكانية بدئها ضد طهران ليشرعن رغبته بتحويل الصراع من عربي – صهيوني الى عربي- فارسي، كما أراد ان يستخدم الجيوش العربية لتحقيق مآربه ومزاعمه بادعاء نصرة العراق كدولة شقيقة، علماً انّ الحرب كانت قد وضعت أوزارها أو تكاد في ذلك الوقت.