كييف تلغي اتفاقية التعاون العسكري والتقني مع روسيا
قررت الحكومة الأوكرانية أمس إيقاف سريان الاتفاقية حول التعاون الثنائي مع روسيا في المجال العسكري والتقني، والتي وقعت في عام 1993.
ويأتي هذا القرار بعد قرار آخر كان الرئيس بيترو بوروشينكو قد اتخذه في حزيران الماضي، فرض من خلاله حظراً على التعاون العسكري مع روسيا بكل أشكاله.
أما روسيا فبدأت بتطبيق خطة شاملة لتوطيد الإنتاج العسكري واستبدال المواد المستوردة وبالدرجة الأولى الأوكرانية الصنع، التي كانت تستخدم سابقاً في الصناعات الحربية الروسية ولا سيما في ما يخص إنتاج المروحيات وطائرات النقل العسكري.
الى ذلك، أعلن دميتري بيسكوف، الناطق الصحافي باسم الرئيس الروسي أن موسكو ستتخذ إجراءات جوابية لحماية أمنها في حال نشرت أوكرانيا عناصر منظومة الدرع الصاروخية الأميركية على أراضيها.
وكان أمين مجلس الأمن الوطني والدفاع الأوكراني ألكسندر تورتشينوف قد أعلن في وقت سابق من يوم أمس أنه لا يستبعد أن تدرس كييف إجراء مشاورات حول نشر عناصر من المنظومة الأميركية على أراضيها.
وقال بيسكوف للصحافيين رداً على ذلك إنه «إذا كان المقصود هو أن أوكرانيا تخطط لنشر عناصر منظومة الدرع الصاروخية الأميركية على أراضيها فلا يمكن أن يكون موقفنا من هذا الأمر إلا سلبياً، كونه يمثل تهديداً للاتحاد الروسي، وفي حال نشر المنظومة ستتخذ روسيا بالضرورة إجراءات جوابية لتأمين أمنها الخاص».
ورداً على تصريح الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو لقناة «bbc» بأن بلاده لا تقاتل انفصاليين وإنما روسيا، قال بيسكوف إن «أوكرانيا لا تحارب روسيا بل شعبها»، وأوضح «يجب إدراك، أن كييف تشن مع الأسف حرباً ضد مواطنيها، مواطني أوكرانيا، فهم من يتعرضون للقصف، وهم الذين يقتلون».
كما لفت السكرتير الى أنه ليست لدى الكرملين ثقة كبيرة ببوروشينكو بسبب تقاعس كييف عن تنفيذ التزاماتها والاتفاقات الموقعة، وقال: «إن نقص الثقة يستند للأسف إلى حقائق محددة، والتزامات غير منفذة بعينها، وقصور معين في تنفيذ الوثائق الموقعة».
وكان الرئيس الأوكراني قد زعم أن القوات الأوكرانية قد أوقفت عشرات العسكريين الروس المشاركين في العمليات القتالية شرق البلاد، وقال لقناة «bbc»: «نحن لا نحارب الانفصاليين الذين تؤيدهم روسيا، فهي حرب حقيقية مع روسيا. واليوم أسرنا اثنين من العسكريين الروس، ومنذ أسابيع عدة وأشهر أسرنا 20 و60 جندياً على التوالي من القوات الخاصة الروسية، وهذا دليل إضافي قوي».
وتابع بوروشينكو، رداً على سؤال إن كان ينوي استعادة الأراضي الأوكرانية بالسبل العسكرية «أنا رئيس سلام، وأعمل كل شيء للحفاظ على السلام. لذلك كنت في مينسك، وحضرت محادثات صعبة جداً لـ18 ساعة من دون توقف في 12 شباط من هذا العام»، وأكد «نحن مستعدون لتنفيذ كافة الالتزامات التي تضمنتها اتفاقات مينسك الأخرى، ونطالب روسيا بالمثل».
وأعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أمل موسكو في أن تستخدم واشنطن، بعد زيارة وزير خارجيتها جون كيري إلى روسيا، نفوذها لدفع كييف نحو تنفيذ اتفاقات مينسك.
وقال لافروف في كلمة ألقاها في مجلس الاتحاد الروسي أمس، «نعول على أن تستخدم واشنطن، بعد اللقاءات في سوتشي، نفوذها في أوكرانيا لمنع كييف من القيام بمغامرات عسكرية جديدة ودفعها نحو التمسك بتنفيذ اتفاقات مينسك».
وأوضح الوزير الروسي أن زيارة جون كيري إلى سوتشي سمحت للجانبين بإدراك ضرورة تجنب الخطوات التي يمكن أن تؤدي إلى تعقيد العلاقات الثنائية، مؤكداً أن الطريق الواقعي لتسوية الأزمة الأوكرانية يتمثل في تنفيذ اتفاقات مينسك في شكل كامل، مشيراً إلى أن نظيره الأميركي أكد هذا الموقف خلال زيارته إلى سوتشي في 12 أيار.
وأضاف أن تسوية العديد من «القضايا الحادة» تتوقف على توحيد جهود موسكو وواشنطن، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تشارك في شؤون أوكرانيا منذ زمن طويل لكن هذه «المشاركة ليست بناءة في بعض الأحيان».
من جهة أخرى أشار الوزير الروسي إلى أن اللجنة الفرعية للشؤون السياسية التابعة لمجموعة الاتصال الخاصة بتسوية الأزمة الأوكرانية ستعقد اجتماعاً في 22 أيار، وأضاف إنه لا يعتبر سعي جيران روسيا إلى تعزيز علاقاتهم مع الاتحاد الأوروبي كارثة، مشدداً على ضرورة أن لا تلحق هذه العمليات الضرر بمصالح روسيا.
وقال الوزير الروسي «الشرط الوحيد الذي نصر عليه هو أن تكون هذه العمليات شفافة ولا تنطوي على أي معان خفية»، مؤكداً أن موسكو مستعدة الى تحقيق الانسجام بين عمليات التكامل وتوازن المصالح.
وأكد لافروف أن الأزمة الأوكرانية تطورت بعد رفض الاتحاد الأوروبي حجج موسكو في شأن ضرورة التوصل إلى اتفاق حول إقامة منطقة تجارة حرة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي أخذاً في الاعتبار التزامات كييف في شأن منطقة التجارة الحرة في إطار رابطة الدول المستقلة.
من جهة أخرى، قال الوزير الروسي إنه لا يرى آفاقاً لانضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أن قمة أوكرانيا الاتحاد الأوروبي التي عقدت مؤخراً في كييف تتحدث عن دعم إجراء إصلاحات مختلفة من دون ذكر آفاق الانضمام إلى الناتو أو الاتحاد.
وفي شأن العلاقات الروسية – الأميركية أكد لافروف أن بلاده تعتبر محاولات واشنطن لدعم قوى مناهضة للحكومة في روسيا مدمّرة للعلاقات بين البلدين، لافتاً إلى القانون الأميركي حول دعم الحرية في أوكرانيا الذي ينص على تخصيص نحو 60 مليون دولار لتمويل هذا النشاط. وقال إن موسكو حذرت واشنطن من أن هذه الخطوات غير مقبولة.
كما أكد وزير الخارجية الروسي أن هناك حرباً إعلامية تجري في وسائل الإعلام العالمية ضد روسيا، مشيراً إلى أن موسكو لا تهتم بهذه الحروب، مضيفاً أن هناك مبادرة طرحت في الكونغرس الأميركي مؤخراً تهدف إلى زيادة تمويل مؤسسات البث الإخباري في أوروبا وأوراسيا، لأن الأميركيين يخسرون في «الحرب الإعلامية مع روسيا».
وأكد لافروف أن الروس لا يريدون أية حروب، بما في ذلك حروب إعلامية. وأضاف: «ربما يكون الصحافيون الروس الوحيدين الذين يعملون في شكل دائم في جنوب شرقي أوكرانيا ويعرضون من خلال البث المباشر ذلك الدمار الهائل الذي تسببه أعمال القوات المسلحة الأوكرانية وكتائب الحرس الوطني و«القطاع الأيمن» الذي لا تخضع وحداته لكييف الرسمية».