تقرير

تناولت صحيفة «ترود» الروسية قرار البرلمان الأوكراني «رادا» في شأن السماح للحكومة بوقف تسديد الديون المستحقة على الدولة الأوكرانية. و جاء في المقال:

أقر البرلمان الأوكراني قانوناً، يمنح الحكومة الحق في تعليق تسديد بعض الديون الخارجية المستحقة. أي أنّ كييف تهدف، من جانب واحد، إلى الامتناع عن تسديد القرض الروسي البالغ ثلاثة مليارات دولار.

تبلغ ديون أوكرانيا الخارجية 70 في المئة من ناتج البلاد المحلي الاجمالي 50 مليار دولار ، وسيرتفع هذا المبلغ ليعادل 90 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي. ليست الديون الروسية الأكبر من بين هذه الديون، ولكنها ضمن الديون الواجب تسديدها في الفترة القريبة.

يذكر أنّ الكرملين اتخذ في كانون الأول عام 2013 قراراً بمنح أوكرانيا قرضاً بقيمة 15 مليار دولار، عن طريق شراء سندات حكومية أوكرانية ـ أوروبية حينذاك كان فيكتور يانوكوفيتش لا يزال رئيساً لأوكرانيا . الدفعة الأولى ثلاثة مليارات دولار من هذا القرض حُوّلت إلى أوكرانيا، على أن تسدّد على دفعات خلال سنتين مع الفوائد المستحقة. سدّدت كييف في شباط الماضي الدفعة المستحقة، وعليها تسديد مبلغ 75 مليون دولار في 29 حزيران المقبل، ثمّ تسديد المبلغ كاملاً في كانون الأول من السنة الحالية. ولكن حكومة ياتسينيوك لم تدرج هذه المبالغ في الموازنة العامة، والآن منحها القانون الذي أقره البرلمان، الحق في تسديد الديون لهذه الجهة أو تلك أو عدم تسديدها، بحسب هواها.

علّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قرار البرلمان الأوكراني بقوله: «إنه الاعلان عن الافلاس المحتمل ـ وهو أدنى مستوى من المسؤولية والمهنية». وذكّر بوتين خلال اجتماعه مع أعضاء الفريق الاقتصادي في الحكومة الروسية، أن روسيا منحت أوكرانيا ثلاثة مليارات دولار كقرض بشروط ميسّرة، «وكان بإمكان كييف آنذاك الحصول على مثل هذا القرض بفوائد لا تقل عن 10 في المئة، أما نحن فوافقنا على فوائد سنوية بنسبة خمسة في المئة». ولكن يبدو أنّ المعدة لا تتذكر الحسنات. الآن أوكرانيا لا تخفي نيّتها رفض تسديد هذا الدين وتعتبر ذلك عدلاً.

من ناحيتها، تتردد الحكومة الروسية في اتخاذ أيّ إجراءات جوابية، على رغم حقها في المطالبة بتسديد المبلغ مبكراً.

الغرب لا يسمح بانعدام الانضباط في الأمور المالية. وخير مثال على ذلك الأوضاع في اليونان، فبعد استلام الاشتراكي آلِكسيس تسيبراس رئاسة الحكومة اليونانية، طلب من المقرضين شطب الجزء الأكبر من الديون المستحقة على بلاده البالغة 320 مليار يورو. كان رد الاتحاد الأوروبي على هذا الطلب قاسياً وحازماً، إذ رفض الطلب وأوقف منح اليونان قروضاً جديدة وطلب من اليونانيين شدّ الأحزمة على البطون.

وحذّر قادة الدول الأوروبية الرائدة بزعامة المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل، أثينا من إمكانية استبعاد البلاد من الاتحاد الأوروبي. هذا أجبر اليونان على التراجع عن موقفها، والآن تُجري مباحثات في شأن البرنامج المالي الجديد الخاص بالإصلاحات الاقتصادية، ومن ضمنها التقشّف.

أما أوكرانيا الغارقة في الديون، فعلى العكس من ذلك، تحاول التعود على العيش تحت شعار «أكثر فقراً، أكثر وقاحة»، على رغم أنّ روسيا منحت القرض لأوكرانيا من صندوق الضمان الاجتماعي الوطني الروسي. كما أنّ المصارف الروسية منحت أوكرانيا قروضاً قيمتها 24 إلى 25 مليار دولار.

إضافةً إلى هذا، حصلت أوكرانيا على الغاز الروسي بأسعار مخفضة جدّاً. مقابل هذا تستمر كييف في تنظيم حملة صليبية أوروبية ضد روسيا. ألم يحن الوقت لكي تلقن الحكومة الروسية أوكرانيا درساً مماثلاً لدرس اليونان؟ ولتكن البداية بالتوجه نحو محكمة التحكيم في ستوكهولم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى