من التكفير حتى التحرير… حزب الله لن يساير أحداً و لا للتجزئة
روزانا رمّال
أكد أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في خطاب عيد المقاومة والتحرير أنه لم يمر زمان على هذه المقاومة منذ حزيران عام 82 إلى اليوم وكانت أكثر نفيراً وعتاداً كماً ونوعاً وخبرة ومجاهدوها أكثر حماسة وأشدّ حضوراً في الساحات، كما نحن اليوم في أيار عام 2015.
ويفصل هذا الخطاب بين مرحلة ومرحلة وهو تاريخ حدّد وروزنامة لحزب الله أعلن عنها رسمياً. قبل شهر على الاتفاق النووي مع إيران أكد السيد نصرالله أنه لم يعلن حتى الساعة التعبئة العامة في صفوف رجال المقاومة والناس والمؤيدين، فماذا يعني هذا؟
إنّ عدم الإعلان عن التعبئة العامة يشير إلى ثلاثة أمور:
أولاً، أنّ حزب الله واثق بقدراته العسكرية واللوجستية إلى حدّ بعيد أكبر مما يبث، مع ثقته أيضاً بقاعدته الشعبية التي لن تخذله، في حال أعلن التعبئة، وبالتالي يعلن حزب الله أنّ الأوان لم يحن لذلك بعد لوجيستياً.
ثانياً، أنه إعلان غير مباشر من قبل الحزب أنه مستعد و قادر على أن يقود معركة طويلة الأمد وأنّ المعارك مع التكفير لم تستنزفه حتى الساعة، وبالتالي فإنّ خوض معارك أطول وأوسع مدى هو واقع الحزب حالياً.
ثالثاً: اطمئنان حزب الله إلى قدرته على الانتصار القادم لا محالة على هذا المشروع.
إذا كانت هذه هي أجواء حزب الله قبل توقيع الاتفاق النووي مع إيران الذي سيكرس، بطبيعة الحال، تحولات تعرف قيادة الحزب أنها قادمة من دون شك، فإنّ هذا يعني أنّ نصرالله يرسم بهذا الخطاب العدّ التنازلي للمجموعات التكفيرية ومموليها و داعميها، قبل اللجوء إلى النفير العام، علماً أنّ حلف المقاومة يواجه منذ بداية أيار حتى آخر حزيران، موعد الاتفاق، أشدّ وأقصى تمدّد وتدحرج لكرة النار التكفيرية.
يرتبط انتصار طهران النووي بصمود حلفها طيلة السنوات الماضية، وهو انعكاس إنجازات متراكمة، ويؤكد السيد نصرالله على هذا، وأدقّ ما لفت إليه هو اعتباره أنّ سياسة التجزئة هي خطأ استراتيجي ويجب توحيد المواجهة لهزيمة المشروع الجديد. هذا المشروع هو الشرق الأوسط الجديد الذي كان مقدراً له أن يشهد فوضى وتقسيماً وخلق دويلات على أساس عرقي وطائفي، وبالتالي أكد السيد نصرالله أنّ القتال قتال حلف والحلف حلف مصير وأنّ قيادة المقاومة ترى ضرورة التدخل في المعارك في كلّ مكان وزمان.
قرار حزب الله الاستراتيجي هو قرار إقليمي وقد يتخطى سورية التي أكد السيد نصرالله أنّ الحزب سيتواجد فيها في كلّ مكان حتى العراق، وهو قرار لم يعد يحتمل الثمن الذي كان يدفعه، عملاً بأي حساب، داخلياً أم خارجياً في معركة وجود تتطلب تضحيات جسيمة وهي معركة أخطر وأكبر من التلهي بما يروج له.
بعد خمس سنوات من الحرب التكفيرية، يدرك خصوم حزب الله أنهم أمام مفاجأة بإظهار السيد نصرالله ارتياحاً شديداً وثقة عالية بالنصر وبالقدرة اللوجستية والنفسية والمعنوية والمادية ضمن حزبه الذي جوبه بشائعات بدأت بقائده ولن تنتهي ببث أرقام غير دقيقة عن عدد شهدائه وبالتالي يتوجب على هؤلاء التعامل مع هذا الحدث الجدي.
أكدت معارك القلمون التي يخوضها حزب الله أنّ تقدمه قد يكون أسرع مما كان متوقعاً في جبهات عدة، إذا ما فتحت أمامه، لكنّ ثقة الحزب التي لم يردعها لا داخل مستنفر للتحريض عليه منذ بدايتها ولا خارج يتهمه بتورطه في عملية القطيف الانتحارية وفق مزاعم صحف سعودية، ستستدعي بالنسبة إلى خصومه التحضر للمرحلة المقبلة و هي مرحلة القرار عند حزب الله.
القرار في خطاب الفصل قبل التحولات السياسية المقبلة على المنطقة هو استكمال المعارك وأهمها معارك جرود عرسال وهي الخاصرة التي يعتمد عليها أعداؤه في الداخل لجره من خلالها نحو أتون صراع بين أهالي منطقتي عرسال والهرمل وغيرهما، على وقع نزاع طائفي يفتح طريقاً سهلا على التكفيريين للدخول ليقول إنّ أحداً من أهالي الهرمل أو غيرها لم ولن ينقاد نحو الغرق في خفايا مشروع بات واضحاً، فاستعدوا لمعركة استرجاع الأرض اللبنانية وتحملوا مسؤولياتكم.
وضع السيد نصرالله الثقة بالانتصار بين يدي الداخل والخارج، وإن كان تيار المستقبل أول المتضرّرين بالنسبة إليه من المشروع التكفيري في لبنان.
في عيد التحرير، وضع السيد نصرالله أوراقه على الطاولة: ثقة بالانتصار، وقرارحسم استراتيجي متلازم، وقدرات عالية. لا حاجة إلى الرهانات والمرحلة المقبلة نصب الأعين والدراسة، والنتيجة من التكفير حتى التحرير، والموعد حتى آخر حزيران في جرود عرسال، ولن تنجح عمليات التهويل بالفتنة في منع تنفيذ قرار التحرير.