ثمة روابط وعلامات استفهام كبيرة…؟؟؟

راسم عبيدات ـ القدس المحتلة

دعت السعودية إلى عقد اجتماع طارئ الاثنين المقبل لما يسمى بـ»الجامعة العربية» التي كفّت عن كونها عربية… إلاّ بالإسم، فهي في إطار الفعل والممارسة والقرارات ضدّ مصالح الأمة كلها، وأضحت جزءاً من المشروع الموضوع للأمة بعد سيطرة مشيخات النفط والكاز الخليجية، قطر أولاً، والسعودية لاحقاً على قراراتها.

فالسعودية التي كنا نعتقد أنها حامية حمى الإسلام والمقدسات الإسلامية، وخاصة المسجد الأقصى الذي لا يكاد يوم يمرّ واحد من دون أن تدنّسه عصابات المستوطنين الصهاينة، مقيمة شعائرها وصلواتها التلمودية وأفعالها الفاضحة في ساحته، ليصل الأمر إلى حدّ رفع الأعلام الصهيونية في ساحاته وفق قبة صخرته، وكذلك الحفر بطول 60 متراً على أساساته، ما يهدد المسجد وجدرانه بخطر التصدع والانهيار لكننا نكتشف أن الدعوة ليست لنصرة الأقصى أو القدس أو فلسطين، بل هي لبحث التطورات في سورية، بعد الانتصارات المتحققة على يد الجيش العربي السوري، الذي راح يستعيد زمام الأمور. تلك الانتصارات وعمليات المصالحة في المجتمع السوري من شأنها تعقيد الأمور على السعودية الداعم الرئيس للجبهة الإسلامية التي تمّ الاتفاق بينها وبين النظام السوري على حقن الدماء في حمص، وإخراج المقاتلين من مجموعات المرتزقة والقتلة والإرهاب متعددة الجنسية من حمص الى مناطق الريف السوري بأسلحتهم الفردية، وللمرة الأولى وكسابقة في تاريخ الأمم المتحدة، «معهّرة» القرارات والقوانين والمبادىء والمعايير والقيم الدولية، في ظل السطوة والسيطرة الأميركية ـ الغربية الاستعمارية عليها، تشرف على إخراج مجموعات إرهابية ونقلها، تمارس القتل والتدمير والتخريب، بدلاً من ان يجري اعتقالها وسوقها إلى المحاكم الدولية لمحاسبتها ومعاقبتها على ما ارتكبته من جرائم حرب في حق الشعب السوري.

الحلف السعودي- الصهيوني- الأميركي التركي ـ الأوروبي ـ الغربي كان يقود التفاوض مع النظام السوري لإخراج مقاتلي ما يسمى بـ»جبهة النصرة» من حمص ونقلهم، ورغم أن عملية الخروج شكلت ضربة قوية لهذا الحلف المعادي، لكون حمص هي العاصمة التي انطلقت منها «الثورة السورية» ضد النظام السوري، وهي تعود الآن رغم المكابرة والتبجح العاصمة التي تنتهي فيها بـ»الثورة السورية».

لكي تعطي السعودية، ومعها الحلف المعادي، دفعاً لعصاباتها في الشام وعدم الظهور بمظهر المهزوم، أوعزت إلى تلك العصابات بممارسة عمليات إرهابية من قتل وتفجيرات وتفخيخ سيارات بلغت ذروتها بجريمة تدمير فندق كارلتون الأثري الذي بني في القرن التاسع عشر والقريب من قلعة حلب الأثرية، فكشفت عملية التدمير عن الوجه القذر لتلك العصابات المجرمة والواقفين خلفها والداعمين لها، فالهدف ليس فندق كارلتون، فهم باتوا على اقتناع تام بأن مشروعهم في الشام وفي أوكرانيا المرتبطة أيضاً بالملف السوري هزم، وعليهم أن يستعدوا للتفاوض، وهذا يتضح من خلال أننا سنشهد تغيّراً قريباً، وبعد أن تنضج ظروف التوافق الروسي – الأميركي في المبعوثين الدوليين للأزمتين الأوكرانية والسورية، فروسيا تقترح خافير سولانا للأزمة الأوكرانية وموراتينوس بدلاً من الإبراهيمي للأزمة السورية، وواضح أنّ ثمّة اتفاقاً أميركياً ـ روسياً يتبلور، ينص على عدم دخول القوات الروسية لكييف عاصمة أوكرانيا، مقابل عدم تزويد أميركا ما يسمى بالائتلاف السوري المعارض بأسلحة كاسرة للتوازن مثل صواريخ مضادة للطائرات، إذ فشل الجربا «زعيم» هذا الائتلاف بالحصول على أسلحة أميركية وليصبح بعد انتهاء صلاحيته خارج الخدمة.

ما حصل في حمص سيحصل في حلب. النظام السوري يستكمل فصل الريف عن المدينة وقطع إمدادات العصابات المجرمة، وسيكون هناك قصف عسكري ومصالحات على غرار ما تمّ في حمص. واستعادة حلب من شأنها أن تجعل الانتخابات الرئيسية جاهزة بمشاركة حلب العاصمة الاقتصادية، فالسعودية وحلفاؤها يراهنون على عدم قدرة النظام على إجراء تلك الانتخابات، من خلال التفجيرات والعمليات الإرهابية، إنما بات واضحاً أن القوى التي يراهن عليها الحلف المعادي مشتّتة وتتبع في ولاءاتها وتمويلها وقراراته أكثر من جهة، وهي أصبحت تأكل بعضها البعض، وهذا دلل أن لا هدف يجمعها ولا برنامج، بل عصابات مجرمة تتقاتل على المصالح والمغانم والأموال.

التطوّرات سريعة ومتلاحقة على صعيد الجبهتين السورية والأوكرانية، كذلك أي تفاهمات حولهما، ستكون الملفات الإيرانية والعراقية واللبنانية حاضرة في أي عمليات تفاوض واتفاق روسي- أميركي. وستكون إيران مفتاح الاستقرار في المنطقة، فأميركا والغرب باتا على قناعة بضرورة التسليم بإيران كقوة إقليمية لها مصالحها وحضورها وتأثيراتها في المنطقة. وستجبر السعودية رغم كل المكابرة على التفاوض مع إيران لصون الاستقرار في المنطقة، وهذا رهن بمدى قدرة القيادة السعودية على التعامل مع التطورات الحاصلة، وما يحصل من إعادة هيكلة الحكم في السعودية، ارتباطاً بما يحصل في سورية. دلالات على أن السعودية والحلف المعادي باتا مقتنعين بأن النظام ربح جولات الحسم العسكري، وأن حزب الله أضحى قوة إقليمية مقررة في المنطقة، ولذا عليها إلى حجز مقعد لها في الحوار حول سورية من خلال «الجبهة الإسلامية» التي تسلّحها وتموّلها.

السعودية هي عراب المشروع الأميركي في المنطقة، ولعلكم سمعتم ما قاله الرئيس الأميركي الأسبق كارتر حول أن رفض إقامة دولة فلسطينية في الضفة والقطاع لم يكن من «إسرائيل»، بل من السعودية التي كانت تخشى أن تقع تلك الدولة تحت النفوذ الروسي وتشكل خطراً على المشروع السعودي في المنطقة، وكذلك على ما يسمى بمحور الاعتدال العربي.

عليكم أن تثقوا تماماً بأنّ ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من مضايقة وحصار وضغوط وقطع «حنفيات» الدعم والمال عنه، تشارك به قوى عربية تتقدمها مشيخات النفط والكاز، لكي تستجيب للضغوط والشروط الأميركية «الإسرائيلية» للتسوية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى