سليمان يجدّد التمسك بإعلان بعبدا: لرئيس يتعاون مع المقاومة
رعى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أول من أمس، احتفال المصالحة في بلدة بريح في الشوف، بحضور البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، شيخ عقل الموحدين الدروز نعيم حسن، وزيرة المهجرين أليس شبطيني، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، وعدد من النواب وفاعليات المنطقة وحشد من الأهالي.
شبطيني
بداية، تحدثت وزيرة المهجرين أليس شبطيني حيث أكدت «أنّ وزارة المهجرين تصبح اليوم وزارة العودة من خلال جهود مضنية قام بها وزراء قبلي، وكان لهم الفضل الكبير لما وصلنا إليه من إعطاء الحقوق لأصحابها ودفع التعويضات ولو خجولة لمستحقيها، والتي أتت كمساعدة من الدولة على قدر إمكانياتها في ورشة إعادة إعمار ما تهدم مع أننا نعلم بأن المطلوب أكثر بكثير».
جنبلاط
وقال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط: «نختم اليوم برعاية رئيس البلاد العماد ميشال سليمان الجرح الأخير والأليم لحرب الآخرين على أرضنا، نقفل معكم فخامة الرئيس صفحةً سوداء من صراع عبثي فرّق ومزّق بين أفراد العائلة الواحدة في هذه القرية الشوفية الوديعة».
وأضاف: «لقد وضعتم وشاركناكم في صوغ أسس واضحة للسياسة الدفاعية من أجل حماية لبنان وفقط لبنان ترسي إمرة الدولة فوق كل اعتبار، عنيت به إعلان بعبدا، ونحن نعلم أنّ حسرتكم كبيرة كوننا جميعاً لم نتمكن من ترجمته عملياً نتيجة الظروف التي جعلت من لبنان جزءاً من محور عربي وإقليمي حالت دون تطبيقه».
وفي ما يخصّ الاستحقاق الرئاسي لفت جنبلاط إلى أننا «وصلنا إلى الاستحقاق الرئاسي وسط هذا الصخب والضجيج والضوضاء ووسط انقسام في البلاد لا مثيل له على حساب المصلحة الوطنية».
وأضاف: «إنّ خيار الوسطية والاعتدال والحوار الذي اخترناه سوياً والذي سنستمر به يثبت يوماً بعد يوم صوابيته في مواجهة دوامة تناحرالأضداد كما يكرس نهج تثبيت الدولة».
وخاطب البطريرك الراعي قائلاً: «لصاحب الغبطة والنيافة البطريرك الراعي أقول: «إنّ وجودكم اليوم بيننا وبين أهلكم في الجبل، وفي هذه المناسبة التاريخية لوأد هذا الجرح من تلك الحقبة البغيضة السوداء، وخطوة مباركة وجبارة تأتي في سياق استكمال مسيرة سلفكم الصالح البطريرك صفير الذي رعى مصالحة الجبل، مصالحة لبنان عام 2001 في المختارة».
وتابع: «على الرغم من قساوة الظروف السياسية والأمنية في المنطقة العربية التي تشهد مخاضاً عسيراً من أجل التغيير، غبطة البطريرك، فإنّ وجودكم، الوجود المسيحي في لبنان والشرق، هو ضرورة لأنه يكمل خارطة التنوع ويعززها بما يتماشى مع مسارها التاريخي ويبعد عنها الأحاديات والثنائيات التي تفقد المجتمع حيويته وتعدديته».
الراعي
وألقى البطريرك الراعي كلمة قال فيها: «يُسعدنا أن نحتفل معاً بلقاء العودة والمصالحة في هذه الدار الجديدة، بعد غياب تخطى الثلاثين عاماً، وبوضع حجر الأساس لكنيستَي مار جرجس ومار الياس، وفي أساسهما دماء الشهداء الذكية».
وأضاف: «ننتظر برجاء من المجلس النيابي انتخابه قبل الخامس والعشرين من أيار الجاري، الذي تفصلنا عنه سبعة أيام فقط، ونحن بحاجة إلى رئيس للجمهورية، ذي شخصية تتميز بالتجرد من أي مصلحة خاصة، وبالمصداقية، وبتاريخ حياته الحافل بالجمع بين المتباعدين، وبالغيرة على مؤسسات الدولة، ويكون قادراً على إجراء هذه المصالحة بالتعاون مع جميع المعنيِين في الداخل وفي الخارج»، مشدداً على «أننا بحاجة إلى رئيس قادر، بصبره وحكمته، على أن يقود مسيرة المصالحة الحقيقية التي تنتهي معها حرب المصالح الشخصية، وهي أخطر من الحرب المسلحة، بها تخمد الخلافات، وتزول العداوات وتتبدل الذهنيات، ونحتاج إلى رئيس يعمل على مصالحة السياسيين مع السياسة، هذا الفن الشريف في خدمة الإنسان والخير العام».
سليمان
بدوره، جدّد سليمان التمسّك «بإعلان بعبدا كإطار وطني متوافق عليه، ووثيقة مؤيدة من الأمم المتحدة والجامعة العربية لتحييد لبنان واللبنانيين عن نزاعات المحاور الإقليمية والدولية».
وأضاف: «هذا الإعلان المتمم للميثاق الوطني، من شأنِ الالتزام به التخفيف من تأثير التحولات التاريخية، التي تعصف بمحيطنا العربي، وخصوصاً في سورية، على وفاقنا وأمننا السياسي والاقتصادي، والمساهمة في امتصاص التداعيات المتَصلة، كأزمة النازحين والخسائر الأخرى، التي تجاوزت حتى الآن ثمانية مليارات دولار».
وضع حجر أساس
بعد ذلك، انتقل الرئيس سليمان والحضور إلى كنيسة مار جرجس حيث تمّ وضع الحجر الأساس لإعادة إعمار الكنيسة.
غداء المختارة
وظهراً، لبّى الرئيس سليمان دعوة إلى مأدبة غداء أقامها النائب جنبلاط على شرفه، واحتفاءً بإنجاز المصالحة، في دارته في المختارة ، حضره عدد من الوزراء والنواب وشخصيات عسكرية وقضائية ونواب ووزراء سابقين ورجال دين وحشد من الحضور، وكان لافتاً مدى حرص مسؤولين في «التقدمي» على إظهار الاهتمام بالوزيرين جبران باسيل والياس بو صعب.
ورداً على ترحيب النائب جنبلاط به في المختارة، وردّ الرئيس سليمان بكلمة شكر فيها جنبلاط مثنياً على الدور الكبير الذي لعبته دار المختارة، واصفاً جنبلاط بأنه «بيضة القبان».
وأضاف: «إنّ وثيقة بكركي كانت تأييداً لما قام به رئيس الجمهورية من تعاون مع زعماء، ولإعلان بعبدا وللاستراتيجية الدفاعية ولحصر السلاح بيد السلطة، كما كانت تأييداً وتأكيداً لكل ما قامت به بعبدا أو رئيس الجمهورية بالتعاون مع السلطات الدستورية أو مع هيئة الحوار ومع القادة اللبنانيين كافة من دون تفرقة»، مؤكداً «أنّ المطلوب من رئيس الجمهورية، رأس المؤسسات، التعاون مع ما يساعد على الدفاع عن لبنان وأعني هنا المقاومة والسيد حسن نصر الله».
وأضاف: «وقف وليد جنبلاط أيضاً إلى جانبي في قيادة الجيش، وتعاونّا معه في التظاهرات الكبرى، وحافظنا على حرية التعبير، فلم نسمح باضطراب أمني، فيما كان القرار السياسي آنذاك بقمع المتظاهرين، إلا أنه كان لنا رأي آخر انطلاقاً من أنّ الدستور يسمح بحرية التعبير، لذلك لم نقمع المتظاهرين بل حافظنا على الأمن».
وقال: «وقف جنبلاط إلى جانبي في الأزمات الكبرى عندما اشترك الجيش في حرب تموز وعندما قدتُ شخصياً 15 ألف جندي إلى الجنوب بعد 36 سنة من غياب الدولة والجيش اللبناني عنه، وهنا كان الفضل للجميع في محاربة العدو وعلى رأسهم المقاومة المدعومة من الجيش ومن كل الشعب اللبناني، كما وقف جنبلاط إلى جانبي أيضاً وإلى جانب الجيش في نهر البارد، وكانت محطة مفصلية مهمّة في تاريخ لبنان».
بيت الدين
ومن المختارة، انتقل رئيس الجمهورية إلى المقر الصيفي لرئاسة الجمهورية في بيت الدين، حيث استقبل وزراء الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، الخارجية والمغتربين جبران باسيل، التربية الياس بو صعب، الشباب والرياضة العميد عبد المطلب الحناوي، والمهجرين أليس شبطيني، والوزير السابق مروان شربل.
وفي ختام الجولة الشوفية توجّه سليمان وجنبلاط والراعي إلى دير القمر حيث تمّ وضع الحجر الأساس لـ«مستشفى سليمان الحكومي».
عون وقاسم… حاضران
سجل احتفال المصالحة هفوات أبرزها زلة لسان النائب وليد جنبلاط أثناء إلقائه كلمته، حيث قال: «نرحب برئيس البلاد العماد ميشال عون»، ولما تنبّه إلى الخطأ قال ضاحكاًً: عفواً، هذا خطأ، وهو نتيجة لكثرة ما نحلم به في الليل يقصد العماد عون ولكن ليس لكي يأتي رئيساً».
كذلك وقعت وزيرة شؤون المهجرين أليس شبطيني بخطأ مماثل حين أرادت الترحيب بشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، فقالت: «القاضي الشيخ نعيم قاسم».