السعودية وجرس الإنذار

ناديا شحادة

يكاد لا يخلو تقرير دولي يصدر عن المنظمات والهيئات الدولية المهتمة بالشأن الإنساني والحقوقي من الإشارة إلى التمييز الديني والطائفي في المملكة العربية السعودية، الأمر الذي تعتبره الرياض تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي السعودي، وأن هذه المنظمات والهيئات الدولية لها أجنداتها وأهدافها المشبوهة، وتعمل السلطات السعودية على زج الدين وإقحامه في تلك الردود على الانتهاكات لتتحول المواجهة إلى مواجهة بين المقدس الإسلامي الذي تدعي السعودية تمثيله وفي الطرف الآخر المنظمات والهيئات الدولية الحقوقية الهادفة بحسب رأي السلطات السعودية إلى محاربة الدين والإسلام باسم حقوق الإنسان والدفاع عنه، ففي تقرير لمنظمة العفو الدولية لعام 2014 ركز التقرير على التمييز الذي تتعرض له الطائفة الشيعية في شرق المملكة وذلك من خلال تقييد فرص العمل وعدم تكافؤ الفرص مع بقية المواطنين وكذلك منعهم من الوصول الى المراكز القيادية والمناصب العليا في الدولة، فالتمييز الطائفي يؤثر الى حد كبير على الحياة اليومية للأقلية الشيعية في المنطقة الشرقية في السعودية، إضافة الى الإهمال السياسي والتهمش الاقتصادي للمنطقة الأمر الذي أدى بأبناء المنطقة الشرقية بالتظاهر للمطالبة بأبسط حقوقهم في الانصاف والمواطنة، فشهدت المنطقة الشرقية اعتباراً من عام 2011 دورة قاتلة من التظاهرات وإطلاق النار والاعتقالات وتعرض المعتقلين لمحاكمات تفتقد الى أبسط المعايير القانونية وتم الحكم من خلالها على تسعة بالإعدام من أبرزهم رجل الدين المعروف الشيخ نمر النمر، الامر الذي جعل من الدول الاقليمية تسارع في رفض هذا الحكم، فالسلطات الايرانية حذرت من إعدام الشيخ النمر وقالت انه سيؤجج التوتر في العالم الاسلامي جاء على لسان السيد حسن عبد اللهيان.

السعودية التي تتبع الفكر الوهابي الذي يحض على الارهاب، دخلت نفق الطائفية الذي حفرته لنفسها بعد تبني الفكر الوهابي، الذي ظهر في الجزيرة العربية في القرن الثامن عشر وسعى اتباعها الى تطبيق تعلميات مؤسسها حرفياً، ومنها اعتبار التوسل بالأولياء والصالحين وزيارة القبور من الشرك، الأمر الذي يلقي بآثاره السلبية على العلاقات بين اتباع المذاهب الاسلامية، وأصبحت الجزيرة العربية مسرحاً لهذا الصراع الديني الذي اتخذ ابعاداً سياسية واسعة، وأصبحت الثقافة الوهابية هي الثقافة الرسمية للمملكة وفي ظل تصاعد التوترات الطائفية بالمنطقة قال رجل الدين السعودي البارز الشيخ عبدالرحمن البراك على ان أبناء الطائفة الاسلامية الشيعية كفار فمن خلال عديد الفتاوى التي صدرت عن رجال دين من المملكة بات ظاهراً للجميع ان المملكة تنظر الى سكان المنطقة الشرقية الذي ينتمي أغلب ساكنيها للطائفة الشيعية ككفار.

السعودية التي يراها بعض المراقبين على أنها السبب الرئيس في ازمات المنطقة، من خلال قراءة الدور السعودي في المنطقة العربية الذي لم يتوقف عند دعمه للحركات التكفيرية التي تتبع اسلوب التكفير الظلامي في كل من العراق وسورية من طريق الجماعات التكفيرية، انما تتعداه الى تدخلاتها ودورها في المنطقة العربية بأكلملها، فتدخلها بالشأن اليمني واختيار طريق المواجهة العسكرية مع الحوثيين التي بدأت بعدما سيطر الحوثيون على كثير من المناطق اليمنية في ايلول الماضي حيث اعتبرته السعودية توسعاً لنفوذ ايران على ارض اليمن، فتدخلها باليمن كشف عن توجه المملكة السياسي ودورها في أحداث المنطقة وتعمق السعودية في خندق الطائفية، ففي تصريحات جديدة هاجم الشيخ السعودي المتطرف محمد العريفي في 28 نيسان من العام الحالي المذهب الاسلامي الشيعي واصفاً اتباعه بالرافضة.

السعودية التي انشأت نظامها السياسي منذ التأسيس على أسس مذهبية وطائفية، بات خطابها الإعلامي يظهر النزعات الطائفية في شكل واضح ولا سيما ان المملكة هي الداعم الأول للعديد من المحطات الفضائية التي تبث سموم الطائفية في كل مكان تتدخل فيه من أجل حشد تأييد شعبي قائم على اثارة الشعور بخطر وهمي مفترض على الدين والعقيدة لتبرر المملكة ما تقوم به من تجاوزات وانتهاكات كما حصل في سورية والعراق واليمن وإعلان عدائها لإيران وحزب الله لتصل الى مواطني المنطقة الشرقية السعودية واعتبارهم اعداء. فها هي المشاهد الدموية تتكرر في تلك المنطقة التي بات ابناءها يشعرون بعدم الثقة بالأجهزة الأمنية الحكومية التي قتلت شباب العوامية في تاريخ 20 كانون الاول عام 2014.

فالازمات باتت تحاصر المملكة داخلياً بعد دخول «داعش» الذي يفتخر بأنه على منهج الشيخ محمد عبد الوهاب مؤسس منهج الدينية السعودية على خط المواحهة داخل المملكة والطريق نحو الحرب الأهلية وتقسيم المملكة أصبح قاب قوسين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى