حلب والوحش الأردوغاني… أين حلفاء سورية؟
د. تركي صقر
أعلن وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو دعماً جوياً تركياً للعصابات الإرهابية، ما يعني أن هناك طائرات تركية دخلت أو يمكن أن تدخل السماء السورية في أية لحظة لحماية ومواكبة المجموعات المسلحة المتدفقة من تركيا، تحت مسمى قوات المعارضة السورية المتدربة على يد الجيش التركي، وبحجة التنسيق مع قوات التحالف لمقاتلة «داعش» ومن دون الاتفاق مع واشنطن وحلف الناتو على إقامة منطقة حظر جوي بشكل صريح.
يأتي هذا التطور الخطير ليؤسس لمرحلة جديدة من العدوان التركي المباشر والسافر على سورية. صحيح أن التدخل الأردوغاني الإرهابي في الأحداث السورية لم يتوقف يوماً واحداً، لكنه بقرار العدوان الجوي التركي الوشيك يأخذ منحى تصعيدياً يمكن أن يؤدي إلى حرب إقليمية في المنطقة، لأنه من غير المعقول أو المقبول كذلك أن يقف حلفاء سورية والمقصود إيران وروسيا مكتوفي الأيدي يتفرجون على قوات أردوغان وهي تحتل الأراضي السورية وتلتهمها قطعة قطعة وتغير ليس قواعد الاشتباك وإنما الخريطة الجغرافية في المنطقة جهاراً نهاراً.
لقد مهدت حكومة أردوغان لهذه الخطوة، عندما أجرت اتفاقاً مع السعودية بعد إسقاط خلافاتهما وبرعاية أميركية حيث تم من خلاله تطعيم «جبهة النصرة» بالعديد من النكهات الأخرى ليخرج إلى العلن جيش الفتح 25/3/2015 الذي حظي بدعم تركي مباشر بالتزامن مع دعم مالي سعودي- إماراتي أفضى إلى دخول إدلب 28/3/2015 وجسر الشغور 25/4/2015 والمسطومة 19/5/2015 بالتزامن مع سيطرة داعش على تدمر 20/5/2015 ومعبر التنف الحدودي مع العراق 22/5/2015 وانتهاء بالسيطرة على مستشفى جسر الشغور 22/5/2015 بعيد انسحاب الجيش السوري منه والسيطرة على أريحا 28/5/2015.
وتعتقد حكومة السلطان أردوغان أن فرصتها حانت بهذا التمهيد وأنها قادرة على التقدم نحو حلب لكي يكون لها الحضور الأول في اقتسام الكعكة السورية، وأن تغيير الوضع العسكري الميداني استراتيجياً قد أضحى ممكناً ليس بعدد المجموعات الإرهابية الإضافية التي تدفع بها حكومة أردوغان إلى الأراضي السورية، أو تسليحهم بسلاح نوعي وإنما بدعمها من خلال الإسناد الجوي التركي الذي يجنّب هؤلاء مخاطر الطيران السوري، وتظن الحكومة الأردوغانية أن النظام في سورية قد غدا ضعيفاً، وأن طيران التحالف الدولي يُحلِّق في أجواء سورية منذ11 شهراً، ويبقى السؤال الأهم اليوم: «هل ستكون العمليات القتالية المقبلة ضد تنظيم الدولة الإسلامية والجيش السوري معاً؟ الأرجح أن تكون ضد الجيش السوري وأن ينضم الطيران التركي إلى التحالف ليغطي عملياته ضد الجيش العربي السوري. فإذا حصل ذلك ورجحت كفة تركيا فتكون الأخيرة قد قامت بتغيير استراتيجي في المعارك على الساحة السورية .
في مطلق الأحوال، فإننا اليوم بعد ادلب وجسر الشغور وأريحا أمام عدوان تركي سافر لا يمكن للقيادة السورية القبول به أو باستمراره طويلاً، مهما تكن الأثمان المترتبة على ذلك على رغم أن الانشغال بمعارك القلمون الحالية، ربما يشير إلى تأجيل أي عمل عسكري واسع في الشمال السوري حتى تضع معركة القلمون أوزارها، تلك المعركة التي غيبت تماماً عن الإعلام العالمي لأسباب لا تغيب عن ذهن المتابع على رغم أن هذه المعارك على مساحة القلمون مهمة جداً وتوازي بما يجري في الشمال السوري.
لن يألو الجيش العربي السوري جهداً في مواصلة معركة الوجود والمصير على جميع الجبهات، ومهما كانت التضحيات. لكن المطلوب منّ حلفاء سورية الآن وأكثر من أي وقت مضى وبالتحديد إيران وروسيا الوقوف وقفة حازمة بوجه جنون أردوغان وهياجه وحماقاته العدوانية في الشمال السوري بعد أن تجاوز الخطوط الحمر كلها وظهرت مؤشرات على نواياه المبيتة في دعم جبهة النصرة وما يسمى جيش الفتح السعودي القطري للهجوم على حلب بإرسال مجموعات مسلحة إضافية بالآلاف وبإسناد جوي كامل كما أعلن وزير خارجيته مولود جاويش أوغلو معتمداً في ذلك على ما أنجز في أريحا أخيراً وحتى على ما حصل في تدمر أيضاً وبذلك بات التهديد واضحاً والخطر داهماً يدق أبواب حلب عاصمة الشمال السوري التي تقف متحدية الوحش الأردوغاني السلجوقي الإرهابي الذي يحاول التهامها عاجلاً . طبعاً لا يريد السوريون من يحارب عنهم لكن بعد التدخل العسكري المباشر والهجوم البري والجوي التركي المكشوف نسال: أين حلفاء سورية وأين تحركهم المطلوب قبل فوات الأوان؟!