ان لم تكن بيدقاً سعودياً ـ تركياً فأهلاً بك في الشطرنج الأميركي
لمى خيرالله
لمى خيرالله
ان لم تكن بيدقاً سعودياً – تركياً فأهلاً بك في الشطرنج الأميركي هذه هي حال المجموعات المسلحة، فبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على خروجه ومقاتليه من سورية هرباً من «جبهة النصرة» و«جند الأقصى»، يعود زعيم جبهة ثوار سورية المسمى «جمال معروف» إلى الساحة من جديد بعد أن تخلى عن تسميته التقليدية وبدأ العمل ضمن إطار «جيش الثوار» المنضوي تحت برنامج المعارضة المعتدلة الذي تديره واشنطن، والذي تقول إنه سيقاتل تنظيم داعش على حد تعبيرها.
كما بدأت عملية كشف المستور في تنظيم داعش عبر تسريب التقارير السرية في المؤسسات الاميركية العسكرية والاستخباراتية، فإن مرحلةً أخرى بدأت بالحديث العلني عن تعويم «جبهة النصرة» والتي بدت ملامحها الأخيرة في إقالة المدعو «زهران علوش».
وأعلن ما يسمى «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» انتقال قيادة المجموعات المسلحة في غوطة دمشق الشرقية من الإرهابي «زهران علوش» إلى نظيره «أبو محمد الفاتح»، في خطوة تقصي زعيم التنظيمات الأكثر جدلية في الغوطة من منصبه بعد غيابه لمدة شهرين متنقلاً بين تركيا ودول أخرى منها السعودية، لشحذ همم الداعمين أملاً برفع سوية التسليح في الداخل السوري. «خليفة الغوطة» سقط في فخ لا يغيب عنه الدور السعودي، فعلى ما يبدو ثمة تنسق غير مرغوب به من قبل السعوديين ما بين علوش والاستخبارات التركية، مما يهدد المصالح والمكتسبات السعودية إذا تحوّل ولاء علوش وزمرته إلى الجانب التركوقطري، خصوصاً أن السعودية غير مرتاحة لمجريات الأحداث في الشمال السوري، على رغم مشاركتها في تمويله، فالمجموعات المقاتلة هناك ذات ولاء يدين بمجمله إلى قطر وتركيا، بكون هذا المحور الثنائي يملك نفوذاً واضحاً في صفوف كل من «جبهة النصرة» و«الإخوان المسلمين»، وكل منهما تنظيم غير مرحب به من قبل آل سعود وهذا ما أكده المغرد السعودي «مجتهد» الذي وصف «علوش» بعميل الاستخبارات السعودية، مشيراً إلى أن انتصارات ادلب وجسر الشغور لم تكن لتحصل لولا إبعاد الخليفة الإرهابي عن غرفة عمليات جيش الفتح الذي «أنجز المهمة باقتدار»، وتابع «مجتهد» لم يعد سراً أن زهران ليس صاحب مشروع جهادي، بل عميل للاستخبارات السعودية التي تنضوي على محاربة «جبهة النصرة» وكل فصيل لا يقبل بالخيار السعودي في سورية.
سجون علوش الثلاث المسماة بـ التوبة والباطون والكهف تضم آلاف المعتقلين من الفصائل الاخرى التي كانت تؤازره في معاركه إضافة إلى عدد من المدنيين الذين اتُخذت بحقهم أحكام بالسجن بتهمة «تحقير أو محاولة النيل من جيش الإسلام، لم تعد خافية على أحد سيما أن سجن خليفة المجرمين عادت قضيته إلى الضوء، بعد أن فجرت مجموعة من النسوة، تظاهرة داخل بلدة سقبا، دعت خلالها إلى التحرك السريع لإنقاذ المعتقلين داخل سجون «جيش الإسلام» الذي بات يتحكم في شكل مطلق بما يصدر من أحكامٍ شرعية وقضائية داخل غوطة دمشق المحاصرة، ولعلّ صحيفة «الشرق الاوسط» السعودية استبقت إقالة علوش بخبر عن انتقاداتٍ له كتمهيد لتنحيته.
إجبار المدنيين على الخروج في تظاهرات تطالب بتنحية زهران علوش وتنصيب الفاتح، مشهد يخدم التعبئة الشعبية لمناهضة رجوع علوش، ويصب في مصلحة المنافسين للصعود إلى الضوء بعد أن هيمن الخليفة على الغوطة، نتيجة تحكم القطعان الوهابية ببيع المواد الغذائية وأسعارها الخيالية. بعد كل هذه التطورات يبقى السؤال بين الاستقراء والاستنتاج ماذا تبقى للسعودية؟ وإن تبقى لها هل سيكون للأيادي التركية والقطرية تحولات جوهرية في القضية المحورية إزاء الحكومة السعودية … تبقى الإجابات رهن القادم من الأيام.