التحوّل من الإسلام إلى الاعتدال السياسي في خمسة أيام على خطى زهران علوش
سعد الله الخليل
أسقطت التظاهرات السلمية في الغوطة الشرقية من سقبا ودوما إلى عربين وحمورية وكفر بطنا نظام زعيم جيش الإسلام زهران علوش الذي امتثل للمطالب الشعبية، وآثر الرحيل رغم الدعم التركي السعودي التركي المطلق الحدود له، فيما بارك الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام الخطوة، وأعلن انتقال القيادة من علوش إلى أبو محمد الفاتح ليكمل من بعده حمل الراية في مشهد سوريالي يظهر قمة الديمقراطية والتفاني في خدمة أمة الإسلام، التي من أجلها يقاتل علوش واتباعه، ومن أجلها تفرض الخوات على المدنيين وتصل أسعار المواد الغذائية إلى أرقام قياسية تكشف جانباً من معاناة الشعب السوري بالتعاطي مع زمر إرهابية كزمرة علوش وسواها.
علوش الذي سبق أن أجرى جولات مكوكية بين السعودية وتركيا، والتي قالت الرياض حينها إنها تذليل لآخر عقد التعاون السعودي التركي القطري في سورية، والتي ستفتح الباب أمام تنسيق واسع لحرب الصيف المقبل، لا يمكن وضع إقالته في سياق الاستغناء عن خدماته في هذه المرحلة الحساسة من المواجهة في سورية، ولا يمكن بطبيعة الحال تصديق مسرحية التظاهرات الاحتجاجية التي فشل إخراجها قبل أربع سنوات رغم كلّ العناصر الفنية التي رافقتها، فكيف ستنجح في قرى الغوطة التي يعاني أهلها ما يعاونون، والتي ثبت أنّ غالبية سكانها إما من أهالي المسلحين أو من المغلوب على أمرهم والواقعين تحت نيرهم.
يبدو أنّ خطوة علوش ليست إلا حلقة في مسلسل الجهود السعودية التركية لإعادة الاعتبار لـ«جبهة النصرة» وتلميع صورتها، وإضفاء الطابع السياسي المعتدل عليها، ونظراً إلى ما تمثله الغوطة الشرقية من موقع لجهة قربها من العاصمة دمشق، فإنّ المرحلة تقتضي إزاحة الممثلين الكومبارس الهامشيين، وترك الخشبة لـ«الأبطال»… وأبرزهم ميليشيات «جيش الفتح» ومن ضمنها «النصرة» نجم المسرحية التي يتعاون على إخراجها كلّ من يدور في الفلك الأميركي من عرب وغرب في الشرق والغرب ممّن تولوا مهمة كشف الجوانب الديمقراطية في مدرسة الجولاني السياسية.
مشهد استقالة علوش سيتبعه مشهد أكثر ضراوة وحماسة بمعارك توصف بالنارية بين أتباع علوش ومناصري «النصرة» ستنتهي بانتصار «النصرة» ليلقى «جيش الإسلام» مصير «حركة حزم» الإسلامية في ريف حلب التي أكلتها «النصرة» قبل دخولها إلى إدلب ولأنّ الشيء بالشيء ذاته يذكر.
يبدو أنّ علوش سيلقى مصير جمال معروف وينتهي به المطاف إلى شقة في تركيا ريثما تتمّ إعادة تدريبه على الاعتدال السياسي وإخضاعه لتأهيل أميركي تركي، كحال صاحبه معروف الذي عاد بعد أكثر من سبعة أشهر على خروجه من سورية ضمن إطار برنامج «المعارضة» المعتدلة الذي تديره واشنطن للعمل ضمن إطار ما أطلق عليه «جيش الثوار» الذي أعلن عن تشكيله قبل نحو شهر.
ثمار أردوغان أينعت في ما سرقه من مصانع حلب في الشيخ نجار والعرقوب والراموسة التي لطالما وصفت بالمثال الحيّ لقدرة حرفيّي حلب على مواكبة العصر، وخاصة في ما يتعلق بمستلزمات السيارات من تصليح وتصنيع للهياكل إلى إعادة إحيائها، فانعكست في سلوك العثماني الجديد وفكره في إعادة إنتاج وتصنيع وتدوير الفكر والسلوك الإرهابي من الإسلامي المتشدّد إلى المعتدل المقبول أميركياً، وربما ستصدر وزارة الثقافة والمعارف التركية قريباً كتاب «تعلّم الاعتدال السياسي في خمسة أيام مع أوغلو وآردوغان» على شاكلة كتب تعليم اللغات والطبخ والشطرنج والكاراتيه، المنتشرة على قارعة الطرقات، والتي لا تعدو عن كونها عنواناً استهلاكياً لابتزاز البسطاء والسذّج الراغبين في المعرفة السريعة.
على قارعة السياسة والتاريخ والجغرافية يقدّم أردوغان وجوقته أسوأ مسرحيات التحوّل من الإسلام إلى الاعتدال السياسي في خمسة أيام… أبطالها زهران علوش وجمال معروف ومن سار على دربهم.
«توب نيوز»