سلام ينحاز إلى الهيئات الاقتصادية ويستنجد ببرّي اللجان المشتركة تشهد فيلم تطيير السلسلة بإخراج سيّئ
محمد ابراهيم
تتجه حكومة الرئيس تمام سلام إلى السقوط الباكر في الامتحان المعيشي والاجتماعي، بسبب انحيازها إلى الهيئات الاقتصادية على حساب فئات واسعة من اللبنانيين تضم المعلمين والموظفين والعسكريين الذين ينتظرون إقرار سلسلة الرتب والرواتب منذ أكثر من سنتين. وبدلاً من أن يتعامل سلام بعناية مع هذا الموضوع ويصغي إلى رأي تلك الفئات الواسعة، «أعطى أذنه» لأرباب العمل والتجار واتخذ قراراً مسبقاً بفرملة إقرار السلسلة تحت ذريعة أن إيراداتها غير مؤمنة، وأن تطبيقها سيصيب الاقتصاد بمضاعفات سلبية. وقبل يومين جاءه من ينفخ في نار الأزمة، وأبلغه أن ثمة محاذير كثيرة ستنشأ عن السلسلة، ومنها ما يتعلق بتعامل البنك الدولي وبعض الصناديق الدولية والعربية مع لبنان. وبدلاً من أن يوسع دائرة الاستفهام حول هذا الموضوع، اتخذ سلام موقفاً مسبقاً، وسمعه الزوار ينعى السلسلة في الوقت الراهن معتبراً أنها «ستخرب الوضع في البلد وتزيد الأمور تفاقماً».
وصلت إلى عين التينة أصداء صرخة سلام على نحو سلبيّ، مترافقة مع إشارات واضحة سمعها الرئيس بري من بعض أعضاء «المستقبل» في هيئة مكتب المجلس تصب في الإطار نفسه. وحرص سلام أمس خلال لقائه رئيس المجلس على تكرار موقفه، محذراً ومستغيثاً بأنه لا يستطيع أن يتحمل عبء السلسلة، ولن يستطيع قبول إقرارها في المجلس النيابي، ملوّحاً بطلب سحبها إذا سارت الأمور في هذا الاتجاه.
لكن رئيس الحكومة يفضّل أن تأتي الفرملة من المجلس النيابي من دون «تلويث الحكومة» مع انطلاقتها، ولذلك عندما سئل بعد لقائه الرئيس بري حول السلسلة أشار إلى أنها في «حضن اللجان المشتركة»، نافضاً يده من المسؤولية.
تفيد مصادر نيابية مطلعة بأن ما حصل للسلسلة في اليومين الماضيين يؤشر إلى رجحان رأي رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة، الذي كان تحفظ عنها بشكل واضح خلال مناقشتها سابقاً، وتمكن يومذاك من التأثير في الرئيس ميقاتي فتأخر إقرارها في الحكومة السابقة لأشهر طويلة. وتضيف المصادر أن موقف سلام المتشدد من السلسلة يعكس بوضوح تأثير رأي السنيورة في هذا الشأن، لا سيما أن بعض نواب «المستقبل» عبروا عن مواقف مماثلة في جلسة اللجان المشتركة أمس. والملاحظ أن موقف النائب الجراح، الي شارك ووافق على تقرير اللجنة الفرعية وإقرار لجنة المال للمشروع، بقي ميالاً إلى تأييده من دون تحفظات واضحة، بينما انبرى زميله في الكتلة غازي يوسف بصراحة ووضوح تامّين مطالباً بسحب الحكومة المشروع، ومعلناً تأييده موقف الهيئات الاقتصادية ورفضه السلسلة.
ظهر خلال جلسة اللجان المشتركة أن تيار «المستقبل» يفضل عامة تأجيل البتّ في السلسلة، مؤدياً دوراً أساسياً في تعزيز موقف سلام السلبي منها، بحجة أنه لا يريد تحمل مسؤولية المزيد من التردي في الوضعين الاقتصادي والمالي. وتقول المصادر النيابية إن رئيس الحكومة نجح في الاختباء وراء المجلس بعدما فشلت اللجان المشتركة في إقرار السلسلة لإدراجها على جدول أعمال الجلسة التشريعية الثلاثاء المقبل، وفقاً لوعد الرئيس بري. وتضيف أن رئيس المجلس الذي كان مندفعاً بقوة لحسم هذا الملف الحيوي المزمن وإعطاء السلسلة، وجد نفسه محرجاً، فهو يرغب في قيام المجلس بهذه الخطوة من ناحية، ولا يريد توجيه ضربة قوية بهذا الحجم للحكومة مع بدء عملها من ناحية ثانية.
ترى المصادر عينها أن ما حصل في اللجان المشتركة أمس كان «إخراجاً سيئاً» لفيلم السلسلة، فالعودة بها إلى نقطة الصفر في اللجان يعني أن إقرارها قبل الاستحقاق الرئاسي صعب جداً، بل قد يكون مستحيلاً.