«نهاية الكون»: خطة «إسرائيلية» لتحقيق نكسة جديدة

بلال شرارة

على وقع تحذير المرجع الشيعي الأعلى صاحب السماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني من صراعات دموية وطائفية وعرقية على المنطقة. وفيما الإرهاب التكفيري يصعّد حروبه في المنطقة العربية من ليبيا وجوارها إلى العراق فسورية، حيث وصل عدد انتهاكات «داعش» لحقوق الإنسان إلى 5 ملايين وفيما يستمرّ سباق السلحفاة الحلّ السياسي محادثات صنعاء وجنيف الأممية والأرنب حرب المدن والحدود في اليمن وفيما وفيما…

فيما يحدث كلّ ذلك، تواصل تقارير إعلامية أميركية «إسرائيلية» التحدث عن مواجهة حتمية صيف 2015 بين «إسرائيل» وحزب الله قد تعيد خلط الأوراق في المنطقة.

على هذا الصعيد تلاحظ الصحف الأميركية ـ «الإسرائيلية»:

1 النصر الوشيك لحزب الله وتحالفاته في منطقة القلمون والسيطرة على مواقع رئيسية في هذه المنطقة الاستراتيجية.

2 اعتبار حرب القلمون دفاعاً عن الجبهة الخلفية الاستراتيجية.

طيب يا أخي، أنا أتوهّم أنّ هناك شيئاً ما يجري، وأنّ «إسرائيل» تعدّ للحرب على حدود فلسطين الشمالية وبالمصطلح السياسي على حدود الأمن «الإسرائيلي» عبر القيام بعمل استباقي لتأمين هذا الأمن، وما يدفعني إلى الحديث عن الحرب هو أنني أعتبر نفسي خبيراً شرق أوسطي في الشؤون المتعلقة بالعدو «الإسرائيلي» وسلوكه العدواني هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإنّ التوقعات «الإسرائيلية» وسيناريو التدريب هذه السنة يختلف عن السنوات السابقة، لأنه وخلافاً للماضي، فإنّ الوقائع السورية باتت موضوع قلق أكثر من ذي قبل مع الإشارة إلى أنّ التوقعات «الإسرائيلية» السابقة كانت مبنية على قاعدة «فخار يكسر بعضه»، أما اليوم واستناداً إلى الرئيس «الإسرائيلي» فإنّ الهدوء لا يمكنه أن يوهم أحداً.

وما تجدر الإشارة إليه هو أنّ «إسرائيل» تقوم حالياً بمختلف أنواع الاستعدادات للحرب المقبلة، إلا أنها تحاول تبرير استعداداتها الحربية على قاعدة «ضربني وبكى سبقني واشتكى»، عبر نشاط ديبلوماسي محموم على المستويات الدولية والإقليمية. وفي هذا الصدد، بعث مندوب «إسرائيل» الدائم لدى الأمم المتحدة برسالة نهاية الأسبوع الأخير من أيار المنصرم إلى بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة وإلى رئيس مجلس الأمن حول ما وصفه بالسلوك الخطير لحزب الله المزعزع للاستقرار في الجنوب اللبناني.

الآن، وفي هذا الأسبوع اعتباراً من الاثنين 1 حزيران 2015 حتى الخميس 4 منه، قامت «إسرائيل» على مستوى الدولة بمناورات «تحولات 15» أو ما يصفه مسؤولون صهاينة بمناورات «نهاية الكون»، مع الإشارة إلى التوجه الاستثنائي للولايات المتحدة لطلب زيادة دعمها العسكري بنحو مليار دولار في كلّ سنة إضافة الى 3 مليارات تقدمها اليوم.

السؤال الذي طرح نفسه بداية حول المناورات، هل هي تدريبات تحاكي مشاريع لحرب شاملة تُشنّ على «إسرائيل» من جميع الجبهات دفعة واحدة لبنان، سورية، سيناء، غزة وفلسطين 48 ، أم أنها حرب تَشنّها «إسرائيل» على جميع خصومها على مختلف الجبهات تحاكي حرب حزيران عام 1967 بهدف إحداث نكسة جديدة تبعد خلالها الأخطار عن الأمن «الإسرائيلي» لأعوام مديدة مقبلة؟

يا أخي، «خدوني قد عقلاتي»، أنا ما زلت أزعم أنّ «إسرائيل» أعدّت للحرب وهي تجري المناورات على تنفيذ خططها، وهي بانتظار انتهاء لعبة «الباصرة» لتبديد قوة النظام العربي ومعارضيه خصوصاً في سورية بتبديد طاقة وإمكانات الجميع وإنهاك المشاركين في الحرب من مختلف عناوين وأسماء المعارضة وكذلك السلطة السورية وتحالفاتها مع قوى لبنانية، بانتظار ذلك فإنّ «إسرائيل» أعدّت نفسها لرمي «الشب القاشوش» على الطاولة في لعبة «الباصرة» الآنفة الذكر لِلَمِّ كلّ الأوراق في عملية عسكرية تبعد خلالها كلّ خطر محتمل عليها وتأمن حدودها لأجيال.

أنا، أزعم ذلك وأزعم أنّ السياسيين العاديين والإعلاميين وقد رأوا بأمّ العين أنّ إعادة تشكيل سورية في الحروب الجارية والخبرات العسكرية المكتسبة، قد لا توازي الإنهاك الذي أصاب الساحة السورية وانكشاف كلّ سلاح محتمل أو متوقع خلال الحروب الجارية مقابل أنّ «إسرائيل» تتستر على سلاحها وعلى طرق عملها في المرحلة المقبلة.

فإضافة إلى الاستعدادات «الإسرائيلية» خلال المراحل الماضية من تدريبات ومناورات أجريت خلال العام الحالي، مناورات متعددة وتشكيلات عسكرية تضمنت تعيين رئيس أركان جديد وقادة للجبهات الشمالية والداخلية ، أجرت «إسرائيل» أكبر مناورة لها خلال الأسبوع الحالي تمتدّ من الاثنين 1 حزيران إلى الخميس 4 منه، وهو ما وصف بـ»تدريب الطوارئ السنوي» تحت ما سمّي «نقطة تحوّل 15» والذي شاركت فيه سلطة الطوارئ القومية والجبهة الداخلية في جيش العدو والشرطة وقوات الإنقاذ والوزارات ذات الشأن والسلطة المحلية.

هذه المناورات تحاكي اشتعال حرب على كلّ الجبهات بالترافق مع تعرّض «إسرائيل» لهجوم مكثف بالصواريخ من لبنان واضطراب حدودها مع قطاع غزة وسيناء والمناطق الفلسطينية المحتلة والمواقع والتجمّعات والبلدات والقرى الفلسطينية داخل الخط الأخضر.

هذه التدريبات «الإسرائيلية» شملت سلسلة أحداث تتوقعها سلطة الطوارئ القومية لدى العدو، منها: إمكان اضطرابات عنيفة في الضفة انتفاضة تسلل مقاتلين من البرّ عمليات أنفاق والبحر عملية مماثلة لعملية دلال المغربي في 11 آذار 1978 ، تحليق طائرات من دون طيار على ضوء تدريبات ومناورات حزب الله على هذا النوع من العمليات، تعرّض وسائط نقل قطارات لعمليات تفجير، إغلاق مناطق كبرى بعد سقوط صواريخ بعيدة أو متوسطة يذكر أنّ «إسرائيل» كانت قد أجرت مناورات لمواجهة الصواريخ المتوسطة .

التدريب «الإسرائيلي» انطلق الاثنين أول الشهر الجاري على خلفية ضربة صاروخية من لبنان وصواريخ من قطاع غزة وتعرّض «إيلات» لهجمات صاروخية متواصلة.

المناورات المذكورة شملت استدعاء قسم كبير من الاحتياط والأخذ في حساباته احتمال فتح جبهة تمتد من سيناء إلى غزة إلى الحدود الشمالية لبنان وسورية ، وكذلك عمليات هجومية لحزب الله عبر الأنفاق وتوغله في مستوطنات الشمال، وفشل القبة الحديدية في التصدّي لزخات الصواريخ.

ما لم تكشفه سلطات الاحتلال هو خطواتها الهجومية «الإسرائيلية» وليس إطلاق صافرات الإنذار هنا وهناك والتدريب على إخلاء طلاب أو مواطنين.

وما لم تكشفه سلطات الاحتلال، هو صورة حركة الجيش «الإسرائيلي» البرية الهجومية والتي يُقال إنها ستنطلق من «البطن الرخو» جبهة الجولان بعد تغييب دور الجيش السوري في حروب الداخل، ومن ثم حركة التفافية تمتدّ إلى السلسلة الغربية لسورية المقلب الثاني للسلسلة الشرقية للبنان والتي تمكن الجيش السوري والحشد الشعبي وحزب الله من اجتياحها وتحريرها حرب القلمون ، وبالتالي محاولة تدمير شبكة الطرقات والتحصينات والأسلحة التي نشرها حزب الله في هذه المنطقة.

مصادر مطلعة وخبيرة في الشأن «الإسرائيلي» لم تستبعد أن تشمل العملية حركة «إسرائيلية» عبر لبنان من بعض أنحاء البقاع الغربي باتجاه طريق الشام ثم السلسلة الشرقية والهدف التأكد من قطع طريق لبنان ـ سورية على حزب الله تحديداً.

ايها السادة، استجيبوا لقلة عقلي وتنبّهوا من الحرب المقبلة.

أنا لا أهدف إلى تشتيت جهود أو جهاد أحد «أنا أحسّ إذن أنا موجود»، لذلك أتمنى أن تأخذوا مشاعري الاستراتيجية بعين الاعتبار، وأن تعتبروني كأقله محلل استراتيجي يتربّع على الشاشات.

أنا عين على جنوب الجنوب وعلى ما يستعدّ له العدو.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى