لماذا استُدعي التحالف الدولي على عجل إلى باريس؟
حميدي العبدالله
عقد التحالف الدولي لمحاربة «داعش» بقيادة الولايات المتحدة جلسة عاجلة في باريس كرّسها للبحث في الاستراتيجية المعتمدة ضدّ «تنظيم» داعش.
سببان رئيسان دعيا دول التحالف إلى عقد جلسة طارئة في باريس:
ـ السبب الأول، التقدّم الذي حققه تنظيم «داعش» على جبهتي الرمادي وتدمر، وهذا التقدّم، جاء على الرغم من الغارات الجوية التي يشنها التحالف الدولي ضدّ بعض مواقع «داعش»، والتي لم تؤدّ إلى أيّ نتيجة. فعلى الرغم من أنّ عمر التحالف تجاوز الـ9 أشهر إلا أنّ الهجمات الجوية التي شنّها على مواقع «داعش» لم تؤثر إطلاقاً على قوته، وحتى التقدّم الذي تحقق في عين العرب في سورية ومحافظة صلاح الدين في العراق جاء بفعل المقاتلين الذين انتشروا على الأرض وليس نتيجة لضربات التحالف الدولي. وثمة انتقادات حادّة وجّهت لهذا التحالف، بل ثمة من شكك بجديته في محاربة «داعش»، وكان هذا التشكيك منذ بدء العمليات الجوية، لكن التقدّم الأخير وسيطرة «داعش» على الرمادي وتدمر، أضفى فعالية استثنائية على هذه الانتقادات، وبالتالي لم يعد من الممكن تجاهل هذه الحملة المشككة بجدية التحالف الدولي، لا سيما أنّ رئيس الحكومة العراقية قد وجّه انتقادات حادّة إلى التحالف الدولي واتهمه ليس فقط بالتقصير، بل اتهم بعض أطرافه بغضّ النظر عن الدعم المتعدّد الأشكال الذي يقدّم إلى «داعش» من بعض دول المنطقة التي تشارك نظرياً في التحالف الدولي.
ـ السبب الثاني، قناعة دول التحالف أنّ الأمور بدأت تخرج عن السيطرة بعد التمدّد الجديد لـ«داعش»، ليس فقط لأنّ «داعش» حقق هذه المكاسب، بما شكل هزيمة لسياسة لتحالف الدولي وانتصاراً عليه، كما ألمح إلى ذلك رئيس الوزراء العراقي، بل لأنّ القوى والدول التي كان التحالف يسعى إلى ابتزازها عبر تواطئه أو غضّ النظر عن «داعش»، اتخذت قرارات كبرى قلّصت هامش المناورة أمام الولايات المتحدة ودول التحالف وأسقطت لعبة الابتزاز، وتجلى ذلك في قرار الحكومة العراقية بالاستعانة بالحشد الشعبي لاستعادة الرمادي وتحرير محافظة الأنبار، ومعروف أنه حيث يتواجد الحشد الشعبي يتقهقر النفوذ الأميركي ونفوذ الدول التي تدور في فلك السياسة الأميركية. كما أنّ منظومة المقاومة قرّرت زيادة حجم دعمها لسورية بما يمكنها من صدّ أيّ تقدم لتنظيم «داعش» داخل الأراضي السورية.
أدّت هذه القرارات إلى تغيير حسابات دول التحالف، ويمكن القول إنّ هذه القرارات أسقطت سياسة الابتزاز والاستقواء بـ«داعش» للحصول على تنازلات في سورية والعراق.
هذا الواقع الجديد هو الذي ساهم، إضافةً إلى الانتقادات الموجهة إلى التحالف، بتسريع عقد لقاء باريس لمراجعة سياسة التحالف ضدّ «داعش». لكن ما الذي تمخضت عنه هذه الاجتماعات، وهل تغيّر دول التحالف استراتيجيتها، وتكفّ عن التواطؤ مع «داعش»، أم أنّ مؤتمر باريس لا يعدو كونه حملة علاقات عامة لامتصاص واحتواء الانتقادات الموجهة للتحالف بعد فشله في مواجهة «داعش» والإرهاب؟
من خلال متابعة التصريحات التي أدلى بها وزير خارجية فرنسا عن حرب طويلة الأمد مع «داعش» وما جاء في البيان الختامي، يتأكد أنّ لقاء باريس مجرّد حملة علاقات عامة لا أكثر ولا أقلّ، ويظلّ عبء إلحاق الهزيمة بالإرهاب، وعلى رأسه «داعش»، من مسؤوليات منظومة المقاومة والممانعة وحدها.