«داعش» في قلب البيت الأبيض

جاك يوسف خزمو

«الغاية تُبرر الوسيلة» هذا هو شعار الإدارة الأميركية الحالية، كما هو شعار الإدارات السابقة. ولا تهمّها طبيعة الوسيلة أو شكلها، حتى ولو كانت إجرامية، فمسؤولو هذه الإدارات يستخدمونها بذكاء للوصول إلى الهدف المنشود. و«داعش»، التنظيم الإرهابي المعروف أيضاً باسم الدولة الإسلامية، هو أحد أذرع وسائل الإدارة الأميركية لتحقيق بعض الأهداف، ومنها تجزئة الشرق الأوسط وإقامة دويلات صغيرة، وضرب محور المقاومة سواء كان ضدّ الاحتلال «الإسرائيلي» لفلسطين أو ضدّ سياسة الهيمنة الأميركية على الشرق الأوسط. وعلى رغم ادّعاء الإدارة الأميركية بأنّ «داعش» هو تنظيم إرهابي، وعلى رغم تشكيل تحالف دولي لضرب هذا التنظيم من الجو، وعلى رغم صدور قرارات دولية تدعو إلى تجفيف منابع الدعم بكلّ أشكاله له ولأخواته من التنظيمات والمجموعات الإرهابية الأخرى، إلا أننا نجد أنّ هذا التنظيم يزداد قوة وشراسة وقذارة وإرهاباً على الساحتين السورية والعراقية. وإنّ كلّ ما يُقال عن محاربة أو مواجهة هذا التنظيم ما هو إلا ضحك على الذقون، وخداع كبير لشعوب العالم وبخاصة لأبناء المنطقة. وهذا أيضاً إنْ دلّ على شيء، فإنما يدلّ على أنّ «داعش» تنظيم من صناعة أميركية صرفة، وخير أدلة على ذلك:

1 ـ قصف طيران التحالف لمواقعه لم يكن فعّالاً، بل هو لبعض المواقع غير المهمّة، ويتمّ التغاضي عن تحركاته العسكرية علماً أنهم يرصدونها عبر الأقمار الصناعية.

2 ـ حصوله على أسلحة متطوّرة جداً من دبابات وقذائف وصواريخ، وبخاصة السلاح الذي لا تملكه جيوش المنطقة سوى الجيش «الإسرائيلي»، وجيوش تركيا وقطر والسعودية والإمارات، وهذا يخالف قرارات مجلس الأمن العديدة التي تنادي بتجفيف منابع الدعم له، بل بضرورة وقفها.

3 ـ استمرار تدفق المسلحين الإرهابيين إلى الأراضي السورية والعراقية عن طريق تركيا من دون محاسبتها على هذا التغاضي البشع عن قرارات الشرعية الدولية.

4 ـ محاولة إلصاق تهمة للدولة السورية بأنها تتحالف مع تنظيم «داعش» عبر الماكينة الإعلامية المضللة، ولسبب أساسي هو إبعاد الشبهات المكشوفة من تورّط أميركا وحلفائها في دعم هذا التنظيم.

5 ـ التطبيل والتزمير والمبالغة في أيّ «إنجاز» صغير يحققه هذا التنظيم على الأرض في إطار الحرب النفسية على كلّ من سورية والعراق، وأبناء المنطقة.

6 ـ استخدام هذا التنظيم شمّاعة وذريعة ومبرّراً من أجل تدريب وتسليح مجموعات مسلحة أخرى إرهابية لمواجهة «داعش»، وهي في الواقع لضرب الدولة السورية، ومساعدة «داعش» في الميدان.

7 ـ التركيز على تنظيم «داعش»، وبالتالي تناسي أنّ «جبهة النصرة» وأخواتها، وبحسب القرارات الدولية، هي حركات إرهابية. والتساؤل لماذا لا تتمّ مواجهتها؟ ولماذا ما زالت تزوّد بالسلاح والمال وكلّ أنواع الدعم الأخرى؟

8 ـ هل «جيش الفتح» المدعوم من بعض الأنظمة الدكتاتورية العربية والإسلامية ليس تنظيماً إرهابياً.

قيل في الآونة الأخيرة إنّ الرئيس أوباما أصيب بالصدمة ولربما بالهلع لتقدّم «داعش» في كلّ من سورية والعراق، وهذه الصدمة ناتجة من خروج «داعش» ولو قليلاً على الأوامر الصادرة له، أو لربما لأنّ «داعش» لم يبلّغ مسبقاً قيادته في واشنطن عن خططه العسكرية الجديدة في توسيع الهجوم على مناطق عدة من سورية والعراق. وهذا يثبت أنّ «داعش» هو في قلب البيت الأبيض، وستثبت وثائق الأرشيف الأميركي بعد 50 عاماً هذه العلاقة الخطيرة في تورّط هذه الإدارة بأبشع إرهاب عرفه العالم.

رئيس تحرير مجلة البيادر ـ القدس

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى