من حزيران إلى حزيران… محاولات طمس الانتصارات!
فاديا مطر
ثمانية وأربعون عاماً مضت على نكسة الخامس من حزيران، ترتبت عليها الكثير من التضحيات ومازجتها الكثير والكثير من المؤامرات، لم يعد وقعها على الأذن العربية ذات تأثير، فالعودة إلى ذلك التاريخ يأتي من الرغبة في تأكيد طبيعة الصراع العربي ـ «الإسرائيلي» والأطماع الصهيونية، بعد الأنسحاب القسري لـ «إسرائيل» من مصر في آذار 1957 التي جاءت نتيجة إصرار شعبي مصري على المقاومة حولته «إسرائيل» إلى حمل بعناوين عربية تمثلت في الحرب «الناصرية» ضد السعودية في اليمن، كل تلك العناوين وضعتنا امام حقائق تاريخية كان أولها الجيش المصري الذي ذهب ليحارب في اليمن بعد نجاح عبدالناصر بانتزاع اعتراف الولايات المتحدة بحكومة الثورة في اليمن في 19 كانون الأول 1962 في مقابل ان يتم سحب كل القوات المساندة للأمام من اليمن، تورطت فيها مصر على مدى سنوات عدة لتكون صورة تقريبية لتلك الحرب التي استنزفت فيها خزانة الدولة وأنهاك الجيش المصري الذي كان معداً لتهديد «اسرائيل»، قُتل من خلالها عشرات الآلاف من المصريين وبالأموال السعودية وأصبحت الحدود السعودية – اليمنية مناطق حشد لنقل السلاح والمقاتلين لليمن تحولت ألى حرب استنزاف استمرت وقت طويل وكانت المخططات الاستعمارية تتواصل خلال الخمسينات لتطويق المنطقة بحلف عسكري تحت ستار الدين هو «الحلف الإسلامي» الذي رفضه عبدالناصر بقوة، في هذه الظروف تحرك «الإخوان المسلمون» لقلب نظام الحكم واغتيال جمال عبد الناصر وفشلت خطة «الإخوان»… وكان هناك يقين بأن الغزو من الداخل لن ينجح مع مصر فكان الغزو من الخارج عام 1967 الذي استهدف أيضاً إسقاط النظام في مصر بحسب اعتراف زعماء «إسرائيل»، وفي 31 آب وعلى هامش القمة العربية وبعد وساطة قام بها السودان وعبد الناصر والملك فيصل يوقعان اتفاقاً يضع حداً لنزاعهما في اليمن ويقضي بانسحاب القوات المصرية بأكملها في اليمن اعتباراً من أيلول 1967 ووقف المساعدات السعودية للجنة الثلاثية التي ضمت وزراء خارجية السودان وايران والمغرب لمساعدة أطراف النزاع في اليمن على إقامة حكومة وطنية وفي 9 كانون الأول تم انسحاب جميع القوات المصرية من اليمن وكانت هزيمة لعبد الناصر، حملت في طياتها حرباً استنزافية باستنزاف المشروع العربي ـ «الإسرائيلي» استمرت حتى عام 1970 مع قدوم الرئيس حافظ الأسد إلى دفة الحكم في سورية في 12 آذار 1971 والذي قاد سطور معادلة بدء إنكفاء «إسرائيل» من المشهد العسكري الاحتلالي واستعادة التوازن العسكري العربي مع العدو بعد حرب السادس من تشرين الأول 1973، لكن خيانة أنور السادات في صفقة مؤامراتية بين الولايات المتحدة والكيان «الإسرائيلي» والدور «الساداتي ـ الإخواني» الذي قاده البيت الأبيض عبر مصافحة في البيت الأبيض لتحطيم الجيش السوري في سعي كل طرف من اطراف المؤامرة لتحقيق أهدافه الخاصة في لعبة تفاصيل أحد سطورها كانت تخريب النصر سعودياً عبر مشروع الملك فهد بن عبد العزيز للسلام، ومعاهدة كامب ديفيد التي اتفقت فيها مصر مع الكيان الصهيوني يوم 26 آذار 1979 بعد مفاوضات «ساداتية» مع رئيس وزراء العدو مناحيم بيغين استمرت 12 يوماً بعد أن كانت حرب تشرين هي أطول حرب في تاريخ الصراع العربي ـ «الإسرائيلي» مما جعل خسائر «إسرائيل» هي الأكبر على الجبهة السورية، لكن مساندة الدور الخفي السعودي لم تخرج خارج مما ذُكر لتوضّح في دعم الرئيس اللبناني أمين الجميل عبر أتفاقية 17 ايار عام 1983 مع الكيان الصهيوني والتي اسقطتها الإرادة الوطنية للشعب اللبناني بعد ما يقارب من عشرة أشهر، وإنشاء جبهة المقاومة الوطنية والإسلامية في لبنان في العام نفسه التي كانت ساعية لتكريس الانتصارات وتحقيقها في نهجها ومنهجها على الكيان «الإسرائيلي» لتقود خواتمه في نصر عام 2000 وانسحاب «إسرائيل» من اغلب الأراضي اللبنانية ليعود مجدداً التكليف «الإسرائيلي» للسعودية إلى واجهة المؤامرات على المقاومة خصوصاً بعد غزو القوات الأميركية العراق عام 2003 ليكون أغتيال رفيق الحريري في 14 شباط عام 2005 أول خيوط مؤامرة اتهام المقاومة ومن عبره سورية تمهيداً لعدوان الحلف السعودي ـ «الإسرائيلي» في عام 2006 وخسارته المدوية بعد 33 يوماً على يد المقاومة التي خاضت حربها تحت وطأت تواطؤ بعض الداخل اللبناني ليكون دخول القرار 1701 على الوضع الدائر هو ضوء أخضر من وجهة النظر الأميركية لـ «إسرائيل» بغية ترتيب تقاريرها الخاصة في ما استقر عليه الوضع في لبنان لإفساح المجال أمام حرب من نوع آخر تقوم على نتائج حرب تموز مسرحها الساحة الداخلية السورية واللبنانية على خُطى وقوف فريق الترويج للعدوان في موقع المدافع عنه والمرافع لعظمة أنجازاته في تتمة لتحالف «إسرائيلي» مع مولود ما سمي بـ «الربيع العربي» من «جبهة النصرة» الارهابية ومشتقاتها في امتداد أوسع للجغرافية والجيوسياسية العربية أوقعت تحت خرابها أمتداداً جغرافياً وصل إلى اليمن استجرته السعودية بالتحالف مع «إسرائيل» في عواصف الموت، التي أظهرت الفارق بين مواقف الانظمة الخائنة ومواقف الشعوب الرافضة للخيانة والمتمسكة بالكرامة الوطنية، وإبقاء قضية فلسطين هي البوصلة الدالة على الحق العربي التي تسعى السعودية مبكراً إلى وضعها في موضع النسيان.