تركيا أمام مفترق طرق
مرفان شيخموس
لعل الانتخابات البرلمانية الخامسة والعشرين بتاريخ الجمهورية التركية قد تحمل الكثير من المفاجأت وقد تكون ضمن إطار التوقعات للمحللين ومراكز البحث والاستقصاء.
مرت الانتخابات البرلمانية التركية بمحورين مفصليين بتاريخها ولربما تمر بمحور مفصلي ثالث.
المحور الأول تمثل بسيطرة وحكم حزب الشعب الجمهوري ومؤسسه مصطفى كمال أتاتورك لتركيا حتى عام 1950 بكونه الحزب الوحيد إلى أن أقرت التعددية الحزبية في تركيا عام 1945.
المحور الثاني تشكل حزب العدالة والتنمية في 14 آب عام 2001 بتجمع التيار الاصلاحي الذي انسحب من حزب الفضلية بقيادة أردوغان، إضافة الى بعض الرموز الليبرالية والقومية واليسارية وفوز الحزب في الانتخابات البرلمانية لثلاث مرات متعاقبة 2002، و2007، و2011.
في ما يتعلق بالمحور الثالث وهي انتخابات أمس بتوجه الناخبين الأتراك على مختلف انتمائتهم الحزبية والقومية والعقائدية إلى صناديق الاقتراع في المراكز الانتخابية والبالغ عددها 174 ألفاً و240 مركزاً انتخابياً في 81 محافظة تركية لانتخاب 550 نائباً سيشكلون البرلمان الخامس والعشرين بتاريخ الجمهورية التركية والبالغ عدد الناخبين فيها وفق الاحصاءات الرسمية التركية 53 مليوناً و741 ألفاً و838 ناخباً.
فما هي أبرز الأحزاب التركية المتنافسة في انتخابات السابع من حزيران؟؟
على رغم تواجد أكثر من عشرين حزباً في الأوساط السياسية التركية لكن من أبرز تلك الأحزاب المشاركة في انتخابات أمس هي: حزب العدالة والتنمية، حزب الشعب الجمهوري، حزب الحركة القومية، حزب الشعوب الديمقراطي وحزب السعادة، إضافة إلى حزب الاتحاد الكبير.
ولكن تبقى الانظار جميعها متوجهة إلى حزب الشعوب الديموقراطي ذي الغالبية الكردية بكونه مشاركاً بهذه الانتخابات بصفته الحزبية وليس بصفة مرشحين مستقلين وهو يطمح بتجاوز عتبة 10 في المئة وهو احتمال وارد جداً وفق المعطيات التي تشير بأن الحزب سيتجاوزها ولو بفارق بسيط.
في حين يرغب أردوغان وحزبه «الإخواني» بالعزف على أوتار الدين للحصول على ثلثي المقاعد في البرلمان، أي بما يسمح له بتعديل الدستور من دون معارضة وإقرار النظام الرئاسي الذي لطالما أراده.
لكن معظم استطلاعات الرأي ومراكز الابحاث والاحصاء لا ترجّح هذا الأمر، خصوصاً مع اقتراب نسب التأييد لـ«حزب الشعوب الديموقراطي» من نسبة العشرة في المئة وإذا دخل الحزب البرلمان فإنه قد يحرم الحزب الحاكم من الغالبية الكبيرة ويدفعه إلى الدخول في ائتلاف مع حزب آخر.
فشل سياسة أردوغان بالعزف على المشاعر الدينية وبالأخص مع المكون الكردي الذي يشكل أكثر من 20 في المئة من نسبة السكان والتي اعتاد حزب العدالة والتنمية بالحصول على اكثر من نصف تلك الأصوات، لكن الصراع في سورية أدى إلى تعقيد علاقات العدالة والتنمية بالأكراد والسبب غضب الأكراد من عدم تحرك تركيا بعد حصار مقاتلي تنظيم «داعش» لمدينة عين العرب كوباني السورية وغالبية سكانها من الاكراد على الجانب الآخر من الحدود ومنع حرس الحدود التركي أكراد سروج لمد يد العون إلى كوباني.
وبهذا الخصوص توقعت شركة A G المعروفة بمقارباتها الواقعية لنتائج الانتخابات للعدالة والتنمية نسبة 42 في المئة والشعوب الديمقراطي نسبة 12 في المئة. ووفق هذا السيناريو قد يراوح رصيد الحزب الحاكم في حدود 330 مقعداً، وهو ما يطيح بفكرة حكومة الحزب الواحد ويفتح الباب على سيناريوات الائتلافات الحكومية.
بانتظار نتائج انتخابات اليوم ستتضح الكثير ملامح سيناريوات المتوقعة منها وغير المتوقعة في ما يتعلق بسعي أردوغان الحثيث باستبدال النظام في تركيا من نظام برلماني إلى نظام رئاسي سواء عبر البرلمان مباشرة في حال حصول حزب العدالة والتنمية على نسبة ثلثي أعضاء البرلمان أو عبر استفتاء شعبي إن حصلت على النسبة التي تسمح بطرح تغيير دستوري.