نكسة أردوغان في عيون الصحافة العبرية
اهتمت وسائل إعلام «إسرائيلية» عدّيدة أمس الاثنين، بالانتخابات البرلمانية التي أجريت في تركيا، في وقتٍ لم يصدر فيه أيّ تعليق رسميّ على نتائجها الأولية غير الرسمية، التي أظهرت حصول «حزب العدالة والتنمية» الحاكم على المركز الأول.
ولكن العيون الصحافية العبرية، من صحف وإذاعات وقنوات تلفزيونية، اتفقت في تغطيتها نتائج هذه الانتخابات التي أجريت أول من أمس الأحد، على عنوان واحد وهو «حزب العدالة والتنمية التركي يخسر غالبيته البرلمانية».
وفي هذا الصدد، قالت صحيفة «هاآرتس»، إن «العدالة والتنمية خسر غالبيته البرلمانية، ما يعرقل مخططات منح الرئاسة صلاحيات كبيرة».
وأضافت: «من دون غالبية برلمانية، فإن الرئيس التركي أردوغان ـ وهو أحد مؤسّسي حزب العدالة والتنمية ـ لن يستطيع تغيير الدستور».
من جانبها، قالت صحيفة «إسرائيل اليوم» اليمينية، المقرّبة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: «بعد فرز 98 في المئة من الأصوات، الليلة الماضية، تبيّن أن حزب العدالة والتنمية، فقد غالبيته البرلمانية للمرة الأولى منذ عام 2002».
وأضافت أن النتائج تضع نهاية لطموحات أردوغان بتحويل تركيا إلى النظام الرئاسي.
واعتبرت «الإذاعة العامة» أن النتائج الأولية لتلك الانتخابات، تشير إلى أن «حزب العدالة والتنمية» أخفق في الفوز بغالبية مقاعد البرلمان، ما يعني أنه سيضطر إلى تشكيل ائتلاف حكومي مع أحزاب أخرى.
ولم يصدر أي تعقيب رسمي إسرائيلي على نتائج هذه الانتخابات.
«معاريف»
وكتل بن كسبيت في «معاريف»: إذا فقد أردوغان بالفعل الغالبية في البرلمان وتجاوز الأكراد نسبة الحسم، فإن الانتخابات في تركيا أول من أمس تشكل ليس أقل من حدث مفصلي ايجابي، يقطع مسلسل طويل وقمعي لأحداث مفصلية دموية وسلبية في منطقتنا. حقيقة أن إسراع أردوغان باتجاه تحويل تركيا إلى دكتاتورية إسلامية قد كُبحت بطريقة ديمقراطية على العكس من الحالة المصرية إذ حدث الامر هناك بفضل أسلحة الجيش ، وهذا يثبت أنه يمكن فعل هذا الامر بطريقة أخرى. لقد حدث هذا في تونس. فهناك ايضاً كُبح الاسلاميون في الانتخابات الديمقراطية، لكن تركيا مهمة أكثر، ديمقراطية أكثر ورمزية أكثر في ما يتعلق بنا.
لا، نهاية أردوغان لم تظهر بعد في الأفق، والأسلمة المتسارعة لتركيا لم تقل بعد كلمتها الأخيرة، لكن أردوغان والتابع الروحاني له، رئيس الحكومة دبوت أوغلو، فهما أمس حدود القوة. فقد بدءا بالاحتفال بشكل مبكر، وسكرة القوة تسببت لهما بالاعتقاد أن الجمهور سيذهب خلفهما إلى كل مكان وفي جميع الاحوال. وقد ارتكبا خطأً. هذه أنباء ممتازة.
لدينا، ثمة رئيس مختلف تماماً. وعلى عكس التوقعات بما في ذلك توقعاتي فقد تحول رؤوغين ريفلين منذ زمن إلى بالغ في السن والمتحمّل الوحيد المسؤولية والعقلانية حول طاولة القيادة. خطابه أمس في «مؤتمر هرتزيليا» الذي حظي باسم «خطاب القبائل» يمكن أن يعتبر خطاباً مفصلياً.
قال ريفلين بصوت عالٍ ما نقوله جميعاً ونهمس به في السر. «إسرائيل» تغيرت. من دولة فيها غالبية ثابتة وثلاث إلى أربع أقليات تدور حولها، تحوّلنا إلى دولة كلها أقليات، قبائل وتيارات منفصلة عن بعضها في أفضل الحالات، أو شجار الواحد مع الآخر في الحالات الأقل جودة.
هذا واقع، يقول الرئيس، يجب التعوّد عليه واستغلاله. هناك ما يمكن فعله، محظور أن نفقد الأمل، ويمكن تحويل التعددية إلى أفضلية. ما كان ينقصني في خطاب الرئيس ريفلين توصيات حقيقية للعمل، مثل التي يمكن للرئيس، المواطن رقم واحد، أن يوصي بها.
مثل ماذا؟ النداء للحريديين مثلاً بزيادة خروجهم إلى العمل وتجنّدهم في الجيش. النداء للعرب بالاقتراب أكثر من المجتمع «الاسرائيلي»، والمساهمة في الخدمة المدنية، وبدء المشاركة في ما يحدث هنا بدلاً من الانفصال. ريفلين يحظى بتأييد واسع في هذين الوسطين، العرب والحريديين، وأعتقد أن كلمات حازمة أكثر منه تستطيع إنشاء الفرق.
في نيويورك، في مؤتمر «جيروزاليم بوست»، وجد كل من رئيس الموساد السابق مائير دغان وقائد الاركان السابق غابي آشكنازي نفسيهما مُعرّضين للمساءلة العلنية. المذيعة في الحوار الذي شاركا فيه، الصحافية الناجحة كارولين غليك، وجّهت إليهما اتهامات خطيرة. إذ منعا، بحسبها، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من مهاجمة إيران بين 2010 و2011، ورفضا تنفيذ الأوامر، وبسببهما وصلنا إلى ما نحن عليه، إذ تجاوز الايرانيون خط اللارجعة.
لقد شاهدت هذا الحدث في الانترنت وكنت مستعداً لمجموعة منفّذي الاعدام في نهايته. لكن مشكلة غليك وادّعاءاتها أنها غير واقعية. وفي ردودهما كشف آشكنازي ودغان نوعاً من التناقض المسلّي بينهما: قال آشكنازي إنه لم يكن أمر كهذا، وقال دغان إن الأمر كان غير قانوني.
لو كانت غليك قد قرأت كل ما نشر حول هذا الأمر خلال سنوات، لكانت فهمت أن الأمر، «تحفز الجهاز» الذي أُعطي لرؤساء الاجهزة الامنية في نهاية جلسة «السباعية»، كان غير قانوني. لا يمكن تجنيد الاحتياط بمستوى واسع من غير قرار المجلس الوزاري المصغر ـ الحكومة.
بعدما أوضح كل من دغان، آشكنازي، ديسكن ويادلين الامر لنتنياهو وإيهود باراك، تراجع الاثنان عن القرار واختفى الأمر من برنامج العمل اليومي. لهذا، فإن دغان على حق أمر غير قانوني ، وآشكنازي ايضاً على حق لم يُعط الأمر في نهاية المطاف .
لكن هذا مهم فعلياً. الأمر الذي لم تأخذه غليك في الحسبان أن ليس هناك قائد أركان أو رئيس موساد يستطيع رفض قرار المستوى السياسي. إذا كان نتنياهو وباراك قد عقدا المجلس الوزاري المصغر كما يطالب القانون، واتخذا القرار، لكان قد نُفذ. وهذا أيضاً ليس مهماً. الأمر المهم أن الرؤساء الاربعة للأذرع الامنية قد تحرروا خلال 2011، والفرصة الحقيقية لنتنياهو لمهاجمة المنشآت النووية الايرانية كانت في 2012. فقد كان لديه في حينه رؤساء اجهزة مستجدّون وفاقدو الأمن غانتس، بردو، كوهين وكوخافي . وكان لديه وزير دفاع حربي باراك ، ولم يكن هناك رئيس فعال، وأوباما كان في نهاية حملة انتخابية جديدة، وكانت «إسرائيل» قادرة على قصف واشنطن أيضاً.
نهاية 2012 كانت توقيتاً مثالياً لضرب المنشآت النووية الايرانية. فلماذا إذاً لم يضرب؟ قد يكون السبب أنه كان سيضرب أوباما بدلاً من ذلك في محاولة لإسقاطه من خلال المراهنة على ميت رومني. أو قد يكون خاف كالعادة . الادّعاءات التي توجهها غليك للعسكريين، يجب عليها أن توجهها لمتخذي القرارات: نتنياهو وباراك.