خريطة سياسية جديدة في أنقرة ترسم نهاية «النصرة» في سورية

محمد حمية

بعد صدور نتائج الانتخابات التركية والتي مثلت شبه هزيمة سياسية للرئيس التركي رجب طيب اردوغان وحزبه، تساؤلات عديدة تطرح حول التغيير الذي سيلحق بالسياسة التركية لا سيما على الصعيد الخارجي ما يطرح بالتالي مصير «جبهة النصرة» وغيرها من الفصائل المسلحة التي تتلقى الدعم من تركيا؟

لم يعد خافياً على أحد الدعم التركي العسكري واللوجستي للجماعات الارهابية في سورية لا سيما تنظيمي «داعش والنصرة» من فتح المعابر على طول الحدود التركية – السورية لمقاتلي هذه التنظيمات ومدهم بالسلاح والعتاد وتوفير قواعد التدريب والدعم التكنولوجي وفتح الاسواق التركية أمام نفطهم المسروق من سورية والعراق، فضلاً عن التدخل العسكري المباشر في بعض الأحيان عبر قصف مواقع الجيش السوري.

هذا التورط التركي بدعم «جبهة النصرة» وغيرها تحدثت عنه العديد من الصحف التركية والغربية.

في الثالث من ايلول 2014 كشف السفير الأميركي السابق في أنقرة فرانسيس ريتشار دون أن تركيا تعاونت في شكل مباشر مع فرع تنظيم «القاعدة» في سورية وقدمت له مختلف أشكال الدعم.

ونقلت صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية عن ريتشاردون «أنه حاول إقناع الحكومة التركية بإغلاق حدودها أمام هذه التنظيمات ولكن من دون جدوى».

في الثاني من شباط من هذا العام كشفت صحيفة «جمهورييت» التركية وجود دعم عسكري من «بيع سلاح للمقاتلين» الى قصف بالمدفعية التركية لمراكز القوات السورية، الى تحول الأراضي التركية سوقاً لبيع السلاح للارهابين.

أما الدعم التركي لـ»النصرة» فقد تجلى في معظم المعارك التي خاضتها ضد الجيش السوري لا سيما تغطية هجوم «الجبهة» على منطقة كسب في حين أظهرت الصور مقاتلي «النصرة» يرفعون أعلامها على دبابات تركية في كسب.

وكان الصحافي الأميركى المخضرم سيمور هيرش، كشف في نيسان الماضي عن وثائق أميركية تفصح عن المدى الكامل لتعاون الولايات المتحدة مع تركيا وقطر في مساعدة المتمردين الإسلاميين في سورية على رغم إدراج الحكومة التركية «جبهة النصرة» على قائمة المنظمات الإرهابية العام الماضي، إلا ان الدعم التركي لـ»النصرة» تصاعدت وتيرته في الشهور القليلة الماضية مع سيطرة «الجبهة» على جسر الشغور وإدلب وبعض المناطق في شمال سورية، حيث تحولت «النصرة» الى الحصان التركي – السعودي لإسقاط النظام في سورية كما ان تركيا رفضت الانضمام الى التحالف الدولي لمكافحة الارهاب.

اليوم ما بعد نتائج الانتخابات التركية غير ما قبلها، فحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان لم يحصد اكثر من 40 في المئة من أصوات الناخبين ما يعني أنه لا يستطيع تعديل الدستور ولا تشكيل حكومة منفرداً، بالتالي عليه عقد تحالفات مع بعض الأحزاب ليتمكن من تشكيل الحكومة.

فحزب الشعب الجمهوري حل في المرتبة الثانية بنسبة 25 في المئة من الاصوات، أما حزب الحركة القومية اليميني المتطرف، الذي يشكل العدو الأول لحزب أردوغان حصد 17 في المئة، أما حزب الشعوب الديمقراطي فنال 12.31 في المئة.

هذا التوزيع الانتخابي الجديد سيفرض خريطة سياسية جديدة من خلال توزيع الحصص والمواقع الوزارية لا سيما الأمنية بين هذه القوى في اي حكومة ائتلافية مقبلة، بالتالي سينتج منه توازن قوى جديد داخل الحكومة ما سينعكس تراجعاً في الدعم التركي لـ»النصرة» من خلال التشديد الذي سيحصل من قبل المشاركين في الحكومة على دعم الارهاب.

هذا الواقع السياسي التركي الجديد سيؤثر على الوضع الميداني في سورية مع الهزيمة التي تلقتها «النصرة» في القلمون وجرود عرسال على الحدود اللبنانية – السورية ومع الحديث عن هجوم معاكس يعد له الجيش السوري والمقاومة على جبهتي الجنوب والشمال حيث تواجد «النصرة».

فهل بدأ العد العكسي لسقوط «النصرة» ومشروع الرهان الخارجي عليها لتغيير المعادلات في الميدان السوري وفي المنطقة؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى