المعارضة المنتصرة تعيد تركيا من حافة الهاوية… وأرينتش يرى نجاح «الشعوب الديمقراطي» مؤامرة!
استفاق حزب العدالة والتنمية الإخواني على مشهد لم يكن قد اعتاد عليه طوال 13 عاماً قضاها في حكم تركيا في شكل فردي حيث لم يعد بإمكانه التعامل مع الدولة كمزرعة هدفها خدمة السلطان وأسرته وعشيرته بعدما نجح الشعب التركي في تجاوز ترهيب وترغيب نظام أردوغان وخطا الخطوة الأولى لتفكيك هذا النظام الإقصائي الذي تمدد على حساب مؤسسات الدولة حتى كاد يبتلعها.
وأدخلت نتائج الانتخابات البرلمانية تركيا في مرحلة جديدة سيكون عنوانها عدم الاستقرار السياسي وهو ما أدركه حزب العدالة والتنمية جيداً ودفعه الى بدء البحث عن مخارج تمكنه من البقاء في واجهة المشهد السياسي أولاً وتحميه من أي محاسبة أو ملاحقة على ما اقترفه طوال فترة حكمه السابقة ثانياً.
وذكر الحساب الذي يحمل على «تويتر» اسم فؤاد عواني ويحظى بمتابعة شعبية كبيرة أن حكومة حزب العدالة والتنمية الحالية بدأت عملية اتلاف الوثائق وإحراقها في رئاسة الوزراء على خلفية النتائج الانتخابية وخسارة الغالبية البرلمانية المطلقة.
وأشار عواني الذي سبق له وأن نشر وثائق ومعلومات كشفت فساد أردوغان وحكومته الى أن اتلاف الوثائق لن ينقذ أعضاء حكومة حزب العدالة والتنمية من المحاكمة التي باتت قريبة ولن يساعدهم على الافلات من العقاب.
واستعرض ناشطون أتراك ما بات حزب العدالة والتنمية عاجزاً عن تحقيقه خلال الفترة القادمة وهي أنه لن يتمكن من اختيار رئيس البرلمان بمفرده أو الابقاء على غالبيته في لجان البرلمان أو تحديد جدول أعمال البرلمان والتحكم في السلطة التشريعية بقرارات اعتباطية كما أنه لن يتمكن من التقدم بطلبات حزم القوانين التي ترسخ لأحكام اعتباطية والتي من شأنها تقليص الحريات وتحويل تركيا الى دولة بوليسية.
وأشار الناشطون الى أن النتائج تعني أيضاً أن نظام أردوغان لن يتمكن من التعتيم بسهولة على فضائح الفساد والرشوة التي تكشفت وقائعها في 17 كانون الاول 2013 وطاولت رموزاً كبيرة من حكومة حزب العدالة والتنمية ولن يتمكن من وقف تحقيقات الفساد والشكاوى الأخرى المقدمة ضد وزرائه الأربعة المتورطين ولن يتمكن من اختيار أعضاء للمؤسسات والهيئات الحساسة في الدولة مثل المحكمة الدستورية ومجلس القضاء المالي.
وأوضح الناشطون أن نظام أردوغان خسر الغالبية في المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون وخسر امكانية اتخاذ قرار الحرب بمفرده وقرار ارسال جنود الى خارج البلاد وقرار اجراء الانتخابات لوحده وخسر قرار تقديم المبالغ التي يريدها للقصر الابيض أو قصر أردوغان الذي بات رمزاً للإسراف والترف.
ودعا أردوغان في أول تصريح له بعد خسارة حزب العدالة والتنمية الغالبية الى «التصرف بمسؤولية للحفاظ على استقرار البلاد» وهو ما فاجأ بعض المحللين الذين استغربوا اثارة أردوغان موضوع الأمن والاستقرار في وقت مرت فيه الانتخابات من دون أي حوادث تذكر.
وقال أردوغان في بيانه «من المهم جداً في العملية الجديدة أن تتصرف الأحزاب السياسية كافة بالحساسية الضرورية وتتحلى بالمسؤولية لحماية مناخ الاستقرار والثقة الى جانب مكتسباتنا الديمقراطية».
وتتقاطع تصريحات أردوغان مع تصريحات رئيس حكومته أحمد داوود أوغلو الذي أعلن عقب صدور النتائج الأولية للانتخابات بأن الحكومة لن تسمح لأحد ان يمس بالاستقرار.
واعتبر نائب رئيس الوزراء التركي بولنت ارينتش أن نجاح حزب الشعوب الديمقراطي في دخول البرلمان هو مؤامرة على حزبه من قبل حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية.
وذكرت وسائل اعلام تركية أن نتائج الانتخابات فتحت المجال أمام عودة عبد الله غل الرئيس التركي السابق الى حزب العدالة والتنمية الذي يعتزم عقد مؤتمره بين شهري أيلول وتشرين الاول القادمين من أجل انتخاب رئيسه الجديد.
ونعى نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري والمتحدث باسمه هالوك كوتش حكم حزب العدالة والتنمية وقال: «ان الديمقراطية التي وضعتها حكومة الحزب في غرفة الانتظار انتصرت»، مشيراً الى أن حزب الشعب الجمهوري ورئيسه كمال كيليتشدار أوغلو تحولا الى أهم لاعبين مؤهلين لتشكيل الحكومة الجديدة.
وأكد رئيس حزب الحركة القومية الذي حل ثالثاً دولت بهتشلي أن نتائج الانتخابات هي بداية النهاية لحزب العدالة والتنمية وأن أردوغان هو الخاسر والمهزوم الأهم بعد أن استنفر كل امكانات الدولة لدعم حزبه ومهاجمة أحزاب المعارضة بجمل وعبارات منحطة، مشيراً الى انتهاء حقبة السياسة المعتمدة على التوتر.
وقال صلاح الدين دمرطاش رئيس حزب الشعوب الديمقراطي ان «حزبه لن يشكل حكومة ائتلافية مع حزب العدالة والتنمية ولن يدعمه بأي شكل من الأشكال كما وعد سابقاً».
وأكد دمرطاش أن حزب الشعوب الديمقراطي لن يشارك في أي مشروع لا يخدم مصالح تركيا وشعوبها، لافتاً الى أن الجدل حول الانتقال الى النظام الرئاسي انتهى مع نتائج الانتخابات حيث عادت تركيا من حافة الهاوية.
ويرى مراقبون أن نتائج الانتخابات هذه تعني تراجع حزب العدالة والتنمية، وأن لا مفر له من تشكيل حكومة ائتلافية، حيث يستوجب تشكيل حكومة بحزب منفرد الحصول على 276 مقعداً على الأقل.
ويرى محللون أن حزب العمل القومي هو شريك الائتلاف الأكثر ترجيحاً في البرلمان الجديد.
وكان سعدي كوفان، رئيس اللجنة العليا للانتخابات في تركيا أعلن مساء أول من أمس، تخطي 4 أحزاب من أصل 20 حزباً تنافسوا في الانتخابات التشريعية اليوم «العتبة الانتخابية» المؤهلة لدخول البرلمان والبالغ نسبتها 10 في المئة من أصوات الناخبين.
وبحسب النتائج، نال حزب العدالة والتنمية نسبة 40.81 في المئة من الأصوات مستحوذاً على 258 مقعداً، وحزب الشعب الجمهوري نسبة 25.01 في المئة من الأصوات مستحوذاً على 132 مقعداً، وحزب الحركة القومية نسبة 16.33 في المئة من الأصوات مستحوذاً على 82 مقعداً، فيما حصد حزب الشعوب الديمقراطي نسبة 13.06 في المئة من الأصوات مستحوذاً على 78 مقعداً، من إجمالي مقاعد البرلمان البالغ عددها 550 مقعداً.
من جهة اخرى، تراجع مؤشر البورصة 6.1 في المائة صباح أمس بعد نصف ساعة على الافتتاح. وسجلت الليرة تراجعاً قياسياً إذ خسرت 2.78، و3.1 يورو أي أكثر من أربعة في المئة.