تركيا… هل بدأت مفاعيل سقوط «الأمبراطورية»؟
فاديا مطر
إن ما يشهده الحراك السياسي في المشهد التركي يتحرك نحو الحلقة المفصلية في الحياة السياسية التركية التي بدأت القراءة الأولية لخريطة القوى التنافسية وطبيعة غلبة النفوذ الذي هو المؤشر الأهم في معركة الانتخابات التركية التي حوت لاعبين جدداً على ساحة الخريطة السياسية تركت امل «أردوغان» على شفا نكسة كبيرة بعد فشل «العدالة والتنمية» بالفوز بأغلبية صريحة في الانتخابات البرلمانية في 7 حزيران الجاري، وهو ما بدد أماني «أردوغان» في إنشاء دستور يعزز رئاسة أكثر نفوذاً على الطريقة الأميركية، فهو المحتاج إلى ثلثي البرلمان لقبض القدرة على الحكم بمفرده، الأمر الذي خسره بعد 13 عاماً تقريباً من الأنفرادية التي فشلت في اجتياز الباب البرلماني وبدأت بكبح جماح أردوغان بعد الدخول الكردي البارز على المشهد السياسي الذي حل بالمركز الرابع من خلال حزب «الشعوب الديمقراطي» ذي الغالبية الكردية بنسبة 12.31 في المئة وحصوله على 78 مقعداً في مفاجأة غير متوقعة كسرت «العتبة الانتخابية»، وهم الذين غيروا المعادلة بمعاني مختلفة لها أبعاد قومية وسياسية أكبر من مجرد لعبة معارضة داخلية، لأن حتى الشأن الانتقالي إلى حكومة إئتلافية ليس بالضرورة أن يحمل رئيساً للحكومة والبرلمان من حزب العدالة والتنمية، فهذا تعميق للجروح «الأردوغانية»، وبروز مشهد كردي ربما يحمل في طياته نواحي دستورية وقانونية مؤثرة في حياة التركية العامة، خصوصاً إذا حصل الأكراد على مرحلة جديدة أكثر قوة تأثيرية في رفع سقف الحقوق والشروط التفاوضية مع الحكومة التركية على خلفية أن «حزب الشعوب الديمقراطي» مدعوم «أوجلانياً» مما يعزز الحلقات المفصلية الحافلة بالمفاجأت والاحتمالات لجهة التطلعات الكردية التي تعتبر «الحرس القديم» للأكراد في نظر الأردوغانية التي عاملت الكرد بطريقة الأبتزاز في أحداث «كوباني» السورية الكردية مما غير في شكل واضح المزاج الكردي العام في تركيا، خصوصاً مع المراوغة التركية في مفاوضات السلام مع حزب العمال الكردستاني منذ عام 2010 واتضاح حجم التلطي وراء الأكاذيب والمؤامرات في الشأن الكردي مع بقاء عبدالله أوجلان تحت الحكم المؤبد في السجون التركية، فهذا استغلال للأحداث كانت تأمل منه تركيا العدالة والتنمية أن تحصل على عمليات عسكرية تُصعّد التطورات في سورية في محاولة لجعل القراءة السياسية الدولية تدرك ان «كل الأزمات الدولية يجب أن تمر من تركيا»، وهذا ما فشلت تركيا به بعد سيطرت الاكراد على عين عرب وانفضاح الدور التركي اللوجستي في دعم تنظيم «داعش» الإرهابي في سورية والعراق، والاعتداء على المسيرات في الشوارع التركية الداعمة والداعية الى تحرير كوباني عبر تعزيز دور الشرطة التركية في المناطق الكردية، لتكون لعبة «كوباني» التركية فاشلة مع اجتماع ما تستنبطه حكومة أردوغان من طرق جديدة لهضم الحقوق الكردية والأرمنية وحتى المسلمة، فهي «اللعنة» التي أسقطت أوهام أردوغان واستراتيجية التطرف التي خطت بيدها خطورة تجاوز ما يعتقد، لأن تعدد الجبهات واختلاف القيادات وضياع الارتباطات الصحيحة هي ما بدأت تحفر حفرها تحت «الأمبراطورية الأردوغانية» لتجعل فاتورة مفاعيل استراتيجيتها المتداعية أصلاً هي أول سطور السقوط المدويّ لمن تشدقوا بالحرية والديمقراطية وارتكبوا الجرائم تحت مسمى «الحقوقية»، فهذا جوهر الموضوع من ألفه إلى بائه تدريجياً إلى يائه.