أردوغان يقبل استقالة حكومة أوغلو… ودمرطاش يدعو الأخير لتنفيذ وعده بالانسحاب من الحياة السياسية
تستمر حالة التخبط التي يعيشها حزب العدالة والتنمية على وقع الهزيمة المرة التي مني بها بعدم حصوله على الغالبية المطلقة في الانتخابات التشريعية التركية، في حين قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استقالة حكومة أحمد داود اوغلو، وكلفه تسيير شؤونها.
وتشير الأوساط السياسية في أنقرة إلى أن اوغلو أصبح أمام خيارين إما المشاركة في ائتلاف من شأنه أن يثير رد فعل رئيس النظام التركي أو إجراء انتخابات مبكرة ما سيضعه أمام معادلة صعبة من حيث مستقبله السياسي.
وبحسب هذه الأوساط فإن أعضاء حزب العدالة والتنمية يعتقدون بأن مواقف أردوغان وأساليبه لعبا دوراً كبيراً في النتيجة التي حصل عليها الحزب، مشيرين إلى أن هذه المواقف تؤثر حالياً في الخيارات التي يمكن أن يلجأ إليها داود اوغلو لما بعد الانتخابات.
وكان حزب العدالة والتنمية أخفق في الحصول على الغالبية المطلقة بالبرلمان التي تخوله الانفراد بتشكيل حكومة جديدة بعد انتهاء فرز أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية حيث حصل على 40.81 في المئة من الأصوات بينما حصل حزب الشعوب الديمقراطي على نحو 13.5 في المئة وحصل حزب الشعب الجمهوري على 25.1 في المئة في حين حصل حزب الحركة القومية على 16.34 في المئة.
من جانب آخر، أكد خبراء سياسيون أتراك أن نتائج الانتخابات التركية التي مُني فيها حزب العدالة والتنمية بهزيمة مدوية من شأنها أن تساهم في تغيير سياسة تركيا إزاء سورية.
ولفت منصور اكجون عضو الهيئة التدريسية في جامعة كولتور بإسطنبول إلى أن حكومة حزب العدالة والتنمية كانت تحدد سياساتها وفقاً لأقوال أردوغان وتوجهاته مؤكداً أن حصول الحزب على هذه النسبة من أصوات الشعب من شأنه ان يقلل من تأثير اردوغان ونفوذه.
ورأى اكجون أن فوز حزب الشعوب الديمقراطي في الانتخابات البرلمانية وتجاوزه العتبة الانتخابية من شأنه أن يؤثر على السياستين الخارجية والداخلية لتركيا وفي حال ضم الحزب إلى ائتلاف حكومي فإن هذا حتماً يقتضي إعادة النظر في السياسات المتبعة إزاء مكافحة تنظيم داعش الإرهابي وتفعيلها فضلاً عن ضرورة تغيير السياسات المتبعة إزاء سورية.
بدوره قال مراد بيلهان السفير التركي المتقاعد ونائب رئيس مركز آسيا التركي للدراسات الاستراتيجية أن السياسة الخارجية التركية لا يمكن أن تستمر على ما هي عليه في ظل نتائج الانتخابات الأخيرة، مشدداً على ضرورة إجراء تغييرات في مجال العلاقات مع الاتحاد الأوروبي والسياسات إزاء قبرص وسورية وأوكرانيا.
داخلياً، تتواصل التفاعلات والمواقف السياسية من مختلف القوى والأحزاب التركية في ضوء النتائج التي أفرزتها الانتخابات التشريعية التي شهدتها تركيا والتي أظهرت حجم التراجع الكبير في شعبية حزب العدالة والتنمية الحاكم وزعاماته والتململ الشعبي الواسع تجاه سياساته الداخلية والخارجية.
وفي هذا السياق أكد كمال كيليتشدار اوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري أن حكومة الحزب الواحد عجزت عن حل المشاكل التي تعاني منها تركيا، مشيراً إلى أن الشعب يرغب في تحقيق التصالح بين الأحزاب السياسية من دون أن يشمل هذا التصالح حزب العدالة والتنمية.
وقال كيليتشدار أوغلو في تصريح أدلى به لصحيفة حرييت التركية «إن التوجه نحو انتخابات مبكرة من دون حل المشاكل التي خلقتها حكومة حزب العدالة والتنمية لا بد أن يخلق النتيجة نفسها» معتبراً أن ترك البلاد من دون حكومة يعبر عن قلة احترام لخيار الشعب وإرادته والأحزاب الأربعة التي فازت بالانتخابات تتحمل المسؤولية نفسها حيال هذا الموضوع ولكن تترتب مسؤولية خاصة على عاتق الأحزاب المعارضة الثلاثة.
ولفت كيليتشدار أوغلو إلى أن تركيا تشهد مشاكل خلقتها حكومة حزب العدالة والتنمية في مجال السياسة الخارجية والاقتصاد فضلاً عن تنفيذ استحقاقات الدولة الاجتماعية مشدداً على ضرورة تطبيق سياسة خارجية تركية تعتمد على السلام وهذا ما يرغب به الشعب التركي.
وكان كيليتشدار أوغلو أعلن أمس أن حزبه مستعد للمشاركة في حكومة ائتلافية مع حزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطي مؤكداً أن الأتراك يريدون حكومة تعمل على تحقيق المصالحة الوطنية والمشاركة السياسية.
من جانب آخر، وفي سياق المواقف من تشكيل حكومة ائتلافية قال صلاح الدين دمرطاش الرئيس المشترك لحزب الشعوب الديمقراطي «إن جميع الخيارات يمكن تقييمها لاحقاً» لافتاً إلى أن حزبه كان أكد أنه لن يشكل ائتلافاً حكومياً مع حزب العدالة والتنمية فيما سيبذل جهوداً كبيرة من أجل الوقوف أمام عدم الاستقرار بما فيه تشكيل حكومة أقلية.
وأكد دمرطاش في تصريحات له ضرورة مناقشة موضوعين ملحين قبل كل شيء وهما التزام رئيس الوزراء الحالي بوعده وتقديم استقالته وينسحب من الحياة السياسية بعد أن وعد بتقديم استقالته في حال عدم حصول حزبه على الغالبية البرلمانية التي تؤهله لتشكيل الحكومة كما ينبغي أن توكل مهمة التفاوض لتشكيل حكومة ائتلافية لشخص آخر من حزب العدالة والتنمية.
وفي السياق ذاته كشفت صحيفة «حرييت» عن أن دولت باهتشلي رئيس حزب الحركة القومية أشار خلال أحاديث له إلى احتمالين حول تشكيل ائتلاف لا يشمل حزبه فيما تبرهن تقييمات مسؤولي الحزب على أنه لم يغلق أبوابه في شكل كامل أمام المشاركة في ائتلاف حكومي.