دو فريج: لبنان بلا رئيس لسنوات وعون لا يستطيع حالياً الوصول الى بعبدا
حاورته روزانا رمّال
أكد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج أن «الحكومة الحالية أتخذت قراراً في 25 أيار الماضي بأن لا تعمل وكأنها تأخذ صلاحيات رئيس الجمهورية وأن لا تعمل كحكومة تصريف أعمال وأن رئيس الحكومة يكون الميزان في وضع جدول الأعمال لكي لا يكون هناك مواضيع خلافية»، إلا انه أشار الى أن «في الفترة الأخيرة طرحت مواضيع سياسية خلافية كبيرة على مجلس الوزراء يجب الاتفاق عليها خارج المجلس وليس داخله لأنه فقط لتسيير شؤون المواطنين».
وفي حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز»، أكد دو فريج أن «الحكومة لا تستطيع اتخاذ قرارات مصيرية في ظل الفراغ الرئاسي».
وطالب بنزع صفة النائب اللبناني عن كل نائب يتغيب عن جلسة انتخاب رئيس جمهورية لأسباب سياسية، داعياً جميع النواب إلى الحضور الى المجلس النيابي لانتخاب رئيس على دورات متعددة ومن ينال 65 صوتاً نذهب جميعاً لتهنئته، لكنه توقع بقاء لبنان من دون رئيس لسنوات.
وجزم دو فريج بأن رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون لا يستطيع الوصول إلى الرئاسة في الوقت الحالي، لافتاً الى أن الرئيس التوافقي ليس ضعيفاً.
ورأى دو فريج أنه لو أبقى حزب الله قوته في لبنان ضمن الدولة لكنّا حافظنا على لبنان أكثر بكثير من الآن وكنا واجهنا التكفيريين الإرهابيين المجرمين معاً الذين يحاولون دخول لبنان.
وفي ما يلي نص الحوار كاملاً:
كيف تنظر إلى الوضع الحكومي اليوم في ظل الخلاف السياسي الذي قد يؤدي إلى الشلل؟
ـ هذه الحكومة تأسست وولدت لثلاثة أشهر منذ 15 شباط إلى 25 أيار 2015 تاريخ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان ولكن من الواضح أن الفريق الذي يعطّل اليوم انتخابات الرئاسة وعلى رأسه حزب الله والتيار الوطني الحر وتيار المرده، اعتقد أن الحكومة جاءت لوقت طويل ولملء الشغور وليس الفراغ في رأس الدولة، في 25 أيار أخذت الحكومة قراراً بأن لا تعمل وكأنها تأخذ صلاحيات رئيس الجمهورية ويعتاد اللبنانيون على إدارة البلاد بلا رئيس، ولا أن تعمل كحكومة تصريف أعمال الذي يعني انها مستقيلة، وقررت أن رئيس الحكومة يكون الميزان في المواضيع التي يطرحها على جدول الأعمال، لكي لا تكون مواضيع خلافية لتمرير الوقت. لكن في الفترة الأخيرة مواضيع سياسية كبيرة طرحت على مجلس الوزراء والمواضيع السياسية الخلافية الكبيرة إذا كان هناك إمكان لحلها فيكون خارج مجلس الوزراء وليس داخله لأن المجلس هو فقط لتسيير شؤون المواطنين.
مشروع رفيق الحريري كان المقاومة ليبقى اللبناني في لبنان أي مقاومة اقتصادية وإذا كان الاقتصاد قوياً يبقى اللبنانيون يعملون في البلد وبالتالي نقاوم للحفاظ على مصالحنا ضد اي احد يطعن في الصيغة التي نحن نؤمن بها، اليوم في الحكومة تطرح ملفات تتعلق بمصير المنطقة وهي لا تستطيع اتخاذ قرارات مصيرية في ظل الفراغ الرئاسي بل يجب أن تعالج خارج المجلس، فكل وزير يعود الى حزبه أو تياره أو مرجعيته السياسية ليأخذ القرار.
هل الحكومة عاجزة عن بحث الملفات الكبرى أم رئيس الجمهورية كانت لديه صلاحيات أكثر مما نعلم؟
ـ الرئيس له صلاحيات أكبر بكثير ليس بالضرورة أن تكون مكتوبة لكن نحن في مأزق لا حكومة تجتمع ولا مجلس نيابي والمؤسسات تعود إلى الوراء وهذا ما حصل منذ انتهاء ولاية الرئيس سليمان، لماذا اليوم نعطل انتخابات الرئيس؟ نحن في نظام برلماني ديمقراطي ويعتمد التصويت وكل نائب يتغيب عن جلسة انتخاب رئيس جمهورية أو رئيس مجلس نواب لأسباب سياسية، يجب نزع عنه صفة نائب لبناني، يجب حضور النواب وانتخاب رئيس وإذا لم يكن في الدورة الأولى في الثانية أو في الثالثة، رئيس الجمهورية هو مرجعية للجميع وحتى لو جاء خصمنا السياسي يجب احترامه، هناك فريق يعطل المجلس والبلد وإما أن يأتي شخص معين رئيس جمهورية ما يعني بقاء لبنان من دون رئيس سنوات.
لماذا لا يعمل تيار المستقبل بجدية لوصول رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى الرئاسة، في المقابل يعمل حزب الله لوصول رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون حتى اتهم بتعطيل المجلس لتمسكه به؟
ـ «المستقبل» بجميع أعضائه نزل إلى المجلس النيابي في جلسة 23 نيسان الماضي واقترع لجعجع فيما حزب الله لم ينتخب عون، الرئيس سعد الحريري واضح في موقفه، طالما عون مرشح يعني حصر المعركة بين هذين الشخصين، وعلى الجميع النزول إلى المجلس وكل فريق يصوت لمرشحه ومن ينال 65 صوتاً نذهب جميعاً لتهنئته وهذا ما يرفضه الطرف الآخر، والحريري قال إذا لم نستطع الاتفاق على عون أو جعجع فلنتفق على مرشح آخر بين مرشحين توافقيين عدة ويتم الإختيار بينهم في المجلس، عون اجتمع مع الحريري لكن نحن لنا تحالفاتنا وعون له تحالفاته وفي الوقت الحالي لا يستطيع الوصول الى الرئاسة، نحن لا نريد التوافق على رئيس بل الاختيار بين مرشحين عدة في مجلس النواب الرئيس التوافقي ليس ضعيفاً وجربنا الرئيس إميل لحود.
في الحقبة السورية الجميع شارك في الحكم وإدارة البلد وأن أقطاب 14 آذار هم نجوم تلك الحقبة؟
ـ هناك فرق بين التحالف مع سورية والعمالة لها، الرئيس رفيق الحريري كان الحليف لسورية والآن لا يوجد حلفاء لها.
كيف لا يكون حزب الله اليوم حليفاً لسورية وهو أصبح قوة اقليمية ويقلب الميزان العسكري فيها وانتم تقولون أنه لولا حزب الله لسقط النظام في سورية؟
ـ حزب الله بتدخله في سورية له مصالح مع النظام فيها لأنه اذا أغلقت طرق إمداد حزب الله بالسلاح ماذا يحصل؟ وإذا جاء نظام في سورية أغلق المطار والمرافئ على حزب الله ماذا يفعل؟ النظام في سورية سقط والآن يبقى صورياً.
كيف يسقط النظام في سورية وحزب الله ما زال قوياً، بحسب وجهة نظركم يجب سقوط حزب الله أولاً ليسقط النظام في سورية؟
ـ نعم حزب الله هو الذي يمسك النظام في سورية بأوامر إيرانية لأن ايران لديها مصالح اقليمية استراتيجية وامتداد اقليمي واضح اليوم أن المنطقة تذهب نحو التقسيم بطريقة مخيفة ولا يبدو أن حزب الله يمنع ذلك، بل هو يعمل للحفاظ على مناطق ليكون له نفوذ فيها ولإبعاد الأعداء، لكن كل ذلك يحصل على حساب التعايش في لبنان والنظام والدولة اللبنانية. اليوم حزب الله يتشرذم ويدخل بأعداد كبيرة إلى سورية من حلب وحمص إلى القصير إلى الجولان لكن لو أبقينا كل هذا العدد والسلاح في لبنان تحت إمرة الجيش اللبناني ومشاركة الحزب تحت إمرته ضمن استراتيجية دفاعية لم يكن ليحصل ما حصل، لبنان اليوم يجب أن يستفيد مما يحصل حوله من أزمات وحروب لا دخل له فيها، لماذا يدخل لبنان نفسه في قضايا أكبر منه بكثير، لو فكرنا بلبنان أولاً وليس الطائفة أولاً، لكنا تمكنّا من تحقيق نمو اقتصادي وبلد مزدهرة وقوة من ضمنها حزب الله وجيش قوي وعمّرنا البلد واستفدنا من مصائب الآخرين الذين استفادوا من مصائبنا. اتفاق الطائف جاء لوقف الحرب الأهلية هو مدروس بميزان «جوهرجي» لكن كان يجب أن يطبق وكلفت سورية بالاتفاق مع الولايات المتحدة تطبيقه ضمن تسوية سورية – أميركية.
هل تعتقد أن من أدخل سورية إلى لبنان هو الذي أخرجها وليس اغتيال الحريري والقرار 1559؟
ـ الرئيس بشار الأسد قال إنه يخرج قواته من لبنان لتطبيق القرار 1559، ليس الأميركيون من أخرج سورية من لبنان بل خرجت بقرارٍ سوري تحت ضغط دولي عليها.
لماذا دائماً تصورون في تيار المستقبل أن رفيق الحريري كان يتلقى الأوامر والتهديدات، هل هذا منطقي وينسجم مع شخصية الحريري؟
ـ التعامل السوري مع لبنان في حقبة الحريري لم يكن جيداً ولا يوجد فيه احترام للمواقع.
لكن ألم يكن تيار المستقبل جزءاً من هذه الحقبة ويستفيد من السلطة؟
ـ «المستقبل» لم يكن سورياً في كل المراحل، بل كان لبنانياً يريد أفضل العلاقات مع سورية وكان الحريري يقول أريد تكاملاً اقتصادياً مع سورية وليس تنافساً معها، هذا كان برنامج الحريري لكن عندما شاهد النفوذ السوري قوياً ومدعوماً دولياً لم يكن أمامه إلا خياران إما مقاومة الوجود والنفوذ السوريين أو استعياب هذه الممارسات لمصلحة لبنان.
لكن ألم يطلق على الحريري لقب «وزير خارجية سورية» في العالم وكان يردد أن سورية هي المقاومة والتي لم توقع اتفاقاً مع «إسرائيل»؟
سورية كانت تعطل قرارات الحريري منذ وصوله إلى السلطة عام 1993 وجاؤوا له بالرئيس لحود لأنهم لا يريدون للحريري أن يقوى وهو كان رجلاً سياسياً يستوعب السوريين لمصلحة لبنان ولماذا منعوه من أن يأتي رئيساً للحكومة؟
إذاً لماذا بقي في لبنان؟ العماد عون لم يستطيع التعايش مع الوجود السوري في لبنان فترك البلد؟
ـ عون أخرج من لبنان ولم يخرج بنفسه، كلنا يعلم الحملة السورية ضد الحريري عام 1998، والرئيس الأسد استلم ملف لبنان منذ العام 1997 وهو الذي أصرّ على والده للمجيء بلحود رئيساً. الحريري عمل لعقد مؤتمري باريس 1 و2 وبعد نجاحهما من أفشلهما؟ وتم اسقاط حكومة «الإنعاش الاقتصادي» وتعرض الحريري لتهديدات وذهبنا للتأميم لا سيما في قطاع الخليوي. لو كان حافظ الأسد حياً لما اغتيل الحريري.
كيف يمكن اعتبار أن المحكمة الدولية هي التي تصدر الأحكام القضائية في اغتيال الحريري ونرى أن شخصيات في «المستقبل» تصدر الأحكام من خلال اتهام سورية وحزب الله؟
ـ نحن نتهم سياسياً وليس قضائياً، أول من حارب المحكمة هو حزب الله والتيار الوطني الحر، أنا تعرضت للتهديدات من العميد رستم غزالي لانتخاب الرئيس لحود وقال لي: «إنك تصوت لاستمرار الأمن في لبنان وهذا تهديد كبير للبنان».
لماذا لا تعترفون بأن حزب الله استطاع إبعاد خطر الإرهاب عن لبنان والدليل أن لبنان الأكثر أمناً في المنطقة رغم الأحداث على الحدود فضلاً عن أن العمليات الإرهابية تقلصت في شكل كبير؟
ـ لو أبقى حزب الله قوته في لبنان ضمن الدولة لكنّا حافظنا على لبنان أكثر بكثير من الآن وكنا واجهنا معاً التكفيريين الارهابيين المجرمين الذين يحاولون دخول لبنان. الآن «داعش» وصل إلى تدمر ويحاول السيطرة على حمص من جديد ويقترب من لبنان، لا أحد يسأل عن لبنان وليست لديه مظلة دولية أمنية ولا بيئة حاضنة للإرهاب في المناطق السنّية ولا في لبنان، لكن اليوم في ظل الأزمة الاقتصادية سنجد الكثيرين المستعدين للتحالف مع الشيطان لكي يعيشوا وحينها لا حزب الله ولا غيره يستطيع أن يوقف «داعش» والتطرف.
هل تتوقع انعكاس توقيع الملف النووي الايراني على لبنان؟
ـ لا، اختلف مع بعض قوى 14 آذار الذين يقولون إن توقيع الاتفاق سيأتي برئيس جمهورية في لبنان، أميركا وايران لا يتكلمان إلا في الملف النووي وبعد انهائه سيتم التطرق إلى ملفات المنطقة، ولذلك حزب الله يقول لا رئيس إلاّ عون لانتظار المرحلة اللاحقة ليتبين مستقبل الوضع في لبنان ولذلك نأخذ على حزب الله أنه كانت لدينا فرصة لكي نتفق كلبنانيين بلا الإستعانة بالآخرين ونستفيد من وضع المنطقة لكي نحقق الانتعاش الإقتصادي.
يبث هذا الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة عصراً على قناة «توب نيوز»، على تردد 12034