صباحات
قال الصباح: النور الساطع، والنسمة والبسمة، وعبق ياسمين ممزوج برائحة القهوة على فنجان من صوت فيروز، هو صباح دمشقي جديد يظنّ بعض الجهلة أنهم سيغيّرون مساراته. فيما الشام تكرّر عاداتها ويجري ماؤها وتتكحل عيون نسائها، وتفتح البوابات لتتبادل نبض الحياة أحياؤها. فهي شام الحياة وقد طوت بين جنباتها وجباناتها أسماء عظماء وسفهاء وأسماء ضيوف ونزلاء وغرباء، ومحتلين وغزاة، وبقيت تعيش صباحها بأناة، تتمعن في وجوه الآتين والراحلين، تنفخ روح الحياة في بعضها، فيعود إليها فرِحاً كلّ مرّة، وتبصق في وجوه البعض. لكنّه يصاب بلعنتها، فيعود لأنّه اشتاق إلى بصقتها على جبينه. فالسافل أيضاً يعود… اسألوا بني سعود… صباح الخير يا شام الحياة.
6/6/2015
قال الصباح: في حزيران يينع الثمر من أزهار تلوّنت وتجمّلت في آذار نيسان وأيار، وأبهرت الناس والناظرين بألوانها وأشكالها. لكن عروض الألوان والأشكال انتهت، واقترب وقت الحصاد والثمار، حيث لا تأتي الثمرة الأجمل والأعظم دائماً من الزهرة الأجمل والأشد إبهاراً. فأزهار كثيرة من الربيع لا تعقد ثمراً، وثمرات نافعة كثيرة تينع من زهور لا تلفت الأنظار… انتظروا الثمرات في حزيران فسترون أن كل بريق نيسان وأيار من اليمن إلى العراق وسورية، لن يعقد ثمراً لا في الرمادي ولا في تدمر ولا في عدن. وأن الرجال الرجال كانوا في استراحة الربيع وهم آتون إلى حصاد الصيف بمناجلهم، يقصون الشوك من طريقهم قبل أن تتجمع الغلال من السنابل. وقد آن لرؤوس الشوك أن تنزاح… هذا حزيران قال الصباح.
7/6/2015
قال الصباح: الوطن والمرأة يعشقان، وفي العشق يضعان صندوق أسرارهما ويسألان من الأجدر بأن يعرف من الأسرار أكثر؟ ويتشارك في حفظها؟ فيكون له القلب ويكون هو الأصل. ولمن تسلم الإرادة القرار وتكون لقراره الكلمة الفصل؟ هو الحب و كثير الحب صامت، اسالوا شمس فلسطين عن السيّد، واسألوا تراب الشام عن الأسد.
8/6/2015
قال الصباح: الروح من ماء، والعقل من تراب، والقلب من نار. فحيث تكون الروح يكون القلب بأمان، على رغم قلة الكلام. وحيث يكون العقل يكون القلب في قلق مهما كان الكلام… ونهاية الطريق أن يذهب العقل إلى الروح فيتبعهما القلب وتكتمل عناصر المعادلة، وما عداها مراحل الانتقال. فيسكب الماء في التراب ليصنع طين الحياة الذي تصقله النار ليصير بيتاً وفخاراً وفرن خبزٍ وإبريق شراب. أمّا التراب إذا حكم الماء، صار وحلاً وأطفأ النار… الشام قلبها شمس قاسيون وروحها ماء بردى وعقلها تراب تعشّق بالياسمين، حتى صنعت من طينها أقدم مدينة في التاريخ.
9/6/2015
قال الصباح: الزهور يثقلها الندى فرحاً وطرباً فيطير النوم من جفونها، ولا تطبق أوراقها على قلبها المفعم حباً، ويفوح منها عطر لم تعرف مثله. فتشعر بحبّ زهرات الحقل والشجرات التي تتفيأ بها، وتجتاحها الرغبة للقول شكراً لكل من حولها، لا لأنها تخصّصهم بالشكر، إنما لأنها في حالة رقص وطرب داخليين من عشق يمسك بقلبها وعقلها كما لم تعرف من قبل. وتستغرب أن ينتبه لحالها المتغير كل من حولها، وهي تريد شهادتهم لها بحنانها وهدوئها ونضجها، لا بما اكتشفوه أنها في حالة عشق، فينصب لها الصباح خيمة وظلالاً لتنفرد بسكينة عشقها وفرحها، ويمسك بأوراقها لتصير فراشة ويساعدها حتى تطير، ويقول لها الصباح سيكون موجوداً حيثما تكونين، لكن بلادك القادمة قد يكون الصباح فيها ضباباً أو شمساً مشرقة، فتلك خياراتك لا اختيار الصباح. فالتغيير الذي نراه في الآخرين هو ما بدأ في داخلنا ونما ونسبناه للغير. والنظر في مرآة النفس أقصر الطرق لنعرف اختياراتنا، ولكل اختيار شكل صباح.
10/6/2015
قال الصباح: في الواحد والعشرين من حزيران، ليلة تسمى الليلة البيضاء، تمرّ على بعض بلدان العالم نهاراً متصلاً. وفي نهاية تموز ليلة بيضاء أخرى في بلاد أخرى. وما بينهما ستكون الليالي البيضاء لسورية والمقاومة، وسيرى حلف الحرب على سورية والمقاومة نجوم الظهر.
11/6/2015
قال الصباح: الطرق كثيرة، مسالك سهلة ومسالك عسيرة. والحمل خفيف كحمل رغيفٍ، أو مشقة الأحمال كحمل الجبال. ولكلٍّ من الناس مسلك وحمل وما يختار. ومنهم من يشق طريق الليل أو من يختار النهار. قلة تختار وعورة المسالك ومسير الجبال وثقل الأحمال ومسير الليل والنهار، وتواجه العواصف والأعاصير ولا تبحث لذاتها عن سكينتها أو ملذاتها. فقد صارت لغيرها سبباً للفرح ومصدراً للأمان… أولئك هم المقاومون الذين خُلق لهم الصباح واستعدّ السلاح.