أوباما «سريع جداً»

يعرف رجب طيّب أردوغان انّ مفاعيل نتائج الانتخابات التركية ستتداعى بأسرع مما كان يتوقع داخلياً وخارجياً، ويعرف أيضاً انّ نتائج الانتخابات التركية أتت في نفس الشهر الذي يحمل للمنطقة والعالم معها أهمّ الاتفاقات الإقليمية التي ستكون حدثاً تاريخياً مفصلياً بين الغرب وإيران وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية.

التغيير الذي كان قادماً لا محالة على أردوغان بفعل التوقيع النووي الغربي مع طهران كان من المفترض ان يتلقاه في ظروف غير التي طرأت عليه بفعل خسارته لمكانته التي كان عليها قبل الانتخابات، فأردوغان خسر الأغلبية النيابية التي كانت تمكّنه من تشكيل حكومة تطبّق سياساته ومواقفه من دون مساءلة وتنفيذ مشاريع اقتصادية واستثمارية.

مصير العقود التي حُكي عنها، والتي من المفترض ان تكون عقوداً وعد أردوغان بكسبها من إيران بعد التوقيع النووي وحلحلة الملف ليس معروفاً كيف سيكون شكلها بعد خسارة الانتخابات، او بمعنى آخر بعد مرارة الفوز المهين.

المتغيّرات أيضاً تتسارع على الصعيد الدولي فالأميركيون أول المتلقين للوضع التركي الجديد الذي يبدو أنه يناسبهم أكثر من قبل في هذه المرحلة تحديداً، حيث يعرف الاميركيون ان كان لهم الدور الاساس في النتيجة وشكلها، لانّ سياسة تركيا الخارجية كحليفة رئيسية بالمنطقة للولايات المتحدة أوصلت اردوغان لاتخاذ قرارات أزعجت بعض الداخل كسبب اول، اما السبب الثاني فهو انّ للأميركيين دوراً كبيراً في الشان الكردي، حيث بدا انّ التدخل الاميركي المباشر على خط معارك كوباني ساهم في قلب المزاج الكردي، وأسّس لمرحلة واضحة للاميركي موقف واضح منها بملفهم.

السرعة الاميركية في التعاطي مع طلوع ونزول المسوؤلين في المنطقة تسبق ايّ توقع او حساب، فكما تأقلمت بسرعة مع متغيّرات مصر الجديدة التي تسارعت منذ ثورة كانون الثاني الاولى، تتأقلم اليوم واشنطن مع وضع أردوغان الجديد وتعلن عن مرحلة جديدة لتركيا الجديدة، فجاءت دعوة الرئيس الأميركي باراك اوباما تركيا إلى تقديم مزيد من التعاون بشأن دخول المقاتلين إلى سورية، ضمن هذا الاطار.

يطالب اوباما تركيا ببذل المزيد من الجهد لضبط حدودها معترفاً بهذا أولاً بتقصيرها في هذا الإطار، وثانياً بقدرتها على التأثير في ملف مكافحة الإرهاب وضبطه في وقت لا يجب ان تدعى الى ذلك من قيادة التحالف الدولي اي اميركا في هذا التوقيت بالذات.

يطلب اوباما اليوم من أردوغان التغيير تماماً كما تغيّر وضعه السياسي الانتخابي في بلاده، مذكراً إياه بأنّ تركيا مقبلة على متغيّرات سيكون في أول أولوياتها الملف السوري لكن على الطريقة الاميركية الجديدة بعد التوقيع مع ايران، وبالتالي ضبط الحدود هو ضبط لتنقل الارهاب الذي يدخل سورية عبر تركيا التي لم تعد قادرة بعد الآن على إخفاء تورطها لسنين.

نعم… إنه اوباما، وكم هو سريع…

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى