لا جنيف يمنياً ولا سورياً…

سعد الله الخليل

بعد أخذ وردّ وتأجيل متكرّر يعلن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة عن إطلاق المشاورات الشاملة الأولية بين المكونات السياسية اليمنية برعاية الأمم المتحدة في مدينة جنيف، وكعادتها طالبت الأمم المتحدة المكونات السياسية اليمنية المشاركة في المشاورات بحسن نية وبدون شروط مسبقة وفي جو من الثقة والاحترام المتبادل، للعمل على إيجاد سبل لإحياء العملية السياسية والتوصل إلى حلّ ينقذ اليمن وشعبه من الأزمة الحالية الخطيرة، بحسب ما ورد في بيان المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي يبدو أنّ داء القلق المزمن الذي يعاني منه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لم ينتقل إليه بعد، كونه لم يكمل الشهرين بعد في مهمته الأممية في بلاد اليمن السعيد، ومسار الأحداث لا يستدعي أيّ قلق مفاجئ حتى أنّ المبعوث الأممي لم يتولد لديه أيّ رد فعل لأصوات الطائرات السعودية وهي تقصف العاصمة اليمنية، فيما يخط بيانه الخارق الذي يدعو الضحية إلى طاولات مفاوضات تستبعد الجلاد ولا تفرض أيّ هدنة أقلها إنسانية.

دون أية شروط مسبقة يطلب من الحوثيين وأنصار الله وكلّ الأطراف اليمنية القبول بالحضور إلى جنيف كي لا تعرقل الحلّ السلمي للأزمة اليمنية، وكأنّ الطائرات السعودية ترمي بالمعونات الغذائية والأدوية وتمور مملكة آل سعود على الشعب اليمني مع اقتراب شهر رمضان كبادرة حسن نية وعربون محبة أخوية من خادم الحرمين الشريفين أطال الله في عمره ذخراً لأبناء الأمة، لا يحق لأيّ فصيل يمني أن يعترض على غارات السعودية المدافعة عن الشرعية، حتى لو راح ضحيتها نصف الشعب اليمني بين شهيد وجريح ومهجّر فكله يهون في سبيل شرعية رئيس مستقيل.

يصرّ عسيري آل سعود على المضيّ في حرب مملكته إلى النهاية، معتبراً أنّ إعادة الأمل تقوم على شقين عسكري وسياسي، وكلّ يأخذ مساره حتى يتمّ تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2216 على أرض الواقع، ضارباً بعرض الحائط الدعوات الأممية لتسهيل الحوار. إذاً هو جنيف يمني إنْ أنجر على هدير الطائرات السعودية دون أي شروط مسبقة كتسهيل للعمل السياسي.

في جنيف نفسها التي يبدو أنها باتت مربط فرس العرب على بعد مسافة ليست بالبعيدة ثمة جولة من مباحثات جسّ نبض ولقاءات لفريق الأمم المتحدة مع الأطراف السورية حيث يدلي كلّ طرف بدلوه تحضيراً لإطلاق جولة ثالثة من المباحثات الرسمية في جنيف، ولا ضير في الشأن السوري أن تضع المعارضة السورية شروطها وترفع بأعلى الصوت مستحيلاتها وتقدّم خريطة طريق مستمدّة من هلوسات صقورها في القاهرة بما لا يتوافق مع مبادئ جنيف ولا مع مسار الأحداث السياسية الإقليمية ولا الواقع الميداني على الأرض السورية، لتأتي خريطة الطريق الائتلافية ضمن سياق المساعي السعودية القطرية لعرقلة أي محاولة لإطلاق مسار سياسي وفق تفاهمات موسكو، وأمام تفرد المعارضة الاسطنبولية بالرأي المعارض وضعت الأطراف المعارضة خريطة طريق وطنية منطلقة من اجتماعها في العاصمة الكازاخستانية الأستانة تقوم على خطوات قابلة للتنفيذ، وفي زحمة الخرائط بين إقليمي وسوري ودولي تبدو إطلالة المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا إلى دمشق من باب رفع العتب والتذكير بأنه ما زال موجوداً على الساحة الأممية.

بين دمشق وصنعاء والقاهرة والرياض وغيرها من عواصم القرار الإقليمي والدولي ثمة خطوط تتشابك ومصالح ورؤى واستراتيجيات ترمي بثقلها على الساحة إلا أنّ الثابت الوحيد أنّ كلّ هذا الحراك لم يصل صداه بعد إلى جنيف لخلق حالة حوارية تفاوضية حقيقية توحي بغير ما يلوح في الأفق بأنه لا جنيف سورياً ولا يمنياً قبل 30 من حزيران الجاري الموعد النهائي لتوقيع التفاهم النووي الإيراني.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى