«النصرة» تفشل في دخول «مطار الثعلة»… وشباب السويداء يتطوّعون في الجيش السوري

تحقيق: محمد حميّة

هي مجزرة ارتكبتها «جبهة النصرة» بحقّ أهالي قرية «قلب لوزة» الدروز في إدلب، حصدت 40 شهيداً لا ذنب لهم إلا أنهم رفضوا إملاءات إرهابيي «النصرة» بعدما قدّم لهم البعض ضمانات تبيّن لاحقاً أنها وهمية.

الاتصالات مع قرى إدلب الدرزية صعبة جداً والوضع سيئ أيضاً، إذ يخيّر أهلها بين «الشريعية» أو الترحيل إلى تركيا ولبنان. هكذا تنقل مصادر لـ«البناء»، فيما تحدّثت معلومات عن اتصالات يجريها جنبلاط لنقل دروز إدلب إلى لبنان.

مجزرة «جبل السماق» لم توفّر لا الشيوخ ولا الشبان الصغار ولا المقعدين، ومنعت «النصرة» الأهالي من دفن جثث شهداء المجزرة التي خُطّط لها بإحكام، لا كما وصفها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بـ«الحادثة الفردية»، إذ تمت عن سابق تصوّر وتصميم وتحمل في طياتها رسائل عدّة، أولها إلى دروز السويداء. وتخفي خلفها رائحة مشروع قديم جديد بتقسيم سورية وإنشاء دولة درزية، والتي يرفضها الدروز رفضاً قاطعاً كما يقول سيمر ملحم منفذ عام منفذية السويداء في الحزب السوري القومي الاجتماعي لـ«البناء»، إذ اعتبر أن لا مقوّمات لإنشاء هذه الدولة المزعومة التي يعمل لها البعض خدمة لمصالح خارجية.

ما حصل منذ سيطرة «النصرة» على محافظة إدلب بما فيها القرى الدرزية يؤكد أن المجزرة مخطط لها، كما أن تزامنها مع تصاريح جنبلاط وضباط «إسرائيليين» وهجوم «النصرة» على «مطار الثعلة» في ريف السويداء، يثير الريبة، إذ تؤكد المعلومات الميدانية أنّ الوضع في المحافظة شبه مستقر والطيران السوري يضرب تحرّكات المسلحين الذين يحاولون بشكل دائم الدخول إلى «مطار الثعلة»، وتؤكد أن «النصرة» لم تدخل المطار مطلقاً، وتحدثت عن حركة إقبال كبيرة من مواطني المحافظة للالتحاق بصفوف الجيش السوري.

أصداء المجزرة وصلت إلى لبنان، وقسّمت الساحة الدرزية إلى وجهتَي نظر، الأولى ترى أن التحالف مع «النصرة» يشكل ضمانة للدروز، فيما يرى آخرون أن تمسكهم بالدولة والجيش في سورية هو الضمانة، إلا ان دروز سورية حسموا «نزاع القوم»، وأخذوا خيارهم في الميدان وقاتلوا جبنباً إلى جنب مع الجيش السوري في «مطار الثعلة» وصدّوا هجوم «النصرة»، إذ أكد ملحم أن أهالي السويداء والدفاع الوطني والحزب السوري القومي الاجتماعي ينتشرون على حمى المطار، على تماس مباشر مع «النصرة»، وحموا ظهر الجيش السوري. فيما حمّلت الشخصيات الدرزية في لبنان جنبلاط مسؤولية هذه المجزرة بسبب رهاناته الخاطئة، وفشلت محاولات سلخ الدروز عن نسيجهم الاجتماعي ودولتهم وجيشهم.

ما هي خلفيات هذه المجزرة وأبعادها؟ وهل هي رسالة إلى السويداء؟ وما حقيقة الوضع الميداني والشعبي فيها؟ وما دور جنبلاط و«إسرائيل» في إعادة إحياء المشروع القديم الجديد بإنشاء الدولة الدرزية؟ وما انعكاس ذلك على الساحة الدرزية في لبنان؟

توقيت مشبوه

تحدّثت معلومات أنه قبل نحو سنة، سيطرت «النصرة» على قرى جبل السّماق في إدلب، وأُجبر الاهالي على تهديم مقاماتهم الدينية وتغيير أزيائهم التقليدية، ونَبَشَ الإرهابيون قبور أوليائهم ورجال الدين. كما أفادت المعلومات أن السبب المباشر لمجزرة «قلب لوزة»، رفض رجالها تسليم أولادهم الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و14 سنة لـ«النصرة»، بالتزامن مع حملة مصادرة الأسلحة الفردية في القرى، فضلاً عن طلب مقاتلي «النصرة» الزواج بفتيات القرى حتى يثبتوا اعتناق إسلامهم وهذا ما رفضوه، إضافة إلى مصادرة منازل أهالي شهداء الجيش السوري وطرد عائلاتهم.

اللافت هو الدخول «الإسرائيلي» على الخط بعد المجزرة. فقد عبّر الرئيس «الإسرائيلي» رؤوفين ريفلين عن قلقه للولايات المتحدة على مصير هذه الأقلية المتمركزة في منطقة جبل العرب جنوب سورية.

وفي لقاء جمعه برئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي في القدس، صرّح ريفلين بأن «ما يجري في الوقت الحالي ترهيب وتهديد لوجود نصف مليون درزي في جبل الدروز القريب جداً من الحدود الإسرائيلية».

أما ما أثار الاستغراب، فهو التصريح الذي خرج به النائب جنبلاط، إذ وصف المجزرة بالحادثة الفردية، معتبراً أن مستقبل الدروز العرب في جنوب سورية مع المصالحة والتآلف مع أهل حوران.

كما تزامن حصول المجزرة مع هجوم شنته «النصرة» على «مطار الثعلة» في ريف السويداء، والحديث عن انسحاب «اللواء 52» المكلّف بحماية المنطقة.

هذه الأحداث أعادت مشروع الدولة الدرزية إلى الواجهة الذي رفضه القائد العام للثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش عام 1925 ضدّ الاستعمار الفرنسي، كما رفضه أيضاً كمال جنبلاط كعرض قدّمته «إسرائيل» عبر وسطاء عام 1960، وهذه الدولة التي ستكون بضمانة «إسرائيل» تمتد من الجولان وصولاً إلى حاصبيا وجزين والشوف وعاليه حتى ساحل خلدة، وتواصل جغرافي من الجولان حتى جنوب طريق الشام. كما أعيد طرحه عام 1982 أثناء الاجتياح «الإسرائيلي» للبنان، لكن القيادات الدرزية قاتلت في العام 1982 هذا المشروع وأسقطته بدعم الرئيس الراحل حافظ الأسد.

رهان جنبلاط على «النصرة» لم يظهر الآن، إنما منذ عام 2013، إذ حلّل سفك دماء دروز سورية الداعمين للنظام السوري، وفي تشرين الأول 2014، رفض في حديث إلى قناة «أو تي في» اعتبار «جبهة النصرة» فرع تنظيم «القاعدة في بلاد الشام» إرهابية، وقال: «هم مواطنون سوريون وأرفض تصنيف الأمم المتحدة حولها ولا أعترف أنها إرهابية ويجب التأقلم مع هذا الوضع في سورية».

«قلب لوزة» في عين العاصفة

تتحدّث مصادر من السويداء نقلاً عن بعض الوافدين من إدلب أن الاتصالات مع قرى إدلب الدرزية صعبة جداً والوضع سيئ للغاية، إذ يخيّر الدروز بين الشريعية أو الرحيل إلى تركيا ولبنان، ولم يُسمح لهم بدفن جثث مجزرة «قلب لوزة». وأشارت إلى ان لا أرقام محددة ودقيقة عن عدد شهداء المجزرة، لكن المؤكد أن العدد يفوق 24 شهيداً.

وأوضحت المصادر أن قرية قلب لوزة هي ثاني أكبر تجمّع درزي في إدلب، ويبلغ عدد سكانها 4500 نسمة، واعتبرت أنه لو لم يسيروا بسياسة النأي بالنفس التي أقنعهم بها جنبلاط، لكان وضعهم كما قريتَي نبّل والزهراء يدافعون عن أرضهم.

ملحم نقل ما يحصل في الميدان والواقع الشعبي في المحافظة، وأكد أن أهل القرى من الدروز والفصائل الموجودة كالحزب القومي والدفاع الوطني منتشرون على حمى «مطار الثعلة»، وهم على تماس مباشر مع «النصرة»، وحموا ظهر الجيش السوري.

وأوضح ملحم أن السلاح الفردي لا يستطيع المواجهة أمام «النصرة» التي تملك أسلحة نوعية وحديثة، «الدولة يجب ان تدعم المواطنين بالسلاح الثقيل ليدافعوا عن أنفسهم، لكن الدولة لم تتخلّ عن السويداء، إنما هي موجودة في كل المواقع»، نافياً وصول أي سلاح إلى السويداء كما قال البعض.

وأكد مصدر ميداني في السويداء لـ«البناء» أنّ الوضع في المحافظة شبه مستقر، والطيران السوري يضرب تحرّكات المسلحين الذين يحاولون بشكل دائم الدخول إلى «مطار الثعلة»، و«النصرة» لم تدخله مطلقاً. مؤكداً أن معنويات المقاتلين ممتازة، إذ يتناوبون على الحراسة والمراقبة، والجيش السوري يتواجد في المطار وعزّز وجوده. وعلى رغم وجود «الفرقة 15» و«اللواء 52»، إلا أن الجيش لا يستطيع تغطية كامل حدود المحافظة التي يبلغ طولها 80 كيلومتراً، وعرضها 70 كيلومتراً، وبعض القرى تبعد عن مركز المحافظة 70 كيلومتراً. لذلك، يحتاج الامر إلى فصائل شعبية لتساند الجيش.

وأضاف المصدر: «بعد التوجيهات التي صدرت عن الرئيس بشار الأسد وتعميم مشيخة العقل، تشهد السويداء حركة إقبال كبيرة من الشباب المتخلفين عن الخدمة العسكرية للالتحاق في صفوف الجيش السوري». رافضاً ما يشاع عن نقل هؤلاء إلى القلمون.

ولفت إلى أن المجموعات المسلحة تنتشر على تخوم السويداء وتتوزع بين «شباب السنّة» و«لواء العمري» و«لواء اليرموك» و«المثنى»، فهم يتحدون مع بعضهم في المعارك ويختلفون لاحقاً على المغانم كما حصل في بصرى الشام عندما وقعت المعركة بين لواءي «المثنى» و«السنّة».

وقال ملحم: «جنبلاط يريد للدروز التخلي عن النظام في سورية والرئيس بشار الاسد، لكنهم لا يربطون مصيرهم بمصير شخص بل بمصير الدولة، لأن المواطن مؤمن بشرعية الدولة ولن يرضخ امام كل التهديدات والاغراءات».

ولفت إلى أنّ جنبلاط و«إسرائيل» يضعان الدروز أمام خيارين، إما أن تتخلوا عن النظام ونحن نحميكم كأقليات من «النصرة»، أو تواجهون المصير نفسه الذي لاقاه دروز إدلب، فـ«إسرائيل» طرحت الحماية، وأدواتها نفذت الهجوم في إدلب.

وعن طرح بعض أهالي السويداء التصالح مع حوران ودرعا، اعتبر ملحم أن ذلك ضخّ اعلامي وكلام حق يراد به باطل، «هناك مئة ألف عائلة نازحة في السويداء من درعا والحسكة وحلب، ولا حالة عداء مع درعا وحوران، بل ثمة تبادل اقتصادي»، ويتحدث ملحم عن حالات خطف بين المنطقتين لإحداث حالة عداء، مؤكداً أن هذا يراد منه التصالح مع «النصرة» سياسياً بشكلٍ مبطن.

وقال: «لم نطلب مقاتلين من الدروز في أيّ مكان، إنما طلبنا فقط سلاحاً نوعياً لندافع عن أنفسنا». وجزم أن الدروز غير مؤمنين بدولة درزية، ونفى نفياً قاطعاً الضمانات التي قدّمها جنبلاط و«إسرائيل» لدروز السويداء، مؤكداً أنه غير وارد عند الدروز الانضواء تحت لواء «النصرة» وغيرها من التنظيمات الإرهابية، «رأينا ما حصل مع الآشوريين والأيزيديين ومع الدروز في إدلب».

وعن غياب أي موقف تضامني من شيخ العقل في لبنان، أعرب ملحم عن «اعتقاده بأن شيخ العقل والمشايخ مرتبطون بالزعيم الاقطاعي وليد جنبلاط الذي يمارس الضغوط عليهم، لذلك لن ننتظر موقف منهم».

هشام الأعور

«البناء» استطلعت آراء الشخصيات والاحزاب السياسية الدرزية في لبنان، حول أبعاد المجزرة وموقف جنبلاط منها. إذ رفض المسؤول الاعلامي في حزب التوحيد اللبناني هشام الأعور أي عملية «ترانسفير» للدروز من جبل السماق أو السويداء. داعياً إياهم إلى التمسك بأرضهم وحمل السلاح ضمن إطار الدفاع عن سورية إلى جانب الجيش السوري، وتحديداً في المناطق الدرزية.

وأكد أنه تم توزيع حوالى 25 ألف قطعة سلاح في السويداء. مشيراً إلى أن بعض القيادات الدرزية اللبنانية قالت لبعض الدروز استعدوا لاستقبال إخوانكم الدروز من السويداء وجبل السماق.

ولفت إلى أن البعض دخل في مشروع تقسيم سورية، والموضوع كان على نار خفيفة، الا أن العقل الباطني للمواطن الدرزي يرفض التقسيم والدويلة، وهو مؤمن بالنسيج الاجتماعي الذي يتواصل معه، وهذا عُرض على سلطان باشا الاطرش سابقاً ورفضه.

وإذ رفض الاعور تقييم موقف جنبلاط، استغرب بيان دار الطائفة الدرزية، معتبراً انه لا يتناسب وجريمة جبل السماق، ويصوّر كأن كل الشعب السوري «جبهة نصرة»، معتبراً أن الجريمة أقرب إلى التطهير الديني، لا حادثة فردية كما يصوّرها جنبلاط المعروف بتحالفه مع «النصرة»، والذي ادّعى أنّ لديه ضمانات من تركيا وقطر و«النصرة» بأن لا يُعتدى على دروز سورية، إلا ان هذه الضمانات كانت سراباً.

وعن تهديد الوزير وئام وهاب عائلات «النصرة» في لبنان، أوضح الاعور أن «ردّنا سيكون مؤكداً إذا حصل اعتداء على أهالي السويداء، لكننا نتمسك بخيار الجيش والقوى الامنية ونحن تحت سقف القانون، وخيار المقاومة التي تخوص أشرف المعارك في القلمون».

الداود

أما الأمين العام لحركة النضال اللبناني العربي النائب السابق فيصل الداود فرأى في المجزرة رسالة متكاملة ومشفرة بحكم موقع طائفة الموحدين الاستراتيجي، إن كان في السويداء أو في جبل العرب على تخوم الشام.

وأكد الداود أنه أجرى اتصالات مباشرة بفعاليات إدلب وأهاليها بعد وقوع المجزرة، وأكدوا له أن من قام بالمجزرة هو أمير «النصرة» في إدلب عبد الرحمن التونسي، مستغرباً كيف يصوّرها جنبلاط حادثاً عابراً.

وأكد أن السبب إخراج دروز القرية من منازلهم وتجريدهم من السلاح فردّوا بتشبثهم بأرضهم، ما دفع الإرهابيين إلى ارتكاب مجزرة بالأطفال والشيوخ فضلاً عن ذبح مقعد في منزله.

ولفت إلى أن «الدروز هم شعلة في الموقف الوطني والقومي والدليل هي مجدل شمس ومقاومتها للاحتلال، مؤكداً رفض الدروز تصريحات العدو «الإسرائيلي» او اي شكل من اشكال التحالف معه وهذا ما تخطط له «إسرائيل» وتساعدها الاردن».

وحمّل الداود جنبلاط مسؤولية هذه المجزرة بسبب ارتكابه أخطاء جسيمة، فهو «دفع للنصرة الاموال مقابل ضمانات بعدم قتل العسكريين اللبنانيين المخطوفين، فأرسل الوزير وائل أبو فاعور إلى شبعا وعرسال لدفع الاموال، لكن النتيجة كانت حتمية، ذبح الدروز، لذلك يتحمل مسؤولية رهاناته الخاطئة». متسائلاً: «أين ضمانات جنبلاط لدروز إدلب؟ هل هي ذبح الاطفال والنساء والشيوخ والمقعدين؟».

وأشار الداود إلى أن رهانات جنبلاط الخاطئة جعلت الدروز يدفعون ثمناً باهظاً، لكنهم سيواصلون المقاومة والقتال في سبيل وجودهم وكرامتهم ووحدة سورية تحت سقف الجيش السوري.

الريّس

مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس أكد في حديث لـ«البناء» على ما شرحه رئيس الحزب وليد جنبلاط في البيان والمؤتمر الصحافي، معتبراً «أن ما حصل في إدلب جاء ضمن المشهد السوري العام، إذ سقط أكثر من 250 الف سوري وهجّر أكثر من سبعة ملايين داخل سورية وخارجها، ودروز سورية ليسوا في جزيرة معزولة، إنما هم جزء من المجتمع السوري ككل».

وأشار الريس إلى أنّ جنبلاط أجرى عدداً من الاتصالات لمحاولة تلافي تكرار ما حصل مع فصائل «المعارضة السورية» وعدد من القوى الإقليمية الفاعلة الموثرة في الملف السوري.

وكرّر موقف حزبه بأن «خلفيات هذه الحادثة وأسبابها وظروفها معروفة، إذ اندلع اشتباك بين دروز قلب لوزة ومقاتلي النصرة والمسألة ليست رسائل، لا بل إنّ الدروز هم جزء من المجتمع السوري ونحن وجّهنا إليهم دعوة لكي يكونوا على علاقة وطيدة مع الجوار في درعا وحوران، وهذا التفاهم كفيل بترتيب وضعهم مع إخوانهم السوريين».

واستنكر الريس التصريحات «الإسرائيلية»، معتبراً أنّ الدروز ليسوا بحاجة إلى حماية «إسرائيل» وهم بغنى عن مواقفها، لا بل إن مواقفهم وتاريخهم في العروبة والنضال ضدّ «إسرائيل»، معروفة وهذه الدعوات «الإسرائيلية» المشبوهة مردودة ومرفوضة بالمطلق، الدروز يعرفون كيف يديرون شؤونهم من دون التدخل «الإسرائيلي».

وإذ رفض الريس الردّ على تحميل أطراف درزية جنبلاط مسؤولية المجزرة، قال: «لا نريد الدخول في سجالات مع أحد، وموقفنا واضح ورؤيتنا لحماية الدروز في سورية وغير سورية واضحة، ومن يملك وجهة نظر أخرى هذا شأنه. لكننا نرفض توريط الدروز بحروب هم بغنى عنها. إنهم جزء من المجتمع السوري العريض، وتاريخياً واجهوا الظلم خلال الثورة السورية الكبرى عام 1925 ضدّ الاستعمار الفرنسي، واليوم يتعرّضون للظلم نفسه، لذلك لا مفرّ من ترتيب الوضع مع درعا وحوران لمواجهة المخططات المقبلة».

بركات

أمين عام «الحزب الديمقراطي اللبناني» وليد بركات أشار في حديق لـ«البناء» إلى تزامن المجزرة مع المواقف «الإسرائيلية» الداعية إلى حماية الطائفة الدرزية في سورية، في محاولة جدّية لإرهاب الطائفة وتعريضها لحرب حقيقية من قبل التكفيريين و«الإسرائيليين» أيضاً. «لكن الطائفة الدرزية في جبل العرب وإدلب وكل سورية منخرطة بشكلٍ أساسي في مواجهة التيارات الإرهابية، وإلى جانب الدولة السورية والنسيح الوطني في سورية، ولن تقع أسيرة فخ الإسرائيليين الذين يدّعون رغبتهم بحمايتها. ومواقف دروز الجولان أكبر دليل على رفضهم التعاون بأي شكلٍ مع العدو الصهيوني».

وأضاف: «التنظيمات الإرهابية في سورية وإسرائيل وجهان لعملة واحدة، وبالتالي الدروز في صف واحد إلى جانب الدولة السورية لمواجهة المؤامرة على النسيج الوطني في سورية، هذه المؤامرة التي تهدف إلى خلق حرب مذهبية وطائفية بين مكوّنات المجتمع السوري».

وشدّد بركات على أن «الحزب الديمقراطي اللبناني» يعتبر أنّ «النصرة» إرهابية تكفيرية كما «داعش»، ولا يميّز بينهما، ولا وجود لمعارضة معتدلة وغير معتدلة. و«النصرة» التي ارتكبت المذبحة في جبل السماق تحاول احتلال بعض القرى في السويداء، ولم تتمكن من احتلال مطار الثعلة، واستطاع أهل السويداء مع الجيش السوري صدّ الهجوم.

وأوضح أن أهالي السويداء ليسوا بحاجة إلى مقاتلين، وحتى الآن لم يطلبوا أيّ دعم من أحد، بل يملكون الشهامة والمروءة وهم قادرون على مواجهة الإرهابيين بتعاونهم مع الجيش السوري وانخراطهم إلى جانب المقاومة في سورية في معركة على امتداد المنطقة.

فادي الأعور

عضو «تكتل التغيير والاصلاح» النائب فادي الأعور سأل جنبلاط: «هل أنّ سقوط آلاف القتلى أو مقتل كل دروز إدلب كافٍ ليقول جنبلاط أنها مجزرة؟».

واعتبر أن مجزرة إدلب تمّت بالتنسيق بين جنبلاط و«النصرة»، و«جنبلاط يسعى منذ زمن إلى سلخ دروز سورية عن وطنهم وإلحاقهم بالنصرة نتيجة حقده على النظام في سورية، ولن يترك وسيلة حتى لو التعاون المباشر مع النصرة وداعش وإسرائيل لإسقاط النظام».

وأوضح الأعور أن الضمانتين المطروحتين للدروز من «النصرة» و«إسرائيل» تمثلان الخطر الاقصى على المواطنين السوريين في جبل العرب. «فضمانة النصرة وداعش خطر وجودي على هؤلاء. وضمانة العدو الإسرائيلي تساوي خطر وجودي على تاريخ الدروز المقاومين والمدافعين عن لبنان والمقاتلين في وجه الاستعمار في سورية. الاستشهاد دفاعاً عن الوطن أشرف من هذا الاذلال والحذف من مسارنا التاريخي».

ودعا الأعور المواطنين السوريين في جبل العرب إلى الاندماج أكثر بالدولة السورية والدخول في شُعَب التجنيد في صفوف الجيش المدافع عن سورية في وجه التكفير والإرهاب، «على كل الدروز في المشرق العربي ان يتشبثوا بتاريخهم، لن يستطيع حقد جنبلاط أن يحيّد الدروز عن مسارهم وأخلاقياتهم الثورية والتاريخية في سبيل الوطن».

وحمّل الأعور جنبلاط مسؤولية المجزرة، وقال: «إذا عدنا إلى الواقع التحالفي بين جنبلاط والنصرة، نستنتج أن المجزرة رسالة لدروز جبل العرب لسلخهم عن محيطهم ودولتهم للدفع بهم باتجاه إسرائيل».

وإذ أكّد وجود محاولات لتقسيم سورية وإنشاء دولة درزية، جزم الأعور أنّ «دروز سورية لن يقعوا في هذا الفخ، فهم لهم تاريخهم المشرّف، وهم مشاريع شهداء للدفاع عن سورية وسيستمرّون في الدفاع عن سورية».

وأشار إلى أن جنبلاط لم يستطع الحصول على أيّ ضمانة ولا يستطيع تعميم ذلك على لبنان، والآن يتخفى خلف المجلس المذهبي ليحمّله جزءاً من فشله لأنه في مأزق، لذلك لا بديل لكلّ شعبنا في لبنان وسورية والعراق إلا قتال هذا والإرهاب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى