النصر على الجماعات التكفيرية قاب قوسين
ناديا شحادة
ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط مخطط له منذ فترة طويلة بهدف إعادة تشكيل الخريطة العربية من جديد لتتماشى مع ايديولوجيات ومخططات تستهدف الدول العربية. وبات واضحاً للجميع أن الجماعات الإرهابية ومنها تنظيم «داعش» هي الأداة المستخدمة حالياً لتنفيذ المخطط المذكور.
هذا التنظيم الذي ظهر في نيسان 2013، وأصبح واحداً من أكبر الجماعات الإرهابية الرئيسية التي تقوم بالقتل والدمار في سورية والعراق وينتشر بشكل رئيسي في مناطق الشرق التي تعتبر المجال الحيوي لتحركات «داعش». وسيطر التنظيم خلال هجماته الماضية على مناطق واسعة في سورية والعراق مستفيداً من الفوضى التي خلفها ما يسمى «الربيع العربي» لينشر أجنداته الخاصة به ويتوسع في ضم عشرات الآلاف من المقاتلين الأجانب. وقد استطاع التنظيم خلال السنوات الماضية تحقيق النجاحات من خلال قاعدة العبث بالجميع ليتصدر مشهد التنظيمات المتطرفة ويؤسس لنفسه منظومة عسكرية واقتصادية ودعائية خاصة به تلك المنظومة التي باتت تظهر حجم التنظيم بأنه أكثر بكثير من حجمه العسكري الحقيقي، وخرافة الانتصارات على طريقة «إسرائيل» قبل هزائمها، وبدا أنه هالة من أسطورة القوة الخارقة في أرض المعركة حيث أراد من خلال أفلامه الهوليودية تصوير عناصره بالجيش الذي لا يقهر، بالإضافة إلى تصريحات الرئيس الأميركي باراك اوباما في 9 تشرين الأول عام 2014 على بأن الحرب ضد تنظيم «داعش» الارهابي مهمة صعبة وتحتاج إلى مزيد من الوقت، هذه التصريحات هدفها الأول هو تعظيم قدرة «داعش» لا أكثر.
يؤكد المراقبون سقوط بعض المحافظات العراقية والسورية بهذه السرعة التي نشهدها برغم الضربات الجوية الموجهة من قبل التحالف الدولي لمحاربة «داعش» حيث بات يسيطر على 40 في المئة من الأراضي العراقية بعد مرور عام على فرض سيطرة التنظيم على الموصل في مسعى حثيث يمارسه قادة وعناصر التنظيم في العراق وسورية لإقامة دولة الخلافة التي يطمح لها منذ عام 2013 بعد أن توسع في سورية وأنشأ لنفسه موطئ قدم في الرقة ودير الزور والزحف نحو الحدود العراقية السورية ليدخل مناطق غرب العراق جاعلاً من مدينة الفلوجة المقر الرئيس لتمركز عناصره المسلحة، وبات التنظيم يقترب تدريجاً من الرمادي مركز محافظة الأنبار غرب العراق في ما يعد أكبر تقدم ميداني حققه وفرض سيطرته عليها في 16 أيار من العام الحالي وتقدم نحو تدمر وأحكم السيطرة عليها بعد أيام من سقوط الرمادي، الأمر الذي جعل المراقبين يؤكدون أن توسع التنظيم يتم بتغطية أميركية فلا يوجد تنظيم على وجه الأرض يأتيه السلاح من السماء كما يدعي التحالف ويستطيع التوسع بهذه السرعة.
فـ «داعش» يتقدم بتواطؤ أميركي في الوقت الذي تنهار فيه «جبهة النصرة» في جبال القلمون حيث كبّدت المقاومة اللبنانية جماعة «النصرة» خسائر كبيرة في سياق المعركة الدائرة بينهما منذ شهر وتمكنت من التقدّم والسيطرة على نحو 514 كلم من الجرود اللبنانية والسورية، وهذا ما أكده الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي قال «إن القمم العالية والجبال الشامخة أصبحت كلها تحت سيطرة الجيش السوري ومجاهدي المقاومة وأصبحت لديهم السيطرة المطلوبة والكافية بالنار على مختلف بقية الجرود من تلك الجهة ولحقت هزيمة حقيقية ونكراء بجبهة النصرة»، ، وأدى هذا التقدم الى تأكيد الخبراء العسكريين أن النصرة على شفير الانهيار في الجرود».
أميركا التي تنظر إلى أن الحرب على الإرهاب أو تنظيم «داعش» لن تنتهي قريباً و تصر على مسألة الصبر الاستراتيجي التي تتبعها في قيادة التحالف الدولي للقضاء على «داعش» التي تستخدمها لتحقيق أجنداتها في بناء شرق أوسط جديد وضرب محور المقاومة، وبالذات حزب الله الذي يشكل هدفاً أميركياً في حروب المنطقة، حيث أكد القائد العام السابق للقوات الأميركية في أوروبا ويسلي كلارك ان تنظيم «داعش» هو صناعة أميركية بتمويل من أصدقائها وحلفائها هدفه القضاء على حزب الله للحفاظ على أمن «إسرائيل» لذلك سعت إلى دعم جماعات مسلحة وقامت بالتنسيق معها للحد من قدرة حزب الله. فالولايات المتحدة تؤجج الفوضى في الشرق الأوسط من خلال فرض حالة الحرب الدائمة في المنطقة، وبذلك يكون استخدام «القاعدة» حقق أغراضه باستنزاف المقاومة حيث أصبح الحزب وجها لوجه مع تنظيم «داعش»، ولكن ما يؤكده المتابعون هو أن الردّ والحسم السريع لحزب الله وانتصاراته تفاجئ الأميركيين وستكون حرب القلمون والانتصارات التي يحققها حزب الله فيها من سيقرر مصير المنطقة وذلك بهزيمة «النصرة» و«داعش» من القلمون حتى تدمر والرقة. وقد أكد السيد نصر الله «أن المعركة قد بدأت مع تنظيم «داعش» في القلمون وفي السلسلة الشرقية والحدود اللبنانية السورية وهم بدأونا بالقتال، ونحن سنواصل المعركة ومصمّمون على إنهاء الوجود التكفيري الخبيث عند حدودنا مهما غلت التضحيات». والجميع يدرك مدى صدق السيد نصرالله وأنه إذا قال فعل، فالنصر على الجماعات التكفيرية وإفشال المشروع الصهيو – أميريكي أصبح قاب قوسين.