لا جنيف 3 قبل وضع ِالنقاط على الحروف
سعد الله الخليل
ما بين لقاء الرئيس بشار الأسد بالموفد الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا في الحادي عشر من شباط ولقاء السادس عشر من حزيران ثمة متغيّرات عدة على الساحة الدولية والإقليمية والمحلية أرخت بثقلها على الساحة السورية، وغيّرت من موازين القوى وحسابات الأطراف المتورّطة في الحرب على سورية، بما عزز وجهة نظر سورية وحلفائها حول ضرورة محاربة الإرهاب كأولوية.
ولعلّ كلام الرئيس الأسد الأخير للموفد الدولي عن ضرورة تطبيق قرارات الأمم المتحدة الخاصة بمكافحة الإرهاب في سورية، وإلزام دول الجوار بوقف التعامل والتعاون مع الإرهابيين، ووقف تقديم التسهيلات قبل الدخول في أي تسوية سياسية يبدو أنّ أوان انطلاقها قد لاح في الأفق فلا يمكن أن يقتنع أيّ متابع بأنّ زيارة دي ميستورا لإطلاع الرئيس الأسد على نتائج مباحثاته في جنيف خاصة أنّ أغلب الأطراف أعلنت موقفها علانية بين متمسك بما جرى في موسكو وبين رافض لأيّ تفاوض سياسي وقدم خريطة طريق في القاهرة بسقوف عالية لا تعكس الواقع السياسي ولا التوازنات الاقليمية.
بين لقائي الرئيس الأسد بدي ميستورا خاضت الرياض حربها على اليمن، فبين الحزم وزرع الأمل ضاعت هيبة الرياض وخاب أملها بعرقلة التفاهم النووي الإيراني ودفع طهران لمواجهة مباشرة في اليمن تفتح الأبواب لخلط الأوراق من جديد، وبدلاً من توريط طهران تورطت الرياض وتسيّد أنصار الله المشهد وباتت المدن الحدودية السعودية تحت مرمى النيران اليمنية.
بين لقائي الرئيس الأسد ودي ميستورا سقط رأس الحربة في الحرب على سورية السلطان العثماني الجديد في الضربة القاضية بالداخل التركي بانتخابات أنهت وهم استعادة أمجاد أجداده وإعادة الحياة للرجل العجوز بعد عقود من موته، سقوط أردوغان يحمل لعنة مجازر أجداده بحق الأرمن والسريان والكلدان في ذكراها المئوية ليتحوّل فاتح القرن الجديد إلى باحث عن تحالف سياسي يمكنه من تشكيل حكومة تحفظ ماء وجه حزبه في الداخل التركي.
يبدو أنّ الرسالة السورية الحاسمة وصلت إلى دي ميستورا لا مجال لإطلاق أيّ حلّ سياسي قبل وضع النقاط على الحروف وقول الأشياء بماهيتها نظراً لإدراك القيادة السورية بأنّ السير في التفاوض قبل تحميل المسؤوليات يجنّب الأطراف المتورّطة في الدم السوري من لحظات الحساب ودفع الأثمان في السياسة والقانون.
«توب نيوز»