لحود: الفراغ أفضل من انتخاب رئيس كسليمان الذي أصبحت المقاومة بمفهومه خشبية
حوار روزانا رمال
أكد النائب السابق إميل إميل لحود أن «حل الأزمة في لبنان يبدأ بانتخابات نيابية ووفق قانون وطني وعادل لنخرج من الاصطفاف الطائفي ويفرز مجلس نيابي جديداً وعندها ننتخب رئيس جمهورية يؤلف حكومة جديدة ثم نذهب إلى التعيينات»، مشيراً إلى «أن الجميع شارك في الخطأ الدستوري الأساسي وهو التمديد للمجلس».
وفي حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز»، رفض لحود زج الجيش وقيادته في الجدل السياسي القائم، داعياً إلى مناقشة الأمر خارج الإعلام وحصره بالمعنيين. وإذ اعتبر أن قائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي هو الشخص المناسب في المكان المناسب، أكد لحود أن المعطيات الدستورية والسياسية اليوم معقدة، موضحاً أن الحل يكون بإبعاد المؤسسة العسكرية عن كل هذا الجو السياسي، لافتاً إلى أن العميد شامل روكز دفع ثمن قرابته من رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون على رغم كفاءته وتميزه.
وأعرب لحود عن اعتقاده أن «عون تعرض للظلم من خلال تنازله عن حقه في الانتخابات الرئاسية الماضية، واليوم هناك من يطلب منه أيضاً التنازل عن الرئاسة لمصلحة الوطن»، لافتاً الانتباه إلى أن «الفراغ الرئاسي أفضل من انتخاب رئيس كميشال سليمان».
واستغرب لحود حملات العض على المقاومة، التي اعتبر «أنها تدافع اليوم عن الجميع وتحمي الكنائس وكل لبنان من القوى التكفيرية التي كانت ستدخل لتأكل لبنان».
وعبّر لحود عن قناعته بأن النائب وليد جنبلاط لم يكن زعيماً لدروز سورية في يوم من الأيام والدليل مواقف أهالي السويداء ورجالها الذين يصمدون بأرضهم ويؤمنون بجيشهم الوطني ورئيسهم.
ورأى لحود أن «الرئيس بشار الأسد أثبت للعالم انه يستحق لقب الرئيس المقاوم الصامد الوطني، وأن صموده وجيشه وشعبه سيغير الاتجاه العام الذي يأخذنا إليه الغرب و«إسرائيل»، مؤكداً أن لا حل في سورية كما يحكى، لكن هناك رابحاً وخاسراً وليس فقط على مستوى الميدان السوري بل الخارجي أيضاً.
وفي ما يلي نص الحوار كاملاً:
ملف التعيينات الأمنية إلى أين في ظل الحرب التي تخوضها المقاومة في جرود عرسال؟
موضوع التعيينات مشكلة دستورية سياسية مرتبطة بمشكلة أكبر بدأت عندما مدّد المجلس النيابي الحالي لنفسه وشرع نظرية التمديد على جميع الأصعدة، وهذا التمديد يعتبر أكبر خرق دستوري لم يحصل إلا في لبنان، والآن وصلنا إلى نتائج هذا الأمر ومنها هذه الحكومة التي تعتبر غير شرعية وتتعاطى في شكلٍ تثبت نظرية أن عدم وجود رئيس جمهورية أمر عادي،علينا أن نحصن الساحة الداخلية وهذا يتطلب وجود مرجع للجميع وهو الدستور ونحن خرقنا الدستور وكل الأعراف والأصول واليوم نأتي في آخر حلقة من الخروقات نتشارع على الطرف الأخير، المعيار هو الدستور والقانون، وهذا يبدأ بانتخابات نيابية وقانون انتخابي وطني فعلي وهو لبنان دائرة واحدة مع النسبية لنخرج من الاصطفاف والخطاب الطائفي ويفرز مجلس نيابي جديداً وعندها ننتخب رئيس جمهورية جديداً يؤلف حكومة جديدة ثم نذهب إلى التعيينات.
هل الوضع العربي والظروف في المنطقة مؤاتية لإجراء انتخابات بهذا الحجم في حين أن الجيش اللبناني لم يحصل عليه إجماع بين اللبنانيين تحصين ودعم المؤسسة العسكرية ؟
أنا ضد زجّ الجيش وقيادته بالجدل السياسي القائم اليوم، وهذه الجدلية لا تجلب إلا الضرر على هذه المؤسسة وإذا كان هناك من نقاش في هذا الأمر يبقى خارج الإعلام ومحصوراً بالمعنيين، صحيح أن ولاء جنود وضباط الجيش لوطنهم ولمؤسستهم وقد أثبتوا وطنيتهم في الميدان، ولكن ذلك لا يعني عدم تأثرهم بهذه المزايدات الإعلامية وتدخّل السياسة بالجيش، وإذا الجيش قد أعيد بناؤه على عقيدة وطنية عام 1990 فلأن العماد إميل لحود آنذاك رفض تدخل السياسيين ومشاكله معهم بدأت منذ ذلك الحين، اليوم لا نريد أخذ المؤسسة إلى هذا المناخ لكنها حتى الآن محصنة والأداء ممتاز.
لكن فريق 8 آذار وافق على الشراكة مع فريق 14 آذار في حكومة واحدة؟
أنا كنت ضد تشكيل هذه الحكومة، أولاً لأنها غير دستورية من دون رئيس جمهورية وضد تعيين بعض الأشخاص في الحكومة، هناك هجمة على لبنان بدأت منذ العام 2005 وما زالت مستمرة حتى اليوم لمحاولة خلق الشرخ المذهبي الطائفي السني – الشيعي وكانت وجهة نظر فريق 8 آذار حينها أنه إذا استوعبنا هذا الفريق الآخر في الحكومة نكون قد نفّسنا الاحتقان. أنا مقتنع أن هذا الفريق إن كان في الحكومة أو خارجها القرار ليس بيده بل في الخارج لافتعال المشكل الطائفي، اليوم هل نريد أن نسلم القرار لهؤلاء لإدارة الجيش والمؤسسات؟
لماذا لا يحصل التوافق على التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي في هذا الظرف الدقيق والحساس؟
أول منصب قيادي تسلمه العماد قهوجي بعد الحرب عام 1990 كان عندما عينه العماد لحود، لأنه رأى فيه الكفاءة العسكرية التي يشهد عليها وتحولت في ما بعد إلى علاقة شخصية ونرى فيه أنه الشخص المناسب في المكان المناسب، لكن المعطيات السياسية اليوم والدستورية معقدة لدرجة أنه لا يمكننا إعطاء جواب، الحل إبعاد المؤسسة العسكرية عن كل هذا الجو السياسي، المطروح البديل العميد شامل روكز العبء الوحيد عليه هو قرابته من العماد عون الذي يدفع ثمنها لكنه ضابط ممتاز ومميز وأثبت نفسه في الميدان وفي المؤسسة العسكرية وهناك آخرون أيضاً يتمتعون بذات الكفاءة.
الحكومة اليوم معرضة للانهيار بسبب ملف التعيينات ويظهر وكأن التيار الوطني الحر يعطّل البلد، إذا كان رأس قيادة الجيش عليه خلاف، لماذا الحكومة أيضاً معرضة للتفكك في هذا الوضع الصعب وهي المؤسسة الأخيرة؟
لا يمكننا تحميل فريق واحد مسؤولية هذا الوضع، لو استطاع الفريق الآخر إدارة الدولة بلا التيار الوطني الحر لفعل ذلك. عون تعرض للظلم من خلال تنازله عن حقه في الانتخابات الرئاسية الماضية وفريقنا السياسي تسرع في قبوله بالرئيس ميشال سليمان ورأينا ماذا حصل في عهده، اليوم يُطلب من عون أيضاً التنازل عن الرئاسة «لمصلحة الوطن»، لماذا آل جنبلاط والحريري لا يتنازلون على رغم أن حجمهم السياسي والشعبي أقل بكثير مما أخذوا لذلك تهربوا من الانتخابات النيابية.
اليوم المجلس النيابي غير شرعي لكي ينتخب رئيس الجمهورية، العديد من النواب الحاليين يملكون الوطنية والكفاءة لكن كمجلس مدّد لنفسه غير شرعي للمرة الثانية، الجميع مشارك في الخطأ الدستوري الأساسي وهو التمديد للمجلس، لا أحمل المسؤولية للعماد عون، نفضل الفراغ على أن يأتي رئيس كميشال سليمان الذي بدأ بسياسة معينة وانتهى بسياسة أخرى، وباتت المقاومة خشبية بسبب رفض فريقنا التمديد له.
كل الأطراف ورؤساء الجمهوريات كانوا طرفاً ولهم آراؤهم السياسية؟
نحن نفتخر أننا كنا طرفاً ولكن بقينا على هذا الطرف وتمسكنا بمواقفنا، كنا طرفاً للوطن وليس لفريق سياسي، العلاقة مع المقاومة بدأت عندما كان الرئيس لحود قائداً للجيش وطلب منه توقيف شباب يدافعون عن وطنهم ورفض ذلك، وتبين لاحقاً أن هذه السياسة هي الأصح لأن المقاومة هي التي تدافع اليوم عن الجميع وتحمي الكنائس وكل لبنان من القوى التكفيرية التي كانت ستدخل لتأكل لبنان.
برأي البعض أن هذه المقاومة هي التي استجلبت الإرهابيين إلى لبنان، ما رأيك؟
فريق 14 آذار الذين تعاملوا مع الإرهاب وشهادة النائب وليد جنبلاط بتصريح له «لا تزايدوا على المقاومة لأنكم انتم أول من أدخل الإرهاب إلى لبنان» واستشهد بباخرة لطف الله2، من وزع البطانيات على الحدود التركية السورية على الإرهابيين هو النائب عقاب صقر.
هل فعلاً كانت لدينا فرصة لاختيار رئيس جمهورية لبناني- لبناني؟
لا، في هذا المجلس لا، لأن هناك طرفاً مرهوناً ولأن رئيس أكبر كتلة نيابية لبنانية أي الرئيس سعد الحريري «لابس عقال» ويعيش في السعودية، رزقه وأعماله فيها، السعودية لديها مصالح وحكماً ستستعمل الحريري لتحقيقها، ورئيس الحكومة تمام سلام ابن عائلة لكن عندما تكلّف ذهب إلى السعودية، بعض المسؤولين ألغوا الخدمة العسكرية الإلزامية ليهربوا أولادهم من الخدمة، كانت الخدمة رمزية وتبعد الشباب عن التوجهات التكفيرية الإرهابية ونحن الآن في حالة حرب مع الإرهاب ولم تنته الحرب مع «إسرائيل» التي تجند حتى النساء، والآن بعد إلغاء الخدمة العسكرية يريدون إلغاء المقاومة أيضاً، نسألهم هل لديكم ضمانات من «إسرائيل»؟ المقاومة ممنوع المس فيها ويجب إعادة الخدمة ليشعر الشباب أن عليهم واجباً اتجاه وطنهم.
مع قتال المقاومة الإرهابيين في عرسال وضع بعض السياسيين الخطوط الحمر على عرسال لكن يمكن لحزب الله أن يتدخل إذا لم يتوافر القرار السياسي للجيش في منطقة فيها إرهاب ومذاهب وعشائر، كيف تقرأ الوضع؟
الأمن ليست لديه حسابات طائفية ومذهبية، عرسال ليست قرية إرهابية بل الأكثرية هم وطنيون، لكن هناك نوعاً من الاحتلال الحاصل ومجموعات إرهابية تهيمن في البلدة بقوة السلاح والمال والظرف العام، وواجب الدولة استئصالهم والأهالي يدعمونها معنوياً، الحكومة تعطي الجيش القرار السياسي لكن حساباتها بجزءٍ كبير منها لا سيما تيار المستقبل يعتبر الإرهابيين خط دفاع سعودي في لبنان، المقاومة ستقوم بواجباتها وعرسال ستحاصر بشكلٍ أو بآخر إذا لم تكن المقاومة فأهالي القرى المحيطة الذين يرفضون العيش في ظل خطر وممارسات الإرهابيين.
اليوم هناك استخدام لبلدة عرسال كدرع للإرهابيين وقسم منها متعاطف معهم وقسم كبير يرفضهم ونرى خطابات وتصاريح من فعاليات عرسالية ضد الإرهابيين الذين يرهبون المواطنين، المقاومة تمشّط المنطقة لكن لن تدخل إلى البلدة لأنه واجب الجيش بل ستقوم بطوق على عرسال لأن الإرهابيين فرّوا إلى عرسال، يجب على الجيش أن يحاصر البلدة وينشر الحواجز لمعرفة من يدخل ويخرج من البلدة،»المستقبل» يتحجج بعناوين طائفية لكي لا يحصل الطوق، وجوده السياسي مبني على المذهبية، الحريري يبني شعبيته على الخطاب الطائفي والأجندة «الإسرائيلية» تنفذها بعض دول الخليج أي الخلاف السني – الشيعي بشتى الأدوات للوصول لهذا المشكل لإراحة «إسرائيل» لمئة عام، الحريري لا يعيش في لبنان أقله ليترك اللبنانيين الذين يعيشون هنا لكي يقرروا.
وصف النائب وليد جنبلاط «جبهة النصرة» بأنها «معتدلة» وحصلت الحادثة المؤسفة في «قلب لوزة»، حراك جنبلاط في سورية كيف تصفه خصوصاً انه وبعد مضي خمس سنوات على الأحداث السورية ما زال دروز سورية مع الدولة السورية ومع الرئيس بشار الأسد؟
جنبلاط كل حياته حساباته السياسية تنطلق من منطق استمراريته الشخصية، للحفاظ على موقعه السياسي، ضيع البوصلة لا يعرف أين سيقف لا يضمن أياً من الفريقين سيربح، وهو في مرحلة انتقالية ومتسرع لتوريث تيمور، يساير المقاومة في لبنان وينتقد سورية والجيش السوري والرئيس والأسد ويساير الغرب من دون أن يغضب روسيا ولم يحم الطائفة الدرزية بعد ذبح 40 مواطناً درزياً. هو لم يكن زعيماً لدروز سورية في يوم من الأيام والدليل مواقف أهالي السويداء ورجالها يصمدون بأرضهم ويؤمنون بجيشهم الوطني ورئيسهم وهذا سيجمد الزحف. جنبلاط يستسلم عن غيره وهو لا يمون عليهم. في بداية الأحداث السورية كان المطلوب منه أن يلعب دوراً لتحريك دروز سورية ضد النظام والجيش ولم يستطع أن يلبي فكان عتب الأميركيين عليه، اليوم هو مضطر لإثبات انه موجود، في سورية يلعب دور الداعم للتغيير وفي لبنان هو مع المقاومة التي تحارب مع الجيش السوري!، هذا انفصام في الشخصية ويعبّر عن حالة ضياع، هو بقي في السلطة أيضاً خلال عهد الرئيس بشار الأسد وقال اختلفنا وقت التمديد، مشكلته وفريقه لم تكن مع سورية بل إن سياسة الرئيس لحود أزعجتهم و30 سنة حاربوا بسيف السوريين ولو انتخبوا رئيساً غير لحود من الفريق نفسه لما كان لديهم مشكلة مع سورية. هم يقيسون على الظرف وهذه ليست سياسة.
مرّ على الأزمة السورية 5 سنوات والرئيس الأسد ما زال في السلطة، هل اقتنع العالم في الأروقة الدولية أن لا أمل في إسقاطه وأنه جزء أساسي من الحل؟
الرئيس الأسد أثبت للعالم، للحلفاء والأعداء، انه يستحق لقب الرئيس المقاوم الصامد الوطني، والتاريخ سيذكر ذلك، صموده وجيشه وشعبه سيغيّر الاتجاه العام الذي يأخذنا إليه الغرب و«إسرائيل»، سيتحدث التاريخ عن ذلك كما تحدث عن الرئيس جمال عبد الناصر وأكثر، لأن ما جرى هو حرب عالمية على سورية وستتصاعد الحرب لكي تهدأ، لا تسوية ولا حل في سورية كما يحكى، بل سيكون هناك رابح وخاسر وليس فقط على مستوى الميدان السوري بل دخلت في الحرب الصين واليمن والسعودية، هناك محوران يتحاربان في العالم، أميركا وحلفاؤها من جهة وإيران وروسيا ودول البريكس من جهة أخرى، ولم يعد مقبولاً أن يدار العالم كما تريد أميركا وحان الوقت أن تفهم أن القوة لم تعد كلها بيدها، وهذه قضية وجودية «لإسرائيل» التي وجدت بطريقة غير طبيعية ولن تنتهي بأشهر، كرس الرئيس الأسد خطاً جديداً. كما نتكلم عن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والمقاومة بات الأسد رمزاً لمحور الممانعة كما المقاومة التي تعلم الشعوب العربية المقاومة والتحرر وهذا ما نلمسه في اليمن، الميدان الداخلي والخارجي سيحسم الحرب.
كيف سينعكس توقيع الاتفاق النووي الإيراني على المنطقة؟
الاتفاق النووي هو انتصار فعلي لإيران، لأن أميركا حاولت بشتى الوسائل إنهاء حالة الدولة الإيرانية الممانعة بالحصار الاقتصادي ولم تستطع واليوم اضطرت تحت الأمر الواقع للحوار مع إيران. دول الخليج أول من سيصيبه الضياع التي كانت تعتبر نفسها الوكيلة الحصرية لأميركا بالمنطقة واليوم النار تحت أرجلها في اليمن، السعودية لها الدور الأكبر بما يحصل في سورية ولبنان والمنطقة لأنهم يعتبرون أنهم سيستمرون في الحكم في شكلٍ يخالف كل القيم العالمية، ممارسات الإرهاب ليست بعيدة عما نشاهده في تلك الدول الخليجية التي ليس فيها لا حرية ولا ديمقراطية بل هناك أحكام بالإعدام، ومحور سورية والأسد والمقاومة سينتصر وما زلنا في وسط المعركة، وهناك أشواط وبدأ الطرف الآخر يستسلم بالمعنى الإستراتيجي وهذا سينعكس على كل شيء.
يبث هذا الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة مساءً ويعاد بثه الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» على التردد 12034