تقرير
تطرّقت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية إلى اللقاء الذي عُقد يوم 18 حزيران في بطرسبورغ بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووليّ وليّ العهد السعودي، وزير الدفاع محمد بن سلمان.
وجرى اللقاء على هامش منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي. وجاء في المقال:
لم يسفر منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي عن نتائج اقتصادية هامة فقط، إنّما عن نتائج سياسية، إذ أصبح الوفد السعودي الذي وصل إلى بطرسبورغ من أكبر الوفود تعداداً في المنتدى. وقد بحث بوتين ووزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان أثناء اللقاء الذي عُقد بينهما على هامش المنتدى، بعض المشاريع الاستثمارية الهامة. كما أنّهما بحثا في مسألة التنسيق في بعض القضايا السياسية الحادة. ويعتقد الخبراء أن هذا اللقاء يمكن أن يأتي كمقدّمة لاستئناف العلاقات الثنائية الاستراتيجية الحقيقية بين البلدين.
وكان مساعد الرئيس الروسي للشؤون السياسية يوري أوشاكوف قد أعلن عشية عقد اللقاء مباشرة: يمكنني الافتراض بأنه ستبحث أثناء اللقاء المسائل المتعلقة بالوضع في الشرق الأوسط، وبالتحديد الوضع في اليمن وسورية، ومواجهة تنظيم «داعش»، إلى جانب مسائل إقامة التعاون الأوثق في مجال الطاقة ضمناً.
وتُولي روسيا أهمية كبيرة لتلك الزيارة لأسباب عدّة. وأوّلها ضرورة البحث عن شركاء في الخارج، على خلفية الأزمة مع الغرب.
وصرّح رئيس إدارة صندوق منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي سيرغي بيلياكوف لوكالة «تاس» قائلاً: إن وصول القيادة السياسية السعودية على هذا المستوى العالي لبحث أجندة التعاون والاستثمارات المحتملة، فإن ذلك دليل واضح على أنها معنية حقاً بتطوير المشاريع والاستثمارات المحدّدة.
والسبب الثاني، يتمثل بالبرودة في العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، علماً أن إدارة أوباما تدعو إلى عقد اتفاقية مع طهران في موضوع برنامجها النووي. فيما ترى السعودية أن تلك الاتفاقية تشكّل خطراً مباشراً على مصالحها.
وقد أعادت الأزمة في العلاقات بين البلدين الولايات المتحدة والعربية السعودية إلى أذهان المراقبين وقوع البرودة الفورية في العلاقات بينهما عام 1973، حين فرضت المملكة السعودية حظراً على تصدير النفط إلى واشنطن لدعمها «إسرائيل» في حرب أكتوبر .
وليست روسيا وحدها بحاجة إلى حلفاء، بل تحتاج إليهم السعودية أيضاً، كونها إحدى الدول السنّية الرائدة في المنطقة، التي تخشى تزايد نفوذ إيران الشيعية. وبعد إضعاف الصلة مع الحليف التقليدي الولايات المتحدة ، بدأ السعوديون يبحثون عن حلفاء جدد على الصعيد العالمي، ليس في المجال السياسي، إنما في مجال التعاون العسكري التقني، إذ أبدى الوفد السعودي الذي زار أيضاً منتدى الجيش 2015 العسكري التقني في ضواحي موسكو، اهتماماً بشراء منظومات «اسكندر إي» للصواريخ العملياتية التكتيكية التي يمكن أن تستخدمها السعودية في مواجهة «الخطر الإيراني».
فيما تختلف مواقف روسيا والسعودية جذرياً من القضية السورية، إذ تدعم موسكو الرئيس بشار الأسد، بينما تتخذ الرياض موقفاً حازماً مناهضاً له. إلا أن اللقاء الحالي يمكن أن يضع حدّاً لتلك الخلافات.
وتساءل آلِكسندر أكسينيونوك، السفير المفوض وفوق العادة والعضو في المجلس الروسي للشؤون الدولية، عمّا يمكن أن تعطي السعودية لروسيا. وقال إن هناك تخفيفاً محتملاً لموقفها من سورية، والمساعدة في مواجهة الإسلاميين الراديكاليين، وذلك إلى جانب مشاريع استثمارية. كما يمكن القول بحذر عن العودة إلى التعاون الاستراتيجي في إطار عقيدة الأمن الروسية لمنطقة الخليج العربي.