استنكار واسع للتعذيب ودعوات لاجتماع مجلس النواب والحكومة الأشرطة المسرّبة بين الفتنة وملف المخطوفين واستعادة الإمارة

بعد تأجيج الشارع ليل أول من أمس، وقطع الطرق على خلفية الأشرطة المسربة عن تعذيب عناصر من قوى الأمن الداخلي لمعتقلين إسلاميين في سجن رومية، اشتعلت في السياسة أمس لتذهب إلى اكثر من حجم الموضوع، وهو كبير، قضائياً، ولا سيما من جانب تيار المستقبل، لاستخدام ما حصل في إقفال ملف المعتقلين على قاعدة نسف التحقيقات التي أجريت معهم سابقاً، واعترفوا فيها بارتكاباتهم الإرهابية، بحق العسكريين والمدنيين، بذريعة أن هذه الاعترافات انتزعت منهم تحت التعذيب والأشرطة المسرّبة هي الدليل!

وبالتوازي، مع حجم الإنتهاكات اللاإنسانية لما تعرض له المساجين، تولات علامات الاستفهام والاسئلة القلقة عن توقيت تسريب الأشرطة علماً أن عمرها أكثر من شهرين، ومن هو صاحبها وما الغاية من فعلته، هل المقصود النيل من وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وإحراقه، أم إثارة مشاعر وغرائز فئة من اللبنانيين ودفعها إلى أعمال شغب قد تفجّر الشارع، وهل للتسريب ارتباط بموضوع العسكريين المخطوفين لا سيما لدى «جبهة النصرة» التي اعتادت أكثر من مرة ابتزاز الجانب اللبناني بافتعال قضية تهز الشارع؟

ومن جهة أخرى، هل التسريب هو في إطار الضغط لنقل إدارة السجون من عهدة وزارة الداخلية إلى وزارة العدل وإعادة إمارة سجن رومية إلى سابق عهدها قبل قيام المشنوق بعمليته الشهيرة لضبط السجن الذي حوله الارهابيون إلى غرفة عمليات للجرائم التي نفذوها عبر ادواتهم والتابعين لهم في الخارج؟

الأسئلة في هذا الموضوع لا تنتهي لكن التحقيقات بدأت وستكشف ماذا حصل، ليصبح لبنان على شفير الإنفجار في لحظة مفاجئة. وفي هذا الوقت توالت ردود الفعل على الأشرطة المسرّبة والتي أجمعت على إدانة التعذيب الذي تعرض له المساجين.

ردود الفعل

وفي السياق، قال النائب الدكتور مروان فارس: «ليس بمستطاع أحد إلا وأن يلقي المسؤولية على الدولة اللبنانية بجميع مسؤوليها في وزارة العدل ووزارة الداخلية وقوى الامن الداخلي وهو يشاهد ما حدث في سجن روميه من تعذيب وتنكيل بالسجناء».

وطالب «باجتماع الحكومة فوراً بخاصة انها مشكلة من مختلف القوى السياسية. وأن تتقدم باستقالتها وإن كانت هناك صعوبة في تشكيل حكومة بديلة ومجلس النواب معطل بإرادة بعض القوى السياسية فيه ورئاسة الجمهورية ممنوعة في بلد يريد العدالة والاستقرار». وأضاف: «لذلك كله، لا بد من المحاسبة القاسية للمسؤولين عن الإجرام الذي يحدث في سجن روميه، ولا بد من أن يدخل الى السجن من يعتبر نفسه في الدولة اللبنانية مسؤولاً عن حقوق الناس والمبادئ الانسانية».

واعتبر فارس أنه «حان الوقت لإعادة النظر في هذا النظام السياسي الذي يعيش فيه لبنان منذ نشوئه»، لافتاً إلى «أن نظام الطائفية هو نظام الاستبداد والقهر. إنه نظام أدى خدمته وعليه الآن ان يستريح فلا الدستور اللبناني محترم ولا اتفاق الطائف محترم ولا اي مبدأ من مبادئ العدالة في لبنان محترم بين اللبنانيين كلهم، مقيميين ومغتربين».

وطالب رئيس لجنة حقوق الإنسان النائب ميشال موسى، في مؤتمر صحافي، عقده في المجلس النيابي «بإنزال أشد العقوبات بالمرتكبين في السجون والمخافر»، مشدداً على ضرورة «متابعة التحقيقات في هذا الشأن وفي غيره من عمليات التعذيب إلى نهايته».

ودعا موسى إلى «انعقاد مجلس النواب في جلسة استثنائية من أجل مناقشة وإقرار اقتراح الهيئة الوطنية لمناهضة التعذيب، تطبيقاً للاتفاقات الدولية التي وقع عليها لبنان»، مشيراً إلى أن «لجنة حقوق الإنسان ستعقد جلسة خاصة للبحث في موضوع السجون والتعذيب».

وناشد عضو كتلة المستقبل النائب سمير الجسر، في تصريح رئيس مجلس النواب نبيه بري أن «يدرج اقتراحه المتعلق بتحريم التعذيب واعتباره من تشريع الضرورة»، وقال: «إن ما شاهدناه عبر الأفلام المعروضة لا يخرج من كونه نزراً بسيطاً من التعذيب الذي يمارس على الموقوفين أثناء التحقيق معهم كما نقل إلينا أهالي الموقوفين أو سجناء خرجوا الى الحرية».

واستنكر عضو كتلة المستقبل النائب محمد كبارة «ما تعرّض له الموقوفون في سجن رومية»، مذكراً وزير الداخلية نهاد المشنوق «بأننا كشفنا هذا الاعتداء قبل شهرين لكنك نفيته في حينه»، متهماً المشنوق بـ«رفض تشكيل لجنة تحقيق مستقلة كنّا قد طالبنا بها للنظر في الجرائم الموصوفة التي ارتكبت في حق أهلنا في رومية».

كما انتقد كبارة ما وصفه بـ«البيان المجتزأ» لقيادة قوى الأمن الداخلي، مطالباً بـ«محاكمة قضائية سريعة وشفافة وعلنية لكل المرتكبين، تعتمد فيها الأشرطة كأدلة».

واستنكر لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية تعذيب السجناء في سجن رومية، مطالباً «السلطات القضائية والأجهزة الأمنية إجراء تحقيقات عاجلة ونزيهة لكشف المتورطين وإحالتهم إلى القضاء المختص بعيداً من الإستنسابية والإستغلال السياسي، ومتابعة التحقيقات للوصول إلى الجهة التي تسترت على هذه الانتهاكات لا سيما بعد تصريح وزير الداخلية والذي أشار فيه إلى أن هذه الأحداث وقعت أثناء تمرد المساجين منذ شهرين ونيف ما يعني أن هناك جهة ما كانت تمتلك الوثائق التي تم تسريبها ولكنها أخفتها لسبب ما حتى اليوم، والسؤال الذي يطرح نفسه «هل إن قرار نشر هذه الأفلام اليوم جاء للتغطية على قضية أهم وأخطر من التعدي على الحريات العامة وحقوق الإنسان؟».

وطالبت الهيئات المعنية بـ«وضع حد نهائي لمغامرات وزير العدل أشرف ريفي وعبثه بأمن الوطن والمواطنين من خلال استمراره في سياسة التحريض والتسبب بالاحتقان المذهبي، لأن الأمور كادت أن تخرج عن السيطرة لولا وعي غالبية اللبنانيين وتعقلهم وترفعهم عن الإنجرار إلى الخطابات الإستفزازية والعشوائية، فالوطن أهم من تحقيق غايات ومكاسب سياسية خصوصاً أن الصراع يجري اليوم داخل حزب «المستقبل».

واعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن «المُحرّك الأول لثورة الأرز كرامة الإنسان البشري»، مستنكراً ما حصل، ومطالباً «بتحقيقات شفافة كاملة لتحديد المسؤوليات واتّخاذ الإجراءات اللازمة لعدم حصول هكذا تصرفات مجدداً مهما تكن الظروف».

واذ استنكر الأمين العام لـ«التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد انتهاك إنسانية الموقوفين في سجن رومية»، دعا في تصريح الى «استكمال التحقيقات، ومحاسبة المسؤولين، ووضع حدّ نهائي لممارسة العنف والتعذيب في لبنان».

وقال راعي أبرشية صيدا ودير القمر للروم الملكيين الكاثوليك المطران إيلي بشارة الحداد «آلمنا ما حدث في سجن رومية البارحة من تعدٍ على السجناء بقساوة لم تشهدها الحضارة اللبنانية من قبل في حق الإخوة الاسلاميين المسجونين هناك»، داعياً الى «الإسراع في ختم ملف التحقيق لهؤلاء المسجونين وتطبيق العقوبة للذين اقترفوا الجرم ضدهم».

وقال مفتي الجمهورية السابق الشيخ محمد رشيد قباني في بيان: «حسناً فعلت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بإصدارها بياناً بوقائع التعذيب الوحشي التي جرت بحق المعتقلين الإسلاميين داخل سجن رومية، وإعلان أنها ستحاسب عناصر التعذيب، ونريد أيضاً محاسبة من أصدر إليهم أوامر التعذيب مهما علا شأنهم، لأنه يستحيل أن يمارس أحد التعذيب الوحشي فضلاً عن العادي على معتقلين داخل السجون من دون تكليف من مرجعه الأمني المباشر».

وطالب بإقفال ملف المعتقلين الإسلاميين نهائياً، محذّراً من «تأخير طي هذا الملف، فالآتي من تداعيات المنطقة على لبنان أكبر وأكثر مما يتوقعه أي مسؤول».

وإذ دان «تجمع العلماء المسلمين»، «هذا العمل الإجرامي»، سأل: «لماذا أعلن عن هذه الشرائط اليوم؟ وما هو الهدف من وراء ذلك؟ لذا فإننا نشك في أن يكون ممتلك هذه الشرائط احتفظ بها لاستخدامها في لحظة سياسية ما وضمن مخطط مشبوه، لذلك فإننا ندعو إلى التحقيق مع من يمتلك هذه الشرائط ومحاسبته».

وحذّر التجمع من «استخدام هذه الأشرطة أداة للفتنة، فمن قام بهذا العمل الجبان هم موظفون في الدولة اللبنانية يتبعون جهازاً محسوباً على جماعة معينة، وبالتالي فإن هذه الأشرطة لا تصلح أن تكون أداة في الفتنة المذهبية».

واعتبر أن «قطع الطرق المنظم في أكثر من منطقة لبنانية يكشف أن من وراء هذا العمل كان يهدف الى إحداث بلبلة في البلد وفتنة تؤدي إلى توتير أجواء السلم الأهلي، وهو ما يفرض معالجة هذا الموضوع بسرعة قصوى».

ودعا إلى «حل سريع لقضية السجناء الإسلاميين من خلال محاكمة عادلة تنهي هذا الملف الذي تجاوز التعامل معه حدود المنطق والعدل».

واستنكر رئيس «الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة» الشيخ ماهر حمود «التعذيب الوحشي» لكنه أهاب بـ«الجميع البحث جدياً عن الجهة التي سربت هذين الشريطين واختارت هذا الوقت بالذات».

ودان الناطق الرسمي لمجلس علماء فلسطين في لبنان الشيخ محمد الموعد «الأعمال الوحشية التي تعرض لها الموقوفون الإسلاميون وغيرهم في سجن رومية من ضرب مبرح وشتائم»، وطالب «المعنيين من الدولة الإسراع بمعاقبة الفاعلين، وإنزال أشد العقوبات بحقهم»، مؤكداً أن على «القضاء إنهاء هذا الملف بأسرع وقت، ومحاكمة كل من سهل إيجاد غرف عمليات للموقوفين داخل السجن تدير مصالحهم على حساب أمن وإستقرار الوطن وأمن وحياة الناس»، متسائلاً عن «الغاية من توقيت نشر ما حدث والهدف منه».

واعتبر مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان بعد اجتماع مع «هيئة علماء المسلمين» أن «إنهاء ملف الموقوفين الاسلاميين أمر ضروري في الحياة الوطنية العامة، حتى لا يرتفع منسوب التطرف بين الشباب».

وتابع المفتي سوسان «قلنا وما زلنا نقول إن العدالة اساس الحكم والنظام، فليحاكم المتهم وليعاقب المرتكب وليفرج عن البريء والمظلوم، ونؤكد عدم الأخذ باعترافات المعذب وانتزاعها منه جبراً».

واعتبر نقيب المحامين جورج جريج «أن إمارة رومية لن تتهاوى إلاّ بنقلها من سلطة وزارة الداخلية الى سلطة وزارة العدل». فيما أعلن نقيب محامي طرابلس فهد المقدم انه «تقرر الطلب من النيابة العامة التمييزية ملاحقة الفاعلين وتوقيفهم وإحالتهم للقضاء المختص وإنزال اشد العقوبات بهم».

ودانت جمعية «عدل ورحمة» في بيان «تعذيب أي موقوف أو سجين مهما كانت تهمته»، وأضافت: «إن عناصر القوى الأمنية، عند حصول التمرد في سجن رومية تعرضوا للأسر والضرب من الاسلاميين، وما حصل في الشريط المصور هو رد فعل، سببها الأساسي عدم إيلاء السجن الأهمية المطلوبة من الدولة، وتخصيص فريق أمني مدرب على إدارة السجون، إذ إن العنصر الأمني في السجن اليوم هو بمثابة سجين أيضاً».

وطرحت الجمعية «علامة استفهام كبيرة وكبيرة جداً حول توقيت الشريط المصور، على رغم أن العملية تمت قبل أكثر من شهرين، فلماذا لم ينشر هذا الشريط من قبل؟»،

وأشارت إلى «أن ما يثير الريبة والالتباس في مقاربة هذه الحادثة هو إيلاء عملية التحقيق في جريمة التعذيب التي شاهدناها إلى الجهة الأمنية نفسها التي ارتكب أفرادها هذا الفعل المشين، ونعني بذلك فرع المعلومات لدى قوى الأمن الداخلي، والتي على رغم الإعلان عن توقيف بعض عناصرها، تظل موضع تشكيك في إمكان الذهاب بالموضوع إلى خواتيمه وشمول عملها كل المسؤولين عن هذه الممارسة».

ودان مجلس محافظة بيروت في حركة الناصريين المستقلين المرابطون في بيان «الأفعال اللاقانونية التي ظهرت في الفيلم المسرب من سجن روميه»، داعياً «جميع المسؤولين وفي مقدمهم وزير العدل أشرف ريفي، الى محاكمة عادلة للموقوفين في رومية على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم».

ورأى أن «نشر هذا الفيلم في توقيت مشبوه، وبالطريقة التي سرب بها، تثير الكثير من التساؤلات عمن سرب ومن استغل هذا التسريب، وأثار غرائز المواطنين مذهبياً وطائفياً»، مطالباً «بتحقيق جدي وشفاف من قبل وزير الداخلية نهاد المشنوق، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص، ورئيس فرع المعلومات العقيد عماد عثمان».

وسأل الأمين العام لـ«التيار الأسعدي» معن الأسعد عن «سر التوقيت المشبوه لنشر شرائط التعذيب بعد أكثر من شهرين على وقوع الحادثة المدانة والمستنكرة، وهي تشبه موضوع تهريب شرائط تسجيل من الوزير السابق ميشال سماحة وبثها من خلال وسائل الإعلام بعد أكثر من ثلاث سنوات».

واستنكرت أمانة الإعلام في حزب التوحيد العربي الاعتداء على موقوفين في سجن روميه، وطالبت الوزير المشنوق «بالإسراع في إجراء تحقيقات شفافة لتحديد المسؤوليات، وإنزال أشد العقوبات في حق المتورطين من العناصر الأمنية في هذه الأعمال الشنيعة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى