تطور العلاقات التركية ـ «الإسرائيلية»

ناديا شحادة

في ضوء المتغيّرات الدولية والإقليمية والظروف السياسية التي طرأت على منطقة الشرق الأوسط في شكل عام، شهدت العلاقات التركية «الإسرائيلية» تطورات متعاقبة، حيث استمرت العلاقات بين البلدين في مسارها الاستراتيجي على رغم انها مرت بمنحنيات خطيرة كانت كفيلة بأن تؤدي الى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وبعد انطلاق ما يسمى بـ «الربيع العربي» التي كان له تأثيرات واضحة ومباشرة على العلاقات التركية – «الاسرائيلية»، وقد أكدت صحيفة «نيويورك تايمز» الاميركية ان «الثورات العربية» والاوضاع المتغيرة المترتبة عليها اسفرت الى تغيير في الحسابات الجيو-سياسية لكل من تركيا و«اسرائيل».

وفي ضوء تلك المتغيرات شهدت الايام الحالية خطوات للتقارب «الاسرائيلي» – التركي وإزالة الخلافات بين البلدين وإعادة مستوى التمثيل الدبلوماسي الى ما كان عليه قبل عام 2010، حيث أكدت صحيفة «هآرتس» «الاسرائيلية» ان المدير العام لوزارة الخارجية دوري غولد التقى نظيرة التركي وتحدثا عن ضرورة فتح صفحة جديدة من العلاقات بين تل ابيب وأنقرة، ولفت التقرير الى ان اللقاء الذي جمع بين المسؤولَين «الاسرائيلي» والتركي تم سراً وبعيداً من وسائل الاعلام لدواعٍ امنية.

ويؤكد المتابعون للعلاقة بين البلدين ان حكومتي «اسرائيل» – وتركيا تعودان الى محادثات المصالح في ما بينهما بعد الورطات التي باتت تعانيها كل منهما وأولها فشلهما في اسقاط النظام بسورية، حيث سعت «اسرائيل» وتركيا منذ بدء الأحداث في سورية الى اسقاط النظام السوري، حيث كان هدفهما الاساسي من كل أزمات المنطقة هو اسقاط النظام السوري، وقاما دائماً بمحاولة تدوير الزوايا للاستفادة من أي ثغرة لاستخدامها لتحقيق هدفهما ولكن الفشل يلاحقهما مع اتباعهما.

فبقاء النظام في سورية يعتبر انتكاسة لكل من تركيا و«اسرائيل»، وسعت الاخيرة منذ بدء الأحداث في سورية الى ايجاد قاعدة مشتركة من التعاون الاستراتيجي بين البلدين وهذا ما أكده الخبير الاستراتيجي زاكي شالوم. حيث قال: «ان التعاون بين البلدين بات امراً ملحاً وضرورياً الآن».

فتركيا و«اسرائيل» تجمعهما مصالح استراتيجية مشتركة، إضافةً الى ان كلاً منهما بات يعاني من الفشل داخلياً، فالحكومة المرتقبة بتركيا يؤكد المراقبون على انه من المتوقع ان لا تعيش طويلاً وان تدب الخلافات داخلياً وربما نشهد انتخابات برلمانية مبكرة يدعو لها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، تهرباً من الفشل السياسي المتوقع، ففي حال تم تشكيل ائتلاف حكومي بين حزب «العدالة والتنيمة» وأي من حزب الشعب الجمهوري او حزب الشعوب الديمقراطي، ففي حال تحقق أي من السيناريوين سنشهد تحولاً كبيراً في موقف تركيا تجاه الجماعات الإرهابية، بالتالي سنشهد تغيراً في السياسة التركية حيال سورية والعراق، وفي المقابل تواجه حكومة نتنياهو أخطار الفشل ايضاً جراء المعارضة الشديدة لسياساته، حيث هاجم زعيم «اسرائيل بيتنا» افيغدور ليبرمان بشدة رئيس الورزاء «الاسرائيلي» بنيامين نتياهو وكرر ليبرمان تقييمه بأن فترة الحكومة الرابعة لنتياهو ستنهار بحلول نهاية عام 2015 وانه يعتقد ان تعقد الانتخابات المقبلة في ربيع عام 2016.

فما يشدد عليه المتابعون ان المأزق التركي – «الاسرائيلي» الذي باتت الحكومتان تعانيان منه والفشل بإسقاط النظام السوري دفعهما الى اجراء لقاءات سرية على امل اعادة هيكلة الوضع والاتفاق حول رؤية مشتركة للمرحلة المقبلة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى