هل أخطأ المشنوق بحمل حقيبة مفخخة؟
حسين حمّود
منذ تولي نهاد المشنوق وزارة الداخلية في الحكومة الحالية، لم ينعم بفترة هدوء. في كلّ فترة ومرحلة يجد أمامه تحدياً أمنياً، أحياناً يكون أكبر من طاقته فيعجز عن السيطرة عليه، وأحياناً أخرى يتمكن من ذلك، ولكن إلى حين نضوج الظروف والتوقيت لاستثماره ضدّه من قبل خصومه بعد إخراجهم من جيوبهم أوراقاً مستورة تأتيهم من عقر دار المشنوق في الوزارة الأمنية السيادية بامتياز.
أما خصوم المشنوق فهم من تياره الذين يجالسونه في بيت الوسط في منطقة وادي اليهود كما كانت تسمّى سابقاً، وأبرزهم الشماليون وعلى رأسهم زميله وزير العدل أشرف ريفي مدير عام قوى الأمن الداخلي سابقاً.
في أحداث طرابلس لم يفلح وزير الداخلية في إطفاء النيران وإنهائها. وعاشت المدينة وأهلها أياماً وليالي من الموت الشامل والذعر من الحاضر والخوف مما يخبّئه لهم المستقبل. بينما كان ريفي يتفاخر بأنّ المقاتلين في باب التبانة «أبناؤه» وهم يحمون منطقتهم من مسلحي جبل محسن. واستمرّ الوضع متفجراً إلى أن جاء القرار من «المستقبل» برفع الغطاء عن المسلحين وإحالتهم إلى القضاء العسكري، لكن هؤلاء ذكروا في التحقيقات اسم مسؤول التيار في طرابلس عميد حمود وأكدوا انه كان يمدّهم بالسلاح والذخائر للقتال، كلّ ذلك تحت عيون وزير الداخلية.
بعد ذلك، كانت قضية عرسال والاعتداءات التي قام بها المسلحون الإرهابيون ضدّ الجيش وقوى الأمن الداخلي، ما استدعى الردّ من الجيش على المعتدين بحرب عنيفة ضدّ المعتدين الذين كانوا في الميدان ومن خلفهم صقور «المستقبل» الذين شنّوا حملة مضادّة على الجيش على خلفيات طائفية وسحبوا الغطاء السياسي عنه في معركته التي انتهت بمأساة خطف العسكريين من قبل ارهابيّي «جبهة النصرة» و«داعش» وقتل عدد من المخطوفين، ولا يزال هذا الملف مفتوحاً من دون حل.
وبينما يهاجم وزير الداخلية الخاطفين ويتهمهم بالإرهاب، ويقول «إنّ عرسال محتلة»، يتصدّى له شماليو «المستقبل» ويصفونهم بـ«الثوار» ويبرّرون لهم أفعالهم وارتكاباتهم، حتى خلال ضغط الإرهابيين على الحكومة بتحريك أهالي المخطوفين في الشارع لابتزازها في ما يقدّمونه من مطالب. وقد وصل الأمر إلى حدّ تأليب الأهالي ضدّ المشنوق لرفضه بعض ممارسات الأهالي المضرّة مثل قطع الطرق وشلّ حركة السير وما لهذا الأمر من تداعيات أمنية واقتصادية خطيرة.
وفي محطة ثالثة كانت المصيدة الأخطر للمشنوق، وهي قضية الموقوفين الإسلاميين. فالبرغم من أنّ هذا الملف يعود إلى ثماني سنوات سابقة، وتحديداً إلى العام 2007 بعد حرب نهر البارد بين الجيش وتنظيم «فتح الإسلام»، وما بعد ذلك من مواجهات بين القوى الأمنية والإرهابيين، فقد وضع تيار المستقبل كتلة النار هذه بين يدي المشنوق وضغط بشدة عليه حتى كاد يحرقه في الشارع «المستقبلي»، وذلك من خلال حالات التمرّد المتكرّرة التي قام بها الموقوفون في السجن، ومحاولة المشنوق إخمادها إلى أن كانت الحملة الأخيرة لقوى الأمن الداخلي بقيادة وزير الداخلية، حيث تمّ نقل المساجين ذوي الامتيازات الخاصة من الرؤوس الكبيرة في إدارة العمليات الارهابية في الخارج، من المبنى «ب» إلى المبنى «د». ارتفعت بعض الأصوات المعترضة لكنها سكتت فجأة ليتبيّن لاحقاً أنّ هذا الصمت إلى حين، وبالفعل هذا ما ظهر في قضية أشرطة التعدّي على بعض المساجين، والحملة الشرسة التي شنّت على المشنوق، والتي حرّكها ريفي ليلحقه صقوره الشماليون تجريحاً وتهشيماً بزميلهم.
هل المشنوق مسيطر على وزارته وإلى جانبه ريفي الذي كان مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي وأجهزتها المختلفة، وهو الطامح إلى أدوار ومناصب مستقبلية أخرى أكثر من وزارة العدل؟ هل أخطأ المشنوق بحمل حقيبة الداخلية المفخخة؟ أم انها عمادة يدرك المشنوق مخاطرها ويدرك انه لا بدّ منها ليدق باب السراي مشروع رئيس حكومة بعدما وفرت له وزارة الداخلية اللقب الأهمّ من لقب معالي الوزير، وهو لقب نظير الأمير محمد بن نايف في الوزارة، وربما في ولاية العهد «المستقبلية»…