الفلسطينيون يسلّمون الجنائية وثائق عن جرائم «إسرائيل»
شاركت الخارجية الفلسطينية، أمس، بوفد رفيع المستوى للمرة الأولى كدولة طرف في جلسة جمعية الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وقالت وزارة الخارجية في بيان إن دولة فلسطين ستشارك في عملية انتخاب قضاة المحكمة الجنائية الدولية إلى جانب الدول الأعضاء في ميثاق روما، تعزيزاً لعمل المحكمة، ومساهمة في إعلاء العدالة الجنائية الدولية.
كما شددت على العمل مع بلدان المجتمع الدولي من أجل تعزيز نظام قائم على احترام القانون الدولي، وآليات المساءلة لإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب، نحو مجتمع دولي خالٍ من مجرمي الحرب، ومرتكبي الجرائم في حق الإنسانية.
وتشارك الخارجية الفلسطينية في الدورة الـ13 لاجتماع جمعية الدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي من خلال وفد مكون من سفير دولة فلسطين لدى هولندا نبيل أبو زنيد، وعضوية وفد من العلاقات المتعددة الأطراف في وزارة الخارجية.
وقالت البعثة الفلسطينية في هولندا من جهتها، إن السلطة الفلسطينية ستقدم وثائق للمحكمة الجنائية الدولية للمرة الأولى اليوم الخميس تكشف جرائم ارتكبتها «إسرائيل» في الضفة الغربية وخلال حرب غزة عام 2014.
وجاء في البيان أن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي سيعطي ملفين للمدعية العامة في المحكمة فاتو بنسودا.
وقال البيان إن الأوراق الفلسطينية تهدف إلى الإسهام في التحقيق الأولي الذي يشمل الفترة التي تبدأ من 14 حزيران 2014.
وكان محققون من الأمم المتحدة أكدوا، الاثنين الماضي، ارتكاب «إسرائيل» انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي أثناء حرب غزة عام 2014 قد تصل إلى مستوى جرائم حرب.
وقالت رئيسة لجنة التحقيق الأممية ماري مكفاون ديفيز في مؤتمر صحافي إن أطراف النزاع في الحرب على قطاع غزة فشلوا في إجراء تحقيق نزيه وتقديم المسؤولين إلى العدالة. وأضافت أن إفادات الشهود تؤكد ارتكاب جرائم ترتقي إلى جرائم الحرب، مشيرة إلى إبادة أسر عديدة في قطاع غزة. كما أكدت مقتل 551 طفلاً فلسطينياً في غزة خلال الحرب الأخيرة.
وللتذكير فقد أعلن الناطق الرسمي باسم المحكمة الجنائية الدولية فادي العبدالله، في 1 نيسان، خبر انضمام دولة فلسطين رسمياً إلى المحكمة بصفة عضو كامل الحقوق.
وأوضح أن اتفاقية روما التي تعتمد عليها المحكمة في أنشطتها، دخلت بكامل بنودها حيز التنفيذ بالنسبة الى فلسطين، وشملت حقوق وواجبات الدولة العضو.
وكان قرار الأمم المتحدة بقبول فلسطين كعضو في المحكمة صدر في كانون الثاني الماضي، استجابة لطلب فلسطين الذي جاء في إطار حملة دبلوماسية أطلقتها السلطة الفلسطينية لنيل الاعتراف بها دولياً، بعد فشل المفاوضات المباشرة مع «إسرائيل».
وقد أبدت «إسرائيل» منذ البداية معارضة شرسة للفكرة خشية مواجهة مواطنيها بقضايا دولية، وللحيلولة دون تعزيز الوضع الدولي لفلسطين على خلفية هذا النجاح.
وبعد إعلان الفلسطينيين توقيعهم على اتفاقية روما، ردت «إسرئيل» بوقف تحويل أموال الضرائب الفلسطينية إلى رام الله، ما أدى إلى تعميق الأزمة المالية التي تمر بها الضفة الغربية.
لكنها أعلنت أواخر آذار تخليها عن هذا القرار استجابة لتوصيات وزارة الدفاع والقوات المسلحة وجهاز الأمن الداخلي الشاباك ، نظراً الى وجود مخاوف من استمرار زعزعة الاستقرار وموجة جديدة من العنف في الضفة الغربية بسبب الأزمة المالية.
تاريخ المسألة
طرق الفلسطينيون باب المحكمة الجنائية الدولية على مدى سنوات، بهدف إطلاق تحقيق في جرائم الحرب المرتكبة من قبل «إسرائيل» في الأراضي المحتلة.
ففي العام 2009 طلب الفلسطينيون من المحكمة توسيع نطاق قضائها، ليشمل الأراضي الفلسطينية، وذلك لإجراء تحقيق في الجرائم المرتكبة أثناء عملية «الرصاص المصبوب» «الإسرائيلية» في قطاع غزة أواخر عام 2008 وأوائل عام 2009. الطلب الفلسطيني جوبه حينها برفض المحكمة التي اعتبرت أن الوضع القانوني للسلطة الفلسطينية لا يسمح لها بتقديم مثل هذا الطلب.
لكن الوضع تغير في تشرين الثاني عام 2012، عندما نالت السلطة الفلسطينية وضع دولة مراقب غير عضو لدى الأمم المتحدة، ومع ذلك اضطر الفلسطينيون للامتناع عن تقديم طلب الانضمام إلى المحكمة آنذاك، تحت ضغوطات «إسرائيلية» وأميركية.
وبعد فشل مفاوضات التسوية في نيسان عام 2014، والعدوان المسلح على قطاع غزة الذي استمر 50 يوماً، وتوتر العلاقات الأميركية – «الإسرائيلية»، اتجه الفلسطينيون إلى مجلس الأمن الدولي في محاولة لتمرير مشروع قرار دولي يضع جدولاً زمنياً لإنهاء الاحتلال «الإسرائيلي».
وبعد فشل هذه المحاولة، انضمت فلسطين في 1 كانون الثاني إلى اتفاقية روما الخاصة بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية، وتدخل الاتفاقية حيز التطبيق بالنسبة الى فلسطين بعد 3 أشهر، أي في 1 نيسان.
ماذا يعني انضمام فلسطين؟
ينوي الفلسطينيون فور انضمامهم إلى المحكمة رفع قضيتين ضد «إسرائيل»، تتعلق إحداهما بالأنشطة الاستيطانية «الإسرائيلية»، فيما تستهدف الثانية إجراء تحقيق في التصرفات «الإسرائيلية» خلال الحرب الأخيرة على غزة.
وكان الفلسطينيون قد بادروا إلى فتح تحقيق آخر يتعلق بالنزاع في غزة صيف عام 2014. ويتعين على المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا أن تتخذ القرار بإجراء تحقيق كامل النطاق في القضية أو رفض الطلب، وذلك بعد إجراء تحقيق أولي في الوقائع التي قدمها الجانب الفلسطيني.
تجدر الإشارة إلى أن «إسرائيل»، كما الولايات المتحدة، ليست من الدول الموقعة على اتفاقية روما، لكن مواطنيها يمكن أن يواجهوا تهماً بارتكاب جرائم في الأراضي الفلسطينية وأن تتم محاكمتهم في لاهاي.
لكن أي تحقيق سيُطلق بالمحكمة الجنائية الدولية حول مثل هذه الجرائم، سيواجه عدداً من العقبات، ومنها مسألة ترسيم الحدود الدقيقة لدولة فلسطين ووجود قضايا جنائية يجري النظر فيها داخل «إسرائيل» لملاحقة مرتكبي «التجاوزات» خلال العمليات «الإسرائيلية» في الأراضي الفلسطينية.