مركزية إيران في السياسة الشرق أوسطية
ناديا شحادة
بعد الاتفاق الذي وقع بين إيران ومجموعة 5+1 في لوزان والذي سينتهي الى اتفاق شامل في 30 حزيران الجاري وصفه العديد من المحللين والمراقبين بأنه اتفاق تاريخي وانتصار مزدوج للدبلوماسية الاميركية والاوروبية من جانب والدبلوماسية الايرانية من جانب آخر، وبناء على هذا الاتفاق ستكون منطقة الشرق الأوسط على بدايات مرحلة جديدة من العلاقات وتوازنات القوى التي ستؤدي الى تغيير شكل المنطقة ومعادلاتها.
يؤكد المراقبون ان نظاماً جديداً من توازن القوى في المنطقة قيد النشوء وسيكون لإيران دور كبير ستلعبه في الترتيبات الاقليمية المقبلة، هذه الحقائق التي باتت واضحة لدى النخب السياسية الايرانية التي سعت وأكدت من خلال المفاوضات النووية على رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران أولاً والحفاظ على مكاسب البلاد وحقوقها النووية وهذا ما أكده مؤخراً مجلس الشورى الإيراني الذي تبنى قانوناً في 24 من حزيران الجاري يرمي الى الحفاظ على مكاسب البلاد وحقوقها النووية، ويحظر القانون على الوكالة الدولية للطاقة الذرية الوصول الى كافة الوثائق العملية والمواقع ويؤكد القانون ان الإلغاء الكامل للعقوبات يجب ان يتم يوم بدء تطبيق تعهدات إيران في حين ان الغربية تؤيد رفعاً تدريجياً لهذه العقوبات.
هذا القرار الذي جاء بعد قرار الكونغرس في 8 حزيران حيث أقر مجلس الشيوخ الاميركي قانوناً يجبر الرئيس باراك اوباما على احالة أي اتفاق نووي مع إيران إلى الكونغرس لمراجعته وحتى رفضه في تأكيد لدور البرلمانيين في المراقبة.
يؤكد المتابع للمسيرة التفاوضية الماراثونية الاميركية ـ الإيرانية في شأن البرنامج النووي على ان شد وقوننة الاتفاق في الوقت الحالي ما هي إلا لمنع أي التباس، فبوادر التوقيع النهائية جدية وليست للتفجير، ذلك التوقيع الذي سيجعل من إيران دولة مهمة في منطقة الشرق الأوسط وستشكل رقماً صعباً في المعادلة الأمنية الإقليمية لاستقرار المنطقة ونقطة تلاقي الملفات ولا يمكن إهمالها في الترتيبات والادوار الاقليمية الجديدة، وعلى دول العالم التعاطي مع هذا الواقع الجديد انطلاقاً من السعي للحفاظ على الأمن والاستقرار الاقليمي، وبناء عليها جاء اتصال ستيفان دي ميستورا مع مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبد اللهيان، واصفاً له المفاوضات والمشاورات التي أجراها في جنيف مع الاطراف السورية المختلفة ومندوبي الدول بمن فيهم السفير الإيراني بأنها كانت ايجابية وبناءة، وأكد الجانبان أهمية السبل والحلول السياسية لانهاء الازمة السورية.
فإيران التي فرضت نفسها كلاعب اساسي لا يمكن تجاهل دورها أو الاستغناء عنها في ملفات المنطقة التي تشهد تسارعاً تاريخياً، سيقوم المبعوث الخاص للامم المتحدة الى سورية دي ميستورا بزيارة إيران لإجراء المزيد من المشاورات.
فمع السياق المضطرب الذي تشهده منطقة الشرق الاوسط وعودة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الى مركز السياسة الشرق اوسطية وظهرت للامبريالية الأميركية كقوة اقليمية صاعدة، ومع انطلاق مسار جنيف اليمني ومحاولات العرقلة التي شهدها مؤتمر جنيف يبقى السؤال هل سنشهد انطلاق جنيف اليمني والسوري ويتم التسليم بالدور الإيراني في شكل علني بعد فشل كل الحلول؟
سؤال ننتظر اجابته من مجريات الأحداث المقبلة.