ثقافة
بلال شرارة
لأسباب روسية ولأسباب إيرانية ولأسباب تتصل باستراتيجية حزب الله وقوى لبنانية، فإنّ سورية لن تسقط بيد الإرهاب، هذا الأمر أكده الرئيس بوتين على رغم إشارته إلى «دعسة ناقصة هنا أو هناك» و»طعن في الخلف»، كما أكدت الأمر نفسه قيادات إيرانية ولبنانية.
طيّب، سورية لن تسقط أيضاً لأسباب سورية، ولأنّ الحرب مطلوبة حتى آخر سوري وهي الحرب – انتقلت من سورية إلى العراق وإلى حدود لبنان وربما غداً باتجاه حدود جديدة.
الذي تقدّم يطرح سؤال أين «إسرائيل» مما يجري؟ وهي «إسرائيل» تدرّب بعض المعارضة كما كشف ذلك مندوب سورية في الأمم المتحدة بشار الجعفري، وهي «إسرائيل» أعدّت العدة لحرب ضد سورية ولبنان عندما «يستوي» الأطراف، ولكنها تريد أن تعرف ما إذا كان لدى الأطراف مفاجآت.
طبعاً هناك مفاجآت، و»إسرائيل» خلال مناوراتها الأخيرة حسبت حساب تسللنا من الأنفاق نحو المستوطنات، وقصفنا لمنشآت بعيدة، ولكن هل هذا كلّ شيء؟
أنا أزعم أنّ هذا بعض الشيء، ولكن هناك مفاجآت إضافية على رغم أنني لا أعرف. ما أعرفه هو أنّ المفاجأة ثقافية وليست عسكرية.
المفاجأة ثقافية ستكون رداً لأنّ ثقافة الأنظمة السابقة ومعارضتها الرسمية في الصفحات الثقافية للصحف والمفكرين العابرين للحدود والقارات والذين أتاح لهم الفرنكوفون إمكانات استطاعوا أن يصنعوا من خلالها «الإسلام فوبيا» وما زالوا يحاولون إلى اليوم أن يهشّموا آخر صورة للإسلام باعتباره دين محبة وتسامح.
والذين أقصدهم هشموا القصيدة العربية، صنعوا الحداثة المصطنعة وجعلوا القصيدة غير رمزية بل مرمزة… كلمة من هنا وكلمة من هناك… والانتداب الأجنبي الذي انكفأ عن بلادنا عسكرياً وليس فكرياً صنع لنا «آلهة ثقافية، أسماء جذابة».
أقول المفاجأة ثقافية على رغم أنه سقطت بعض دفاعاتنا بالموت الطبيعي، أقصد الشعراء زهير غانم، جوزيف حرب، عبدالرحمن الأبنودي ومحمد الفيتوري ولكن…؟
نحن بمن تبقى وبالشعراء الشباب الناشئين نستطيع أن نصنع مفاجأة ثقافية: مقاومة ثقافية.
صحيح أننا لا نملك إعلاماً مكتوباً أو مسموعاً أو مرئياً، إلا ما ندر عندما توجه لنا دعوة للكتابة أو للقول، ولكن نملك وسائل تواصل اجتماعي وصفحات يتابعها الآلاف على «فايسبوك» و»تويتر» وغيرهما، ولنا أخوة وأصدقاء عرب في كلّ مكان، ونحن بالأمس كنا في مصر، وعلى رغم أنّ الموت المفاجئ غيّب ممثلنا غازي ناصر في القاهرة، فإنني أزعم أنّ أحداً لن يستطيع أن يغلبنا هناك.
فنحن معنا عائلة الابنودي ونوارا أحمد فؤاد نجم والشعراء حسن شهاب الدين، سمير فراج والعشرات من الأصدقاء الكتّاب والأدباء والشعراء، ونحن نزعم أنه معنا في تونس المنصف الزغني، وأننا في الجزائر نقف في صف منصف الوهابي، ولدينا انتشارنا في العراق العزيز والسودان والخليج واليمن والأردن وطبعاً نحن من فلسطين.
أيها السادة، بعد أن استطاعت الثقافة السائدة وبرموزها الفرنكوفونية تشويه الإسلام وتفكيك القصيدة العربية وتفخيخ اللغة هي تنتقل اليوم خلف الادونيسية لتصنع من ذلك إيديولوجيا».
ثقافتنا ببساطة تدعو الى توجيه البنادق كلّ البنادق في الوطن العربي نحو العدو «الاسرائيلي»، وتزعم انّ من كانت «إسرائيل» عدوه فهي عدو كاف ، وتعرف أنّ هدف الثقافة الراهنة هو صرفنا عن وجهة الصراع الأساسية، وصولاً مثلاً الى السلام مقابل ميناء عائم على مياه ضحلة في غزة، ولكن نحن مستمرّون رغم الإرباكات «الإسرائيلية» في فلسطين المحتلة، والإرباكات الناتجة عن سلطتين في فلسطين، ورغم التوترات في مخيّمات لبنان وما جرى لمخيّمات سورية من دمار وتفجير وما تعدّه المعسكرات الأميركية للأردن.
طيّب، إذا كان العدو من أمامنا… فلنحرق سفن الفتنة الثقافية ونقاتل عدوّنا في أنفسنا وأمامنا.