لافروف يؤكد استعداد موسكو لشراكة مع بوروشينكو
قال دميتري بيسكوف السكرتير الصحافي للرئيس الروسي إنه «من السابق لأوانه الحديث عن لقاء الرئيس فلاديمير بوتين مع الفائز في الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا بيوتر بوروشينكو»، مشيراً إلى أن الرئيس بوتين قد حدد موقفه من الانتخابات الأوكرانية بوضوح، قائلاً: «إن موسكو ستحترم خيار الشعب الأوكراني وستتعاون مع هيئات السلطة التي يتم تشكيلها».
وعبّر بوتين عن أمله «بوقف الأعمال العسكرية في شرق البلاد بعد الانتخابات، وبدء الحوار بين السلطات الأوكرانية الجديدة والمواطنين».
جاء ذلك في وقت أفاد عمدة مدينة دونيتسك ألكسندر لوكيانتشينكو «عن توصّل العسكريين الأوكرانيين وقوات الدفاع الشعبي في المدينة إلى هدنة موقتة»، مشيراً الى أن «كلا الطرفين بادر إلى الهدنة»، وأضاف: «إن عدداً من المنشآت المتضررة خلال المعارك الليلية تم ترميمها».
وكان مسؤول عن عمليات الجيش الأوكراني في جنوب شرق البلاد قد هدّد سابقاً مقاتلي الدفاع الشعبي في دونيتسك بالقضاء عليهم بواسطة «سلاح خاص فائق الدقة» في حال رفضهم تسليم أنفسهم ونزع اسلحتهم.
وكان رئيس وزراء «جمهورية دونيتسك الشعبية» ألكسندر بوروداي أكد في وقت سابق «مقتل حوالى مئة عنصر من وحدات الدفاع الشعبي في الاشتباكات مع القوات الأوكرانية في مدينة دونيتسك».
وفي هذا السياق، أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة الأوكرانية أليكسي دميتراشكوفسكي «عن تواصل عملية الجيش في مناطق جنوب شرقي أوكرانيا». وأوضح: «أن العملية في دونيتسك ستستمر حتى القضاء على قوات جمهورية دونيتسك الشعبية أو استسلامها».
وأضاف المتحدث «أنه قتل في المعارك ما لا يقل عن 200 شخص من أفراد قوات الدفاع الشعبي في دونيتسك». وكان الجيش الأوكراني قد استخدم مروحيات ومقاتلات في المعارك التي جرت في المطار ومحيط المدينة.
وأعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن قلقه البالغ إزاء تكثيف العملية العسكرية التي تجريها كييف شرق البلاد ضد المحتجين المطالبين بالفيديرالية.
وأكد لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي أحمد داود أوغلو أمس «أن بلاده تحترم إرادة الشعب الأوكراني التي أعرب عنها خلال الانتخابات الرئاسية الأحد الماضي»، لكنه شدد على «ضرورة إيقاف كل أعمال العنف فوراً».
واعتبر لافروف أن إيقاف إراقة الدماء في شرق البلاد والتخلي عن استخدام الجيش ضد السكان هو «المهمة رقم 1 بالنسبة الى سلطات كييف واختبار لمتانتها». وقال الوزير الروسي «الانتخابات أجريت ونحن نحترم إرادة الشعب في أوكرانيا، لكننا نرى ضرورة ملحة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في جنيف وهو وقف إية أعمال عنف». وأردف: «نحن قلقون للغاية ليس من إجراء الانتخابات على خلفية استمرار العمليات القتالية فحسب، بل وأيضاً من إعطاء الأوامر بتكثيف ما يطلق عليه «عملية مكافحة الإرهاب» فور انتهاء الانتخابات».
وذكر لافروف أن الفائز في الانتخابات الرئاسية بيوتر بوروشينكو تعهد في تصريحاته الأخيرة بتوحيد البلاد وبأن «يقوم بأول زيارة له بعد مراسم التنصيب إلى منطقة دونباس»، كما أنه دعا إلى «إنهاء العملية العسكرية في شرق البلاد بشكل عاجل، ولكن عبر تكثيف هذه العملية».
وشدد لافروف على أنه إذا كان بوروشينكو «يراهن على قيام المتطرفين الموالين لكييف والجيش بقمع الاحتجاجات شرق البلاد قبل مراسم التنصيب، فإن ذلك لن يوفر الظروف الملائمة لزيارته إلى المنطقة». كما أكد ضرورة إجراء إصلاح دستوري في أوكرانيا «يعكس التطلعات الشرعية والمصالح لجميع الفرق السياسية والإثنية والطائفية في البلاد».
ودعا لافروف كييف الى «تطبيق خريطة الطريق التي اقترحتها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لتسوية الأزمة»، معيداً الى الأذهان أن هذه الوثيقة تنص أيضاً على العفو عن المشاركين في الاحتجاجات الشعبية والتعامل مع تلك الاحتجاجات في شكل سلمي.
وأعاد الوزير الروسي إلى الأذهان أن القانون الوحيد في شأن العفو الذي أقره البرلمان الأوكراني أخيراً، يشمل فقط مرتكبي الجرائم الجنائية بشرط انضمامهم إلى صفوف الجيش والحرس الوطني الذين يحاربون أنصار الفيديرالية في شرق البلاد، داعياً لجنة البندقية والهيئات الحقوقية الدولية الأخرى إلى تقديم تقييم قانوني لهذا التشريع.
وأكد لافروف أن موسكو «ستكون شريكاً أميناً وجدياً لبوروشينكو في حال تمكن من بدء حوار حقيقي شامل داخل البلاد. وأعاد إلى الأذهان أن المراقبين الدوليين الذين أشرفوا على سير الانتخابات دعوا بوروشينكو أيضاً الى بدء الحوار والتخلي عن استخدام الألفاظ على غرار «الإرهابيين» و»الانفصاليين» تجاه المحتجين في جنوب شرق البلاد. وقال: «نأمل في أن يعمل لصالح الشعب الأوكراني بأكمله. وفي هذه الحال سنكون شريكاً جدياً وأميناً له».
وأضاف لافروف إن «موسكو تنتظر من كييف اتخاذ خطوات عملية لتنفيذ تعهداتها في شأن إجراء تحقيق دولي في الجرائم المرتكبة في البلاد، بما فيها مأساة أوديسا، حيث قتل العشرات من أنصار الفيديرالية، ومقتل متظاهرين في ميدان الاستقلال في كييف على أيدي قناصة في شباط الماضي.
وذكر الوزير أن بوروشينكو قال في مقابلة أدلى بها أمس، إنه «مهتم بإجراء تحقيق دولي في أحداث أوديسا يوم 2 أيار، عندما لقي حوالى 50 شخصاً مصرعهم بعد هجوم موالين لكييف على مخيم الاحتجاج التابع لأنصار الفيديرالية، وفي الحريق الذي نشب في مبنى النقابات المجاور». وتابع: «إن بوروشينكو تحدث عن إمكانية دعوة خبراء من روسيا وألمانيا للمشاركة في التحقيق»، مذكراً بتعهدات مماثلة أعطتها كييف سابقاً، «عندما وعدت بدعوة خبراء من «إسرائيل» لدعم التحقيق في قضية القناصة في كييف».
إلى ذلك، دعا مندوب روسيا في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أندريه كيلين إلى الإفراج الفوري عن أعضاء فريق المراقبين التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والذي اختطف من قبل مجهولين قرب دونيتسك. وقال الدبلوماسي الروسي إنه «ينبغي عدم أخذ المراقبين كرهائن، يجب تحريرهم».
وكانت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا قد أعلنت فقدان الاتصال مع فريق من مراقبيها في ضواحي دونيتسك، مشيرة إلى أنها «لا تملك أية معلومات عن الجهة التي اختطفتهم». وأكدت المنظمة أنها «فقدت الاتصال بفريق من مراقبيها مكوّن من أربعة أشخاص يوم أمس الاثنين، بعد قيامهم بدورية روتينية في دونيتسك». وأضافت المنظمة التي لم تكشف عن جنسية أعضاء الفريق، «أنها لم تتوصل إلى أية معلومات تفيد بمكان تواجد الأعضاء الأربعة».
وفي هذا السياق، لم يستبعد أحد قادة «جمهورية دونيتسك الشعبية» ميروسلاف ميرونوف ضلوع مسلحين تابعين لزعيم الحزب الراديكالي الأوكراني أوليغ لاشكو أحد المرشحين السابقين لرئاسة البلاد في اختطاف مراقبي منظمة الأمن والتعاون الأجانب.