ماذا يستطيع المغتربون السوريون؟ نحو مؤتمر اغترابي في دمشق

تامر بلبيسي

لا ينفصل الإنجاز الذي تحققه سورية الوطن، دولة وجيشاً وشعباً، عن جهود جبارة قام بها السوريون، مقيمين ومغتربين، والمنطقي أن يكتب للمقيمين فضل وأجر مضاعفان، لأنّ البقاء في الوطن وحده مساهمة في بقائه وصموده، فيكفي تحمّل أهوال الحرب وأخطارها وضيق ذات اليد وتعطل الكثير من مرافق الخدمات وتراجع عائدات الاقتصاد كتضحيات يُحسب تحمّلها لكلّ من قرّر البقاء في الوطن، وكذلك يُحسب للمغتربين الذين لم يهاجروا هرباً من الأزمة ولا قرّروا المغادرة في زمن الحرب، بل سبق وعذبتهم لقمة العيش والبحث عن مصدر الرزق بالغربة، فكانوا يكدّون ويجدّون لبناء نجاحهم في ظروف من القسوة والمعاناة، وهم يحسدون أبناء وطنهم على قربهم من الأرض التي يعشقونها وترابها ومناخها وأمانها وخدماتها وظروف العيش الطيب، التي كان العالم كله يحسد السوريين عليها، يُحسب لهؤلاء المغتربين أنهم أظهروا في هذه المحنة الوفاء للوطن والغيرة عليه.

المغتربون السوريون أظهروا وطنية عالية لا يمكن إغفالها ولا إنكارها، بل تستدعي أن يتباهى بها كلّ مقيم وكلّ مغترب، فعلى رغم ضراوة الحملات الإعلامية لتشويه صورة بلدهم وتقديم روايات مفبركة عما يجري فيه، وعلى رغم ما تعرّض له الكثيرون منهم من تضييق في البلدان التي يقيمون فيها، والتي كانت غالباً ضمن موجة عالمية عربية لمحاصرة سورية تشجع من يقف ضدّ بلده وتحاصر أيّ صوت سوري يريد أن يقف مع سورية الوطن والدولة والجيش والرئيس.

وقف المغتربون في أنحاء الأرض، ويعرف كلّ متابع صادق ومنصف من غير السوريين، أنّ نسبة السوريين في الخارج التي تقف مع الدولة والرئيس والجيش تعادل في أسوأ الأحوال وأصعبها ضعفي الذين يقفون على ضفة المعارضة، وأنّ درجة الحيوية والنشاط التي كان يظهرها المعارضون في بداية الأزمة عندما كان كلّ سوري طبيعي غير مبرمج أو غير مدفوع للتحرك لا يزال يعيش حال الذهول محاولاً فهم ما يجري، قد انقلبت تدريجياً إلى حدّ بات يمكن القول اليوم إنّ الساحات والميادين تكاد لا تشهد إلا تحركات وأنشطة للسوريين المناصرين لدولتهم وجيشهم ورئيسهم، وتكاد المؤسسات الدولية والإقليمية والمحلية في كلّ بلد من بلدان الاغتراب تفتقد إلى وفد أو بيان من جهة معارضة مقابل تدفق لا يتوقف مصدره من المغتربين القلقين على دولتهم ووطنهم مما فعلته أيدي هؤلاء المعارضين بتسليم مستقبل سورية للإرهاب العابث بوحدة التراب ومستقبل الشعب.

الذي يريد أن يملك جواباً على سؤال ماذا يريد السوريون، لا يحتاج إلى مناقشة مدى صدقية ونزاهة الانتخابات التي شهدتها سورية خلال الأزمة على المستويين الرئاسي والبرلماني، وهذا نقاش لا ينتهي، بل يكفي أن يتطلع إلى الاغتراب ونسب توزّع المغتربين حتى يعرف ان استفتاء يومياً يجريه السوريون على خياراتهم يفوز فيه بصورة كاسحة كلّ يوم مناصرو الدولة والجيش والرئيس.

فوق ذلك لم يتردّد المغتربون على مستواهم كأفراد وجاليات عن التفكير بمبادرات مختلفة ومتعدّدة، سواء في جمع التبرّعات لمساعدة الذين هجرتهم الحرب، أو بتقديم الأدوية والمعدات الطبية للمستشفيات أو تقديم العون لجمعيات أهلية ترعى مبادرات التآخي والتضامن بين المواطنين داخل الوطن.

اليوم ومع تبلور الوعي الاغترابي نحو المسؤولية تجاه الوطن يتساءل المغتربون في مختلف بلدان الاغتراب عما يمكنهم فعله للمساهمة في خلاص وطنهم وتقديم يد العون له لعبور هذه المحنة القاسية وما تبقى من النفق المظلم الذي تعبره سورية نحو ملاقاة النور.

البداية تشاور فاعليات الجاليات السورية كلّ على مستوى بلد من بلدان الاغتراب لاختيار عدد لا يتجاوز العشرة منهم للتشارك مع من يجري اختيارهم في البلدان الأخرى لعقد مؤتمؤ للمغتربين السوريين في دمشق بإشراف وزارة الخارجية والمغتربين وتحت قيادتها للإجابة عن سؤال: ماذا يستطيع المغتربون السوريون ببرنامج عمل.

نرغب ان يعقد هذا المؤتمر خلال هذا الصيف وهو مناسبة يجدها المغتربون عموماً وقتاً مواتياً لزيارة سورية.

مغترب سوري في الكويت

رئيس مجلس إدارة قناة «زنوبيا» الفضائية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى